يشهد الواقع السياحي العربي متغيرات وتحديات عديدة تكاد تصل إلي درجة الإحباط أو علي الأقل يأس بعض العاملين والمستثمرين من تغيير الواقع المرير. وتعددت التحديات لتصبح عائقا شديد الخطورة يحول بين التنمية السياحية المرجوة وبين الخطوات الفعالة التي تتخذها الدول والحكومات للتصدي لتلك المخاطر والتحديات. ولعل أبرز تلك المخاطر يتضح في تفشي ظاهرة الإرهاب، وتحولها خلال العقدين الأخيرين إلي ظاهرة عالمية،قادرة علي الوصول إلي قلب العواصم الأوروبية،وتوجيه عدة ضربات هنا وهناك بغية تصدير الخوف والقلق لكل من يفكر في السفر والترحال. والدول مجتمعة (عدا بعض الدول المارقة والتي تدعم الإرهاب سرا وجهرا) قد إستفزتها الحركات الإرهابية ونالت من هيبتها أمام مواطنيها فسعت إلي محاولة التوحد للقضاء علي هذه الظاهرة الخطيرة. في منطقتنا (والتي يعلم القاصي والداني أنها أصبحت أكثر البؤر تصديرا للارهاب) تنامي وتعاظم تلك الظاهرة لم يكن أبدا حائلا أمام الحكومات لتقوم بتكثيف أنشطتها التسويقية المتعلقة بالسياحة. يلاحظ المتابع والمهتم بالشأن السياحي أن الحكومات العربية تصدت بقوة وحزم لكل الظواهر الإرهابية، وحققت نجاحات مبشرة،ولعل التجربة المصرية أبرز مثال علي ذلك،حيث إستطاعت مصر في غضون شهور قليلة أن تحاصر الإرهاب وتشرذمه في بقعة صغيرة في سيناء،ويعتقد المحللون أن الجيش المصري ليس أمامه سوي شهور قليلة للقضاء تماما علي البؤر الإرهابية في سيناء. من الأمور اللافتة للنظر أنه وبرغم كل التحديات التي تعانيها منطقتنا العربية إلا أن قطاع عريض من السائحين مازالوا يفدون إلي كافة أقطار الوطن العربي،غير عابئين بما ينقله الإعلام الغربي من صورة سلبية عن الأوضاع في المنطقة. هنا لابد لنا أن نسجل ملحوظتين في غاية الاهمية: الأولي:هي حدوث نسبة نمو في السياحة الوافدة إلي الأقطار العربية(دول الخليج والمملكة المغربية)رغم كل ما تعانيه المنطقة،وهذا يعود في تقديري إلي قوة الآلة التسويقية العربية وبخاصة في دول الخليج العربي. توفر الرغبة والإستقرار ورؤوس الأموال من أهم المقومات التي توفرت وساعدت دول الخليج العربي علي التركيز في خططها التنموية علي إختلاف أشكالها. ثانيا:تغير مزاج المواطن الأوروبي الذي أصبح أكثر جرأة عن ذي قبل،وأصبح لديه الوعي والفهم الكاملين بأن كثيرا من وسائل الإعلام لا تتبني رؤية محايدة فيما تبثه من أخبار تتعلق بمنطقتنا العربية. هناك نجاح آخر تحقق وهو تحفيز وفتح الأسواق الجديدة وأهمها بالطبع السوق الصينية، التي أصبحت الأمل الأخير لدولة مثل مصر لتعويض توقف السياحة الروسية. كما أن المسوق السياحي العربي إستطاع إختراق أسواق أخري واعدة كانت مهملة في الماضي، وتمكن من إقناع المسؤولين في بعض تلك الأسواق بتوفر عنصري الأمن والأمان لمواطنيهم،فتم فتح نوافذ جديدة للسياحة الوافدة إلي أقطارنا العربية. التحالف التسويقي العربي هو أحد الحلول المطروحة لمحاولة تحفيز الأسواق وتبني عدة أطروحات من شأنها النهوض بالقطاع كتحفيز التأشيرة الإلكترونية ودعم الطيران الإقتصادي.وتعد دولة الإمارات من أكثر دول المنطقة تحفيزا للطيران الاقتصادي وتتبني دولة الإمارات سياسة مرنة تجاه كل معطيات القطاع السياحي. وتجارب الإمارات والكويت في تحفيز القطاع السياحي جديرة بالإحترام والمتابعة،حيث إستطاعا تقديم نموذج لصناعة الحدث جدير بأن يحتذي. القطاع السياحي في غالب الأحوال يتسم بالمرونة،ولكن مازال المستثمر وخاصة الأوروبي لديه تخوفات وتحفظات،منشئها وسببها الرئيسي تنامي ظاهرة الإرهاب. التحديات الجيوسياسية تعوق النمو السياحي،ولكن لابد من توافق إقليمي حول أهمية السياحة،ولابد من إزالة كافة العوائق الجمركية والسياسية والجغرافية بين البلدان العربية حتي يحدث النمو السياحي الذي نسعي إليه جميعا. حفظ الله مصر جيشا وشعبا