ظهرت في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير الميليشيات الإلكترونية لجماعة الإخوان المسلمين، وتزايدت حدتها عقب فوز الدكتور مرسي برئاسة الجمهورية، ولم تكتف الجماعة التي تحشدها في الانتخابات أو المظاهرات.فلم يتقبل الإخوان المسلمون الرأي الآخر، حيث بدأوا في الهجوم علي كل من يعارضهم في الرأي سواء بخصوص أدائهم أو حتي سيطرتهم علي الساحة السياسية كافة، مستخدما نفس أساليب الكبت والإرهاب التي كان يستخدمها النظام السابق، وهو ما كان يتبعه أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل، عندما قام بعمل الآلاف من الإيميلات والأكونتات علي الفيس بوك، لتوجيه الرأي العام لاتجاهات معينة بما يخدم مصلحة النظام، وهو الأسلوب والنهج نفسه الذي يسير عليه النظام الحالي. ولم يقتصر النقد من الإخوان لمعارضيهم علي النقد اللاذع فقط، بل تطور الأمر إلي ما هو أبعد بكثير، حيث تم تكفير البعض من المعارضين، وتشويه صورة البعض الآخر واتهامهم بتهم تمس الأعراض والأخلاق. وقد بدأت هذه السياسة الهجومية من قبل الجماعة، من بعد تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة، في محاولة منهم للإطاحة بكل من يعارضهم أو يقف في طريقهم. كما قاموا بسرقة صفحات معارضيهم لمحو ما بها من تصريحات أو نقد يمسهم، وهناك بعض المواقع والتي تحمل مقالات أو آراء ضدهم تم غلقها، فحين تحاول الدخول لها تظهر لك صفحة مكتوب بها 'نأسف قد تم حجب هذه الصفحة'. ولم يتوقف دور تلك اللجان عند ذلك الحد حيث تقوم بدور آخر وهو حشد وتوجيه الرأي العام لاتجاهات معينة، وذلك عندما يقوم الأدمن بوضع بوست يكون هناك أشخاص جاهزون لكتابة التعليقات وعمل لايك لحشد الرأي العام تجاه فكرة معينة. ومن أشهر الصفحات الإخوانية علي فيس بوك هي: 'كلنا خالد سعيد'، 'صوت علي إعدام حسني مبارك'، 'وآخر أخبار ميدان التحرير'. وهناك بعض الأقاويل التي تؤكد أن مقر جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم به دور كامل يسمي باللجان الإلكترونية. ومن أبرز الاتهامات التي توجه بها الإخوان، اتهام الدكتور عصام العريان لليساريين بأنهم معادون للدين، كما أنهم يتلقون تمويلًا أجنبيًا، رغم أن المشكلة الأساسية لليسار هي ضعف الإمكانيات المادية. كما شنت الجماعة، هجومًا حادًّا علي المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، متهمين إياه بتحريض الأقباط ضدهم، وإثارة النعرات الطائفية بهدف كسب أصواتهم في الانتخابات البرلمانية القادمة، وذلك بعد عقده عدة ندوات داخل الكنائس ولقائه بقيادات قبطية، بعدما كان يرفض استخدام دور العبادة في السياسة. وشككت الجماعة في أفكار واتجاهات الدكتور رفعت السعيد وقالت عنه إنه حبيس إطار أيديولوجي عفي عليه الزمن ولم يعد له وجود، هو الفكر الماركسي الكاره للأديان، والغرابة أن واقعه العملي يناقض هذا الفكر فرغم الكره للأديان إلا أنه يستغل المسيحيين، ويستثمر بعض التوهمات في تأجيج مشاعر الفرقة والتشرذم. وتطاول الإخوان عليه حيث نادوه يهادم حزب التجمع الذي أصبح برجوازيًّا بعد أن كان من محاربي البرجوازية 'الطبقة المسيطرة والحاكمة في المجتمع الرأسمالي، وتساءلوا أين البروليتاريا 'العمال والفلاحون' التي من المفترض أنه ينادي بها؟، أم انها وهم من أوهامه؟ واتهموه هو والحزب بأنهم رغم وجودهما في الحياة السياسية منذ عقود، إلا أنهما لم يقدما للشعب سوي الصمت علي الفساد وعلي إهانته، بل المشاركة في تأسيس وتقنين دولة الفساد العميقة. ودخل تعامل الإخوان ومحبيهم مع تصريحات النائب محمد أبو حامد العضو السابق بمجلس الشعب منعطفًا جديدًا، فبعد أن كان هذا التعامل يتصف بالهجوم عليه والحدة في الرد بعد أي تصريحات تنتقدهم، أصبح الآن تعاملًا بسخرية ومرح وفيديوهات وكاريكاتيرات وكأنهم رفعوا شعار 'ليس علي أبو حامد حرج' وخاصة بعد تصريحه الأخير، 'أسلحة ليبيا بتروح فين'، وجاء ذلك بعد أن كان يتحدث عن عزم الإخوان الاستحواذ علي السلطة بأي شكل. وقد جاء علي صفحة 'انت عيل إخوانجي' والخاصة بشباب ومحبي الإخوان ردود أفعالهم عن تصريحات أبوحامد، ومنها 'لو الإخوان استولت علي سلاح من ليبيا.. يبقي أبو حامد استولي علي هبل القذافي'، 'أبو حامد يعثر علي دليل تورط الإخوان في جمع السلاح، السيفين اللي علي علم الإخوان'. وغيرها الكثير من الردود التي تستهزئ بالرأي الآخر. ولم يتوقف الإخوان عند حد اتهام معارضيهم السياسين فقط، بل امتد إلي الأمر إلي الفنانين وعلماء الأزهر الذين لهم رأي يخالفهم، مثل ما حدث مع الفنانة إلهام شاهين من مشاهد هجوم عنيفة من أحد الشيوخ، وزاد الهجوم عليها من قبل تلك اللجان علي الفيس بوك وتويتر عقب ظهورها مع الإعلامية هالة سرحان في برنامجها، وذلك عقب إهانتها من أحد الشيوخ المغمورين ووصفها بأفظع الأوصاف. فعقب انتهاء البرنامج قامت تلك اللجان بشن هجوم عنيف عليها ووصفها بالزانية والمتبرجة، إلي جانب أفظع الألفاظ التي لا نستطيع كتابتها، ولم تسلم منهم أيضًا الدكتورة هالة سرحان، حيث تم شن هجوم آخر عليها لمجرد أنها قامت باستضافة إلهام شاهين. كما قاموا بمهاجمة الدكتور عبدلله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر لمجرد أنه قام بتبرئة إلهام شاهين من تهمة الزني. فالأمثلة كثيرة لضحايا تلك الميليشيات، فمثلًا ما تعرض له الكاتب الصحفي مصطفي بكري من تعليقات تهكمية ومهاجمة شرسة لمجرد أنه قال: 'إن احتفاظ الرئيس بالتشريع اعتداء علي دستور أقسم علي حمايته'. إلي جانب ما تقوم به تلك الميليشيات من عمليات قرصنة واختراق لصفحات المشاهير، وهو ما حدث للكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل، حيث ظهر علي صفحته في الفيس بوك آراء مساندة لجماعة الإخوان المسلمين، رغم أن مقالاته كلها وآراءه ضد الجماعة. وعلق الدكتور سامي الشريف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة علي ما يفعله الإخوان بمعارضيهم قائلًا إن المتابع للأحداث السياسية يري أنه لا احترام للرأي ولا تقبل للآخر، وهناك نوع من التحزب للرأي ورفض فكرة الخلاف فيه، وقال: الإخوان ليسوا هم فقط الذين لا يحترمون الآخر، بل إن كل القوي السياسية تتعامل بنفس المنطق ويحدث ذلك في الصحافة وبرامج التوك شو، ولا نري سوي البروز الواضح للصراعات الذي تتمثل في صراع الديكة. ودعا 'الشريف' كل القوي السياسية إلي تقبل الرأي الآخر، وتحمل هذه الآراء لأن هذا من صحيح الدعوة الإسلامية. وأكد أنه يجب علينا أن نزيد في الفترة المقبلة من الاهتمام بالشعارات التي تبث روح تقبل الآخر، مثل 'اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية'، 'الرأي الصحيح قد يخطئ والرأي الخطأ قد يصح'، لأن هذا هو ما يعبر عن الديمقراطية الحقة، فهي التي أتت بالإخوان وعلينا احترامها وعلي الأغلبية المتمثلة في الإخوان أن تحترم الآخرين، مشيرًا إلي أن المأساة التي عاشها الإخوان أيام النظام السابق من المفترض ألا يكرروها مع معارضيهم كما كان يحدث معهم.