يسيطر القلق والخوف على جميع الأسر المصرية بالتزامن مع بدء امتحانات الثانوية العامة التي يراها الناس تحديد مصير الطالب والخطوة التي تقف عندها أحلامه، وتعلن البيوت المصرية حالة الطوارئ استعداداً لها بعدم الخروج من المنزل وانقطاع الزيارات العائلية والمذاكرة ليل نهار، لنتفاجئ بأن بعض الطلاب والطالبات أقبلن على "الانتحار" حتى قبل بداية الامتحانات، وبدأنا نتساءل عن الظاهرة وأسبابها وكيفية القضاء عليها حيث أن حياة الأبناء أهم من نتيجة الثانوية العامة. قالت الدكتورة ابتسام مرسي، مدرس علم الاجتماع بجامعة الأزهر، ل"الأسبوع" أن السبب وراء هذه الظاهرة هي "الشحن الأسري" حيث تزرع الأسرة داخل الطالب منذ صغره أن الثانوية العامة تحدد مستقبله ومصيره، فيكون الطالب داخل ضغط عصبي يتركز في مرحلة الثانوية ويرتقب هذه المرحلة ويصل لها وهو منهار نفسياً، وعندما يدخل الثانوية ويتعرض لأي صدمة كامتحان مادة صعب أو امتحان خارج عن قدراته فيشعر بأن حلم حياته انتهى وأصبح بلا فائدة لأنه تربى على ذلك، مضيفة أننا نفتقد إلى فكرة البدائل بأن نعطي للطالب بدائل حسب الأحداث المتوقعة فيعرف الطالب أنه يستطيع النجاح في أي مجال وأي كلية تتناسب مع قدراته، وأنه ليس لدينا سيناريوهات متعددة فنبرمج الطالب على سيناريو وحيد لا يخرج عنه، فعندما يجد أنه لا يستطيع تحقيقه ويشعر بالفشل يرى أن حياته لا قيمة لها فيفكر في الانتحار ونكون نحن السبب في ذلك نظراً للأفكار التي نزرعها داخله منذ الصغر وعدم وجود فكرة البدائل. ومن جانبها أكد الدكتور خالد صقر، أخصائي الصحة النفسية، أن الأسباب النفسية لظاهر الانتحارلطلاب الثانوية العامة متعددة لكن أهمها: الضغط النفسي للطالب والأسرة، مؤكداً أن دراسة وزراة الصحة على الطلاب كشفت عن أن 30% منهم لديهم أعراض مشكلات نفسية و21% حاولوا الانتحار و10% لجأوا إلى التدخين وتناول المخدرات و8% لديهم قلق و17% لديهم توتر و14% لديهم اكتئاب، أيضاً صعوبة المناهج الدراسية التي تحتاج إلى تطوير وتعتمد على التلقين والحفظ مما يشعر الطالب باليأس والإحباط، كما أن الجو التعليمي الحالي غير مهيأ لاتمام العملية التعليمية العدد بشكل صحيح فيلجأ إلى الدروس الخصوصية التي تزيد من الضغوط النفسية عليه، بالإضافة إلى الصورة الذهنية التي تتكون داخل كل طالب بأن الثانوية العامة وحدها هي المستقبل والواجهة الاجتماعية مما يصيبه بالقلق والتوتر وقلة التركيز والهذيان. وينصح صقر بأن توفر الأسرة للطالب قبل الامتحانات بأسبوع جو الرفاهية والراحة النفسية عكس ما يحدث بأن يغلق الأبواب على الطالب قبل الامتحانات بشهر أو اثنين تجنباً للأمراض النفسية التي قد تصيب الطالب حتى لو التحق بالكلية التي يرغبها، وأن يساعد الوالدان الطالب في تقبل الثانوية العامة كأي سنة دراسية وأنه يستطيع تحقيق نجاح في أي كلية يلتحق بها.