نائب محافظ الجيزة يزور مطرانية الأقباط الأرثوذكس بطموه للتهنئة بعيد القيامة المجيد    شاهد| قوات الاحتلال تطلق النار على شخصين حاولا الخروج من ركام منزل مدمر في طولكرم    الإصابة تبعد لاعب بايرن ميونخ عن مباراة ريال مدريد في إياب الأبطال    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. العدوان الفرنسي الجائر علي سوريا
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 04 - 2018

منذ أن بدأت الأزمة السورية مذ اندلاع ثورتها عام 2011وتحول تلك الثورة عن مسارها الصحيح بدخولها نفق المخططات الصهيونية الأمريكية الغربية إلى نفق طويل مجهول مشوب بالخراب والدمار، والقتل وتهجير أبناء سوريا، واستهداف تلك القوي للجيش السوري وكافة مؤسسات ومقدرات الدولة السورية وتكالب الدول الغاشمة علي أرضها مصحوبين بجبابرة الإرهاب وميلشياته من كل حدب وصوب للعمل علي خراب كل شبر فى سوريا، وإفشالهم كافة الحلول السلمية وفق مخططات الغرب داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها من ممارسات الفبركة والأكاذيب لاستباحة الأرض السورية، ومع دخول روسا إلي هذا الصراع عام 2015 لمساندة النظام والجيش السوري حدث تغييرا كبيرا في موازين القوي لصالح النظام السوري ، وقد تجلي ذلك فى نجاح الجيش السوري من بسط السيطرة تدريجيا على أرضه وطرده للجماعات الإرهابية والانتصار عليها وإفشال الكثير من المخططات الغربية والإقليمية وكان آخرها تحرير الغوطة الشرقية وطرد الجماعات المسلحة وتطهير دوما من جيش الإسلام وبداية عهد جديد بعودة السوريين إلي مدنهم وقراهم ، الأمر الذي اغضب الغرب وأمريكا ليبدأ فصل جديد من فصول التآمر والخيانة بتوجيه الاتهام للنظام السوري وحلفائه باستخدام الأسلحة الكيمائية فى مدينة دوما السورية كذريعة باطلة لإفشال الأمل وطول أمد الأزمة بضرب سوريا بالصواريخ الموجهة فجر السبت الماضي من جانب أمريكا وفرنسا وبريطانيا بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية وبدون انتظار لنتائج وتحقيق لجنة الأسلحة الكيمائية ،والصادم في تلك الأزمة وتداعياتها الدولية هو غرابة الموقف الفرنسي لتحمس رئيسها ايمانويل ماكرون لتأييد القرارات الأمريكية وانفتاحه فجأة وتأييده الامحدود للرئيس الأمريكي ترامب، وتأييده لشن الضربات علي سوريا بالتنسيق مع ببريطانيا وبمساعدة من قطر وإسرائيل وتركيا دون معرفة الأسباب الحقيقة لهذا لحماس الفرنسي تجاه العدوان على سوريا بمساعدة من الإعلام الأمريكي والغربي المضخم للإحداث والمساعد علي نشر الأكاذيب لتبرير الهجوم، ولإقناع المجتمع الدولي ومؤسساته الدولية زورا وبهتانا بشرعية الضربات وإسكات الحق، الأمر الذي يدفعنا إلي البحث عن تلك الأسباب التي أدت إلي هذا التحالف لموقف فرنسا الذي كان مغايرا عن ذلك أبان غزو أمريكا وبريطانيا للعراق عام 2003، وعن العلاقات التاريخية لفرنسا مع سوريا والتي كان من المفترض أن تكون فرنسا مع سوريا لا عليها ؟.
العلاقة التاريخية بين فرنسا وسوريا
ظلت سوريا ولبنان من أهم البلدان التي تهتم بها فرنسا بلا منازع ،ويرجع ذلك إلى التاريخ الاستعماري لفرنسا لكلا البلدين منذ عام 1920 بعد معركة ميسلون ، حتى أقرت عصبة الأمم الانتداب الفرنسي رسمياً على سوريا عام 1922م ، فقد كانت سوريا خاضعة لحكم الدولة العثمانية تلك الدولة التي ضعفت وتهاوت منذ الحرب العالمية الأولي عام 1916 ،ومع مرور الوقت فقد وضحت النوايا الاستعمارية الغربية بالمنطقة وتحولت معاهدة سايكس بيكو لمسارها الخفي وهو تشكيل دولة يهودية في الأراضي المقدسة كانت لفرنسا وبريطانيا الدور الأكبر في إثارة الأزمات والتقسيمات ورسم حدود المنطقة بعد سقوط الخلافة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 ميلادي وليتم تقسيم إرث الدولة العثمانية فيما بينهما علي حساب خراب المنطقة وتقسيمها، الأمر الذي مهد لتكالب الدول الاستعمارية على البلدان العربية بعد التمهيد للانتداب الفرنسي على سوريا منذ أن هزمت قوات سوريا الضعيفة التسليح والعدد في معركة ميسلون في 24 تموز عام علي يد الفرنسيين عام1920 ومن ثم تقسيم سوريا وإخضاعها للحكم المباشر من جانب المندوب السامي الفرنسي، لتصبح الفرنسية اللغة الرسمية للدولة السورية إلى جانب العربية وارتباط الحركة الثقافية والهجرة من جانب السوريين واللبنانيين بفرنسا ،وبتفاعل العادات والثقافات بين البلدين، وقد ترك الفرنسيون آثارهم على التنظيم الإداري والعسكري السوري الذي تأثر لاحقًا خلال عهد الجمهورية الثانية بالتنظيم السوفيتي خلال فترة الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما تركوا آثارًا واضحة في تخطيط المدن السورية وتنظيمها وحتى تمام جلاء القوات الفرنسية عن كامل التراب السوري يوم 17 ابريل عام 1946 وذلك بعد انتفاضة الثوار وتحقيق جلاء الفرنسيين عن كامل التراب السوري في عهد الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول، وقد اختبر الرئيس السوري حافظ الأسد أربعة رؤساء فرنسيين هم على التوالي: جورج بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان وفرانسوا ميتران وجاك شيراك. ولم يعرف الفريق حافظ الأسد الجنرال شارل ديجول وتشاء الصدف أن يتوفى الجنرال في نوفمبر 1970 أي في نفس العام وفي نفس الشهر الذي تسلم فيه الفريق حافظ الأسد مقاليد الحكم في سوريا ، فالرئيس السوري كان محبا ومقدرا لشخصه ، وكانت الزيارة الأولي للأسد لفرنسا في عام 1976 في عهد الرئيس فاليري جيسكار ديستان, وتطرق الحديث بين الرئيسين بصورة تلقائية إلى السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط ،ولم يكن الأسد يرتاح لسياسة جيسكار ديستان ولا لشخصيته. ولم تتولد بين الرئيسين أي مشاعر خاصة أو روابط شخصية فكانت زيارة باردة زادها الخلاف حول لبنان جفاء ،وقد خرج الرئيس السوري من زيارته الأولى إلى فرنسا بانطباع مفاده أن فرنسا لم تعد تهتم بسوريا ولبنان والأردن وفلسطين إضافة إلى زرع الكيان الإسرائيلي في قلب المشرق العربي , أما الانتداب الفرنسي الصاخب في سوريا فولد الكثير من العداء بين الدولتين وأرخى بظلاله على العلاقة بينهما وبقيت عقدة الانتداب تتحكم بهذه العلاقة حتى أمد قريب, كانت سوريا بعد الاستقلال ترتاب بالنوايا الفرنسية, وكانت فرنسا تشكك بالدور السوري فيه ، ولم تتمكن الزيارة الأولى لباريس من إزالة سوء التفاهم التاريخي القائم بين فرنسا وسوريا, ولا سوء الفهم السياسي من الجانب الفرنسي تجاه الدور السوري في لبنان ومن الجانب السوري تجاه الدور الفرنسي في لبنان ،وجاهد حافظ الأسد على تكبير الدور السوري خلال فترة حكم الرئيس ميتران خلال ثمانينات القرن الماضي والحفاظ على وحدة لبنان الكبير وظل يرقب كل حركة فرنسية بدقة وحذر, فيرحب بكل عمل فرنسي على صعيد أزمة الشرق الأوسط ويتحسس من كل خطوة فرنسية على الصعيد اللبناني، و يحرص أن يتعامل مع باريس من موقع الند للند ليزيل عقدة الانتداب من نفس السوريين والفرنسيين على حد سواء، حتى وجد مبتغاه مؤخراً لدى الرئيس الفرنسي جاك شيراك من خلال التقارب والتفاهم معه مما شجعه على القيام بزيارته الثانية إلى العاصمة الفرنسية عام 1998،ولقد كانت الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بزيارة الرئيس السوري الثانية إلى فرنسا مغايرة للظروف التي كانت سائدة خلال زيارته الأولي ، وأن فرنسا شيراك غير فرنسا جيسكار ديستان وفرنسوا ميتران, وسوريا الأسد في منتصف السبعينات غير سوريا الأسد في نهاية التسعينات. فلم تعد فرنسا دولة عظمى تهيمن مع بريطانيا علي الشرق الأوسط , ولم تعد سوريا دولة تابعة بل دول قوية ذات سيادة ، وكان الرئيس حافظ الأسد يميل نحو أوروبا بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية, ويرى أنها قوة لا يستهان بها غير انه يأسف لان هذه القوة الأوروبية الكبيرة حليفة وتابعة للولايات المتحدة الأمريكية ولعدم قدرة أوربا وحدها علي حل قضايا الشرق الأوسط وانتهاج سياسة مستقلة بدون الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة الصراع العربي الإسرائيلي والدور الفرنسي في عملية السلام، ودور الاتحاد الأوروبي في عملية السلام وعلاقات سوريا مع الاتحاد الأوروبي والعلاقات العربية مع الاتحاد الأوربي. وكان يؤمن بأنه بقدر ما تستقل فرنسا عن الولايات المتحدة الأمريكية بقدر ما تقترب وتقرب الاتحاد الأوروبي من العالم العربي, وبقدر ما تقترب فرنسا من سوريا بقدر ما يسهل التفاهم الفرنسي العربي والعربي بغية إنقاذ السلام من الاختناق المحتوم وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن .
وبرغم أن العلاقات الفرنسية السورية كانت قد حققت طفرات بين البلدين في عهد الرئيس حافظ الأسد والرئيس جاك شيراك ومن ثم مواصلة هذا التقارب مع الرئيس بشار الأسد بعد وفاة والده واستلامه حكم سوريا عام 2000، ولكن هذا التقارب لم يدم طويلاً فقد وصل إلى القطيعة إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري يوم 14 شباط 2005، وفي عام 2008 سعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى قطع سياسة العزلة التي فرضها سلفه شيراك وتجلى ذلك في إرسال الرئيس ساركوزي موفدين رسميين إلى دمشق ودعوة الرئيس بشار الأسد إلى حفل افتتاح مشروع الاتحاد من أجل المتوسط في باريس في تموز 2008 ولكن هذا التقارب الفرنسي من سورية لم يلقى الصدى من دمشق بخاصة مع المطالب الفرنسية في ما يتعلق بطبيعة علاقاتها مع إيران وحركة حماس.
موقف فرنسا من الغزو الأمريكي البريطاني للعراق
بجدر بنا في هذا الموضوع أن نستدعي موقفا مشابها لما يحدث الآن إيذاء موقف فرنسا من الأزمة السورية ، وبخاصة حول الموقف الفرنسي الأمريكي من الأزمة السورية وهو الموقف الذي جاء مغايرا ومناقضا ومعارضا لمواقف فرنسا السابقة من غزو أمريكا وبريطانيا للعراق عام 2003 ، إذ قادت فرنسا معسكر المعارضة الدولية عندما حزر الرئيس الفرنسي السابق شيراك أثناء ولايته الرئاسية الثانية من استخدام القوة العسكرية ضد العراق بوصفها الوسيلة الأخيرة وداعيا لحلها بالوسائل الدبلوماسية احتراما للقانون الدولي ، وفي حينه لوحت فرنسا بأنها ستستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد أي مشروع قرار أمريكي بريطاني لغزو العراق. من أجل حماية مصالحها الاقتصادية مع العراق بوصفه شريك تجاري مهم فضلا عن دعم الشركات الفرنسية العاملة في العراق والتي كانت تستثمر في قطاع النفط، ومن ناحية ثانية إظهار الاستقلالية حيال الهيمنة والاستفراد الأمريكي على العالم وفق المنظور الديجولي، ومن ناحية ثالثة لتعزيز حضورها في المنطقة ، ولكنها لم تفلح في مساعيها بمساعدة روسيا وألمانيا من كبح جماح الولايات المتحدة من غزو العراق، ولتعرض نفسها لمزيد من العقوبات والتوترات في العلاقات معها منذ العام 2003 وحتى العام 2007، ظلت خلالها فرنسا تدعو إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الأمريكي بأقرب وقت ممكن و تدعوا إلي عودة العراق إلي العراقيين ،ولهذا دفعت ثمن مواقفها المعارضة للحرب والاحتلال غاليا ،وواجهت عقوبات وضغوطا أمريكية لاسيما على الإدارة الفرنسية تلاشت تدريجيا مع وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى سدة الحكم ليحدث تحول في الموقف الفرنسي تجاه الاحتلال الأمريكي وتجاه العلاقات الثنائية بين البلدين ، ففي حين رفع شيراك شعار الديجولية والاستمرارية في المعرضة لسياسات أمريكا ، فان ساركوزي رفع شعار التغيير واتبع منهجا مغايرا لسلفه يقوم على تقديم الدعم والإسناد للقوات الأمريكية في العراق والنظر إلى الصعوبات التي تواجهها تلك القوات في العراق ، وبهدف حفاظ فرنسا على ما تبقى لها من مصالح في المنطقة ، فمن ناحية وجدت فرنسا حكومات المنطقة قد انحنت أمام الغزو الأمريكي للعراق وتواصلت معه مباشرة ولهذا رأى ساركوزي أن فرنسا ليس من مصلحتها استبقاء العداء مع أمريكا ،ومن ناحية أخرى وجد سيطرة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على منابع النفط بشكل مباشر ولحاجة فرنسا المتزايدة إلى نفط المنطقة ليتواصل هذا التقارب الفرنسي بأقل حماسة خلال فترة الرئيس فرانسوا هولاند وليعود بقوة الآن في حقبة الرئيس الفرنسي ماكرون وهذا التقارب الكبير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما تشهده تلك العلاقة الآن من توافق في الرؤى ، وبخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية ولتصبح فرنسا علي رأس الدول الداعمة لتوجيه ضربات ضد سوريا هذا برغم علاقاتها التاريخية والاستعمارية ومن ثم العلاقات الدبلوماسية الطويلة مع الأنظمة السورية خلال العهود السابقة .
الموقف الفرنسي من الأزمة السورية
مع بدء الأحداث في سورية عام 2011 لا يمكن لأحد أن ينكر سياسة فرنسا تجاه الأزمة من مراقبة للأحداث منذ البداية عن كثب إلى الدعوات لضبط النفس ومن ثم الإدانة لتنتقل في ما بعد إلى التحريض واستضافة المعارضين وعقد مؤتمرات وتقديم العون والمساعدة لهم ومن ثم سحب سفيرها، إضافة إلى بذل باريس جهوداً لإصدار قرارات من مجلس الأمن تنتقد وتهاجم النظام السوري ،وقد سعت الدبلوماسية الفرنسية من أجل التوصل إلى قرار بتوافق الآراء للتحرك ضد نظام الرئيس بشار الأسد، ومن ذلك فوزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إعلان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عام 2011 أن الحكومة السورية فقدت شرعيتها ويرجع ذلك إلي قراءة خاطئة من جانب الدبلوماسية الفرنسية للأزمة السورية والتسليم بأن نظام الأسد قد اقترب من نهايته، ومعه فقد استمرت فرنسا في دعمها للمعارضة ولعب دور في محاربة النظام السوري لاستعادة دورها فى المنطقة بعد تراجع الدور الأمريكي بقيادة الرئيس اوباما ، وخلال تلك الأحداث الممتدة للازمة السورية يرى بسنواتها السبع حقق الجيش العربي السوري صمودا كبيرا أمام كل تلك التحديات وبقاء الرئيس بشار الأسد والانتصارات التي يحققها الجيش السوري ضد الإرهاب وضد ما يحاك له من مخططات بعض الدول الغربية والإقليمية الأمر الذي دفع فرنسا وغيرها من الدول للتغيير من سياسيتها تجاه النظام السوري وجاء ذلك من خلال تأكيد فرنسا دعمها لمشروع القرار الذي طرح إلى التصويت عليه في مجلس الأمن في نوفمبر عام 2015 والداعي إلي وقف تمويل الجماعات الإرهابية في سورية والعراق، وإدانة تدمير التراث الثقافي والديني في سوريا ناهيك عن الزيارات التي قام بها برلمانيون فرنسيون معارضون لسوريا وغيرها من التصريحات التي تراجعت عن رحيل الأسد،و مطالبة الدول بالتعاون في المجال ألاستخباراتي مع سوريا وبخاصة منذ العام 2013، ولكن الحكومة السورية اشترطت أن يكون التنسيق الأمني عبر السفارات.
ولقد كانت فرنسا أول بلد أوربي يعترف بما يسمي بالائتلاف الوطني السوري المعارض في نوفمبر عام 2012وفي حينه أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالاعتراف بالائتلاف على أنه الطرف الوحيد الذي يمثل الشعب السوري ومن ثم تمثيل الحكومة علي أمل نهاية نظام بشار الأسد ، كذلك كانت فرنسا سباقة في دعم أحد مطالب الائتلاف لرفع حظر مبيعات الأسلحة من جانب الاتحاد الأوربي باتجاه سوريا. حيث تمكنت فرنسا من تمرير ذلك ، وسمحت للمعارضة بالحصول على أسلحة لاستخدامها ضد النظام السوري‏، ليشهد الموقف الفرنسي من الأزمة السورية بعد منتصف العام ‏2013 تطورا ملحوظا وذلك بعد الهجوم الكيميائي المزعوم على الغوطة والذي أودى بحياة مئات المدنيين العزل،ومما يؤكد ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمام السفراء الفرنسيين خلال افتتاح مؤتمرهم الدوري السنوي بباريس في أغسطس الماضي 2017 من أن فرانسوا هولاند كان مقتنعا جدا بضرورة توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري تستهدف منشئاته الحيوية وتضعفه وتسهل بالتالي سقوطه. ،ولم تتم هذه الضربة هذه الضربة بسبب تراجع رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأمريكي عن مبدأ المشاركة فيها لأسباب خاصة باللعبة السياسية في بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية ومصالحهما الحيوية، فلقد أدرك الرئيس فرانسوا هولاند عندها أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما طعنه في الظهر بعدوله عن مشروع التدخل العسكري في سوريا لأن الإدارة الأمريكية كانت تتفاوض آنذاك منذ أشهر مع طهران في الخفاء بشأن البرنامج النووي الإيراني ما دفع فرنسا إلى التراجع بعد أن كانت 6 طائرات من نوع رافال مسلحة مستعدة للإقلاع من قاعدة سان ديزييه بشرق فرنسا ومع ذلك ظل الرئيس السابق هولاند وفق أراء المحللون والسياسيون يردد في الخفاء والعلن أن الحزم الفرنسي تجاه النظام السوري كان سببا هاما من تلك التي تقف وراء قرار تفكيك الترسانة الكيميائية السورية من قبل مجلس الأمن الدولي في سبتمبر عام 2013 ، وعلي التدخل العسكري في سوريا ردا على هجمات كيميائية أوقعت أكثر من 1400 قتيل فى أغسطس 2013 ، وكانت معطيات جديدة قد طرأت على الأزمة السورية دفعت بفرنسا إلى التركيز في التعاطي مع الأزمة على منطق البحث عن حل سياسي للخروج منها. ومن أهم هذه العناصر مخاوف الدول الغربية عموما ومن بعض الدول العربية التي تدعم المعارضة السورية من عواقب دخول الجماعات الجهادية وتنظيم القاعدة في النزاع وحرصها على انتداب مواطنين غربيين في القتال وتحويلهم شيئا فشيئا إلى قنابل موقوتة بالنسبة إلى بلدانهم الأصلية وهو ما حدث بالفعل .‏
وقد بدأت القوات الجوّية الفرنسية تحلّق في الأجواء السورية منذ 8 سبتمبر 2014 ، لإجراء طلعات جوية استطلاعية لجمع معلومات الاستخباراتية، ولتحديد مراكز ومواقع داعش لتسديد ضربات للتنظيم على الأراضي السورية، وشدّد الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا هولاند على أن الضربات ستكون ضرورية . بحيث لا تسهم الضربات في تعزيز بقاء نظام بشّار من خلال التنسيق مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في إطار عملية شمال أي عملية المساندة الجوية للقوات المسلّحة العراقية في محاربة تنظيم داعش في سبتمبر 2014 رافضا التدخل الميداني لعدم الوقوع في فخ الإرهابيون بعد درس العراق وأفغانستان ومساندة فرنسا للمعارضة ضد بشار الأسد وتشجع عملية الإسراع في بدء عملية الانتقال السياسي التي يجب أن تشمل قوى المعارضة الأعضاء الدائمين ، وتنظيم فرنسا مؤتمرا دوليا بشأن اللاجئين بغية تعبئة جميع البلدان لمساعدة سوريا ،ومع تدخل روسيا إلى حلبة الصراع في سوريا ، ومع تدخل روسيا وإيران وحزب الله تغيرت موازين القوي لصالح النظام السوري وبدء الجيش السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية واستعادته من جديد للكثير من الأراضي السورية من قبضة الإرهابيين والمعارضة الأمر الذي أهاج حفيظة تلك الدول ضد سوريا وروسيا .
عودة مناخ الحرب الباردة بين أمريكا وحلفائها مع روسيا
مع نجاح النظام السوري بدعم من روسيا تم تحرير الغوطة الشرقية من قبضة التنظيمات الإرهابية والجهادية بعد توقيع العديد من الاتفاقات الناجحة كان آخرها خروج جيش الإسلام من دوما السورية ومعه فقد اتهمت كلا من أمريكا وفرنسا وبريطانيا النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين فى دوما الأمر الذي نفته بشدة كلا من سوريا وروسيا ، ومعه فقد صدرت العديد من التهديدات القوية بشن هجوم موسع ضد النظام السوري من جانب تلك القوى التي تروج بلا سند أو دليل استخدام النظام للأسلحة الكيميائية في دوما ضد المدنيين، وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه الضربة لكلا من روسيا وإيران إلى جانب سوريا، كما أعلن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستشترك مع الأمريكيين في رد عقابي على استخدام الأسلحة الكيميائية وأن باريس يمكن أن تستهدف المنشآت السورية الخاصة بالأسلحة الكيميائية، فقط دون غيرها، وكان ماكرون حريصا على التأكيد أن ضربات فرنسية محتملة لن تستهدف حلفاء دمشق الروس والإيرانيين. أما بالنسبة لموقف رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي فإنه يبدو أكثر غموضا، حيث نقل البيت الأبيض خبر مكالمتها الهاتفية مع ترامب، محددا أنهما اتفقا على ضرورة ملاحقة استخدام السلاح الكيميائي ، وخلال الأيام الماضية وداخل أروقة مجلس الأمن استخدمت موسكو حق النقض الفيتو ضد مشروع أمريكي لوضع آلية تحقيق مستقلة عن المنظمة الدولية للأسلحة الكيميائية، التي ترى واشنطن أن نتائج تحقيقها ستقتصر على تحديد استخدام أسلحة كيميائية من عدمه، دون تحديد الجهة التي استخدمتها ، ومن خلال تبادل التهم والحجج التي لا تستند إلي دليل فإن أمريكا وبريطانيا وفرنسا مقتنعون بمسئولية النظام السوري وأنهم عازمون على توجيه ضربة خلال أيام او بضع ساعات، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا بعدم سماحها بضرب سوريا وأنها سوف تستهدف مراكز الإطلاق المحتمل للصواريخ أو الهجمات الغربية، في حال وقوعها.
إن هذا لم يمنع ترامب من توجيه ضرباته لأكثر من مرة ما لأهداف في سوريا، ، ذلك لأن هذا الرئيس الذي كان قد قرر الانسحاب كليا من هذا البلد قبل أسبوعين، يسعى في الغالب الآن لتحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بالأزمة السورية، ومن هنا يواجه الرئيس الفرنسي، الذي يريد حماية الاتفاق النووي مع إيران حسابات صعبة ودقيقة للغاية إذا تحالف مع البيت الأبيض الذي يريد ضرب الاتفاق، مما يعني تراجع مخزي للموقف الفرنسي، إن لم نقل نهاية دوره كوسيط ذو مصداقية في الشرق الأوسط.
وقد لاحظ المراقبون أن التحول الفرنسي صاحبته نبرة جديدة تجاه الرئيس السوري بشار الأسد وفقا لمجريات الأحداث والواقع فى سوريا ،فبعدما كانت باريس تضع رحيل الرئيس السوري كشرط مسبق لأي عملية تفاوضية حول الأزمة السورية وبعدما كانت اعترفت فرنسا بالائتلاف الوطني المعارض كممثل وحيد للشعب السوري نراها فى وقت ليس بالبعيد قد غيرت مقاربتها في سوريا وأصبح الأسد الذي كان مغضوبا عليه بالأمس مرضيا عنه اليوم من فرنسا والترحيب به ليكون جزء من الحل النهائي وبالحضور في المرحلة الانتقالية.ولكنها لا تزال وفقا للتصريحات الرسمية وبعيدا عما يدور فى الكواليس مقتنعة بان بشار الأسد لا يمكن أن يكون مستقبل سوريا ، والواقع أن تصريحات ماكرون الأخيرة تعكس تغيرا في مواقفه التي كان قد أعلن عنها حين كان مرشحا لرئاسة الجمهورية تماما كما فعل الرئيس ترامب قبل انتخابه ، وذلك من خلال التذكير بتصريحاته المتضاربة التي أغضبت المعارضة فى حينها عندما أعلن أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم لا يمثل الأولوية بالنسبة له، مضيفا أن الأخير ليس عدوا لفرنسا. وهو ما أغضب المعارضة السورية لشعورها بتغير واضح في الوعود الوردية لها وتخلي فرنسا عنها.حين كانت أيادي الدبلوماسية الفرنسية مكبلة بشرط رحيل بشار الأسد عن الحكم كمخرج للأزمة السورية بخلاف فترة حكم الرئيس السابق فرانسوا هولاند ومواقفه الرافضة لبقاء الأسد في السلطة مقابل دعمه الغير محدود بالسلاح والأموال للمعارضة السورية. وقد تحدث ماكرون في تلك الفترة عن ضرورة وضع خارطة دبلوماسية وسياسية في سوريا دون أن يحدد ماذا يمكن أن تكون عليه تلك الخارطة، ولهذا عاد من جديد والتقي الرئيس الفرنسي وفد من المعارضة السورية برئاسة رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمعارضة بباريس أواخر مايو الماضي 2017- في باريس، ليدعم المعارضة السورية ويعمل على ضرورة التوصل إلى حل يضمن الانتقال السياسي في سوريا ثم التقائه مؤخرا بأكراد سوريا خلال مارس الماضي 2018.
هل فرنسا كانت قادرة وحدها علي توجيه ضربة منفردة ضد سوريا ؟
من خلال تشنج الموقف الفرنسي المتشدد والمحموم تجاه إعلانه وبدون انتظار التحقيقات والنتائج عن اتهام النظام السوري باستخدام الكيمائي وبالتالي ضرب سوريا ومن خلال التصريحات التي أعلنها الرئيس الفرنسي ومندوبه فى مجلس الأمن بامتلاك الأدلة لإدانة سوريا بل ومن خلال استعراض القوة والاتصالات الفرنسية مع الجانب الأمريكي والبريطاني يستشف منه بأن فرنسا كانت ووفقا لمخططاتها ومطامعها تفكر وحدها فى ضرب سوريا ،ووسط ذلك عاش العالم وبخاصة الدولة السورية ومحيطها العربي والإقليمي أيام من الخوف والرعب وسط اجتماعات دولية ومباحثات بين قادة الدول وتحقيقات وتكتلات وحيل وأكاذيب وخروج أخلاقي وتبادل للتهم بشكل محموم حول سيناريو هوليودي ببريطاني لهجوم كيماوي مزعوم يمكن أن يدفع العالم ردات فعله، من خلال تهديدات الرئيس الأمريكي وحلفائه من الأوربيين بضرب سوريا.ولعل من أبرزهم فرنسا التي طالبت مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة بضرورة التحقيق العادل والشفاف في وقائع هجوم الكيماوي بدوما، فيما أكدت من جديد استعدادها للرد فى حال تأكد تجاوز النظام السوري للخط الأحمر، وقد صرح قائد أركان الجيش الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر مؤخرا أن بلاده قادرة على الضرب بمفردها،وفى الوقت نفسه بالتنسيق مع الأمريكيين ،ومن تلك السيناريوهات المحتملة استخدام فرنسا لطائرات الرافال المحملة بالصواريخ العابرة من نوع سكالب، وبإمكان هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى أكثر من 250 ك ضرب أهداف في سوريا من دون أن تحلق الطائرات في الأجواء السورية التي تحميها شبكة صواريخ روسية مضادة للطائرات وبإمكان باريس إقلاع طائراتها من داخل الأراضي الفرنسية نفسها، على أن يتم تزويدها بالوقود في الجو مرتين أو 3 مرات حتى الوصول إلى شرق المتوسط، وهو خيار يتيح الإعداد للعملية بعيدا عن الأضواء، حسب ما قال مصدر عسكري موضحا في فرنسا لا أحد يلاحظ ما نعد له ،كما أكد بعض الخبراء والمحللون أن توجيه ضربات من فرقاطة مجهزة بصواريخ عابرة يصل مداها إلى مئات الكيلومترات، ما يتيح ضرب أهداف إستراتيجية في العمق السوري مع البقاء في المياه الدولية،وأوضحت قيادة الأركان الفرنسية أن "فرنسا تحتفظ بشكل دائم بفرقاطة في شرق المتوسط في إطار عملية شاملة" في الشرق الأوسط، من دون أن تحدد نوع القطعة البحرية الموجودة حاليا قبالة الشواطئ السورية في شرق المتوسط وغيرها من الاستعدادات من جانب العدوان الثلاثي ليتم فى النهاية ضرب سوريا.
وزارة الخارجية السورية تندد بمواقف فرنسا المخجلة تجاه سوريا
نددت وزارة الخارجية والمغتربين بمواقف سوريا العدائية تجاه سوريا معتبرة إياها غير مؤهلة للعب أي دور للسلام في سورية لدعمها للتنظيمات الإرهابية ، وتم توجيه رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ردا على رسالة لم تتعلق باتهام فرنسا بترويج الأكاذيب والمزاعم الفاقدة للمصداقية واتهم النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيمائية دون سند أو دليل وبدون إجراء التحقيقات وذلك في إطار السياسة الفرنسية القائمة منذ بدء الأزمة في سورية على لعب دور رأس الحربة في تقديم الدعم بأشكاله المختلفة للتنظيمات الإرهابية في سورية وفي مقدمتها جبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها ،ومؤخرا تكوين جبهة لضرب سوريا وتهديدها من داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبما يخالف المواثيق الدولية، بعد أن استجاب حلفاء الولايات المتحدة على الأحداث الخيالية في الغوطة الشرقية لتلقي فرنسا وبريطانيا ودول غربية أخرى باللائمة في استخدام الأسلحة الكيماوية على نظام الأسد ،وقد كانت إسرائيل وبتفويض من الثالوث الغربي إسرائيل هي أول من قام بتوجيه الضربات الجوية علي مطار التيفور السوري لتثبت من جديد أنها لاعب نشط لأمريكا كما كانت من قبل، ومؤخرا فقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أن الرئيس ماكرون سيقرر ما إذا كانت فرنسا ستشن هجوما على سوريا بسبب الهجوم الكيماوي المزعوم في بلدة دوما السورية من خلال التنسيق مع أمريكا وبريطانيا .
الأسد يتحدى تهديدات الغرب
مع فرض الجيش العربي السوري سيطرته الكاملة على الغوطة الشرقية تم رفع العلم على مباني دوما مع انتشار القوات الروسية لحفظ الأمن بالمنطقة وإحكام السيطرة على مدينة دوما آخر معاقل فصائل المعارضة وفى مقدمتها جيش الإسلام الذي وافق مسلحيه على الانتقال إلى الشمال السوري عقب مفاوضات مباشرة مع الجانب الروسي الذي يدعم الجيش السوري في إحكام قبضته على تخوم دمشق،وعلى صعيد التصعيد الإعلامي الأمريكي ضد حكومة دمشق، أكدت المستشارة السياسية والإعلامية فى رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان أن استعراض القوة الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على سوريا وحلفائها في محور محاربة الإرهاب يندرج في إطار الحرب النفسية ويعكس فشل أدواتهم أمام الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري فى الغوطة الشرقية ،واعتبرت أن انتصار الغوطة شكل نقطة حاسمة في مسار الحرب الكونية على سوريا وهزيمة للمخطط الأمريكي الإسرائيلي في إنشاء شرق أوسط جديد ، كما أعلنت من أن إسرائيل هي المستفيد الأول مما يجرى في سوريا من خلال عمله علي إطالة أمد الحرب ا لأنه يدرك بان عودة سوريا وانتصارها سيغير خريطة المنطقة وهو ما يصر عليه الآن بمساعدة روسيا برغم توجيه الضربات .
موقف وزراء خارجية الاتحاد الأوربي
بصفة عامة عبر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الخميس الماضي عن قلقهم إزاء التطورات في الأزمة السورية آملين في المشاركة في استئناف محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة.وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني في صوفيا، حيث يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الخميس والجمعة “سنبحث الدعم الإنساني، ونرى أيضا كيفية استخدام قوة الاتحاد الأوروبي لدعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة وتواجه صعوبات في الأسابيع الأخيرة ،وأضافت أن الهدف هو “حشد الدعم الإنساني للسوريين في بلادهم والدول المجاورة، وخصوصا الأردن ولبنان وتركيا كما طالبت موجيريني باعتماد نظام المراقبة التابع للأمم المتحدة “فالاتحاد الأوروبي يؤيد دائما بقوة عمل المنظمة التي ترصد استخدام الأسلحة الكيميائية من جهته أعرب وزير الخارجية الألماني سيجمار غابرييل عن الأمل في استئناف العملية السياسية في سوريا وان يبذل الاتحاد الأوربي كل ما في وسعه في شمال سوريا لكي يتوقف التصعيد العسكري ويتوقف تدخل تركيا في عفرين ، بدورها، قالت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنيسل للصحافة أن هذا الوضع حرج جدا حيث يتواجه الجيشان الأكبر في حلف شمال الأطلسي ،وقال نظيرها الفرنسي جان ايف لو دريان “كنا في حرب أهلية، ونواجه الآن خطر اندلاع أزمة إقليمية كبرى”. وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان،الخميس، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيقرر ما إذا كان سيشن هجوما بسبب عدم احترام الاتفاقية الدولية ضد الأسلحة الكيماوية"، وهو ما يشكل "خطا أحمر" لفرنسا ، إلا أن وزير خارجية لوكسمبورغ يان اسلبورن اعتبر أن هذا النوع من التحرك يمكن أن يؤدي فقط إلى مزيد من الاضطراب في النزاع ورغم ذلك ا كانت فرنسا الأولي في توجيه الضربات الجوية علي سوريا.
اجتماعات مجلس الأمن حول مزاعم استخدام الأسلحة الكيمائية بسوريا
بسبب المواقف الروسية القوية في مجلس الأمن لصالح سوريا ، وبسب وقوف مندوبها فاسيلي نيبينزيا بقوة في وجه الدول التي تتهم النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيمائية فشل مجلس الأمن الدولي في تبني مشروعي قرار روسيين حول التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية بسوريا، فيما استخدمت روسيا حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار أمريكي في القضية ذاتها عندما أكد أن المعطيات الأولية تدل بوضوح على أن الأسلحة الكيميائية لم تستخدم في دوما وموضحا في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة تعمل حاليا بنفس النهج الذي بدأته عام 2017، عندما وجهت ضربات ظالمة وغير شرعية ضد سوريا ،والي أنها سعت منذ البداية للحصول على ذريعة لتطبيق هذا النهج وأكد نيبينزيا أن روسيا استخدمت الفيتو ضد الوثيقة الأمريكية انطلاقا من حقها في الدفاع عن القانون الدولي والأمن والسلم العالميين متهما الولايات المتحدة مع وفدها في مجلس الأمن، بإجادة توجيه التهديدات للدول الأخرى وفق مصالحها، معتبرا أن التصرفات الأمريكية تضع العالم على وشك أحداث محزنة ومأساوية كما أعرب مندوب رويا في مجلس الأمن عن استغرابه من معارضة عدد من الدول لهذه الوثيقة، لافتا إلى أنها تضم نفس البنود التي شملها مشروع قرار تقدمت به السويد قبله وحظي بدعم أعضاء المجلس خلال مناقشته،أما مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر فقد أعلن أن استخدام السلاح الكيميائي أمر مروع للغاية ويهدد النظام الدولي وله تبعات خطيرة، لافتا إلى أن دمشق لم تلتزم بتعهداتها وتواصل استخدام هذه الأسلحة الأمر الذي يستوجب عدم إفلات النظام السوري من العقاب ،وبرغم كل تلك الجلسات أصر العدوان الثلاثي علي ضرب سوريا بدون تفويض دولي او انتظار لجنة التحقيقات التي وصلت سوريا أثناء توجيه الضربات.
هل يأتي هذا التقارب الفرنسي الأمريكي البريطاني على حساب روسيا ؟
من الواضح أن العلاقات الفرنسية الروسية تمر بمنعطف خطير كما أن العلاقات الأمريكية والبريطانية مع روسيا أيضا تمر ب بأسوأ عهودها وبخاصة بعد أن بدا الوفاق الفرنسي الأمريكي البريطاني يلوح في الأفق من خلال ما نراه من إقبال وتحسن ملحوظ وتقارب في العلاقات بين كلا من ماكرون و نظيره الأمريكي ترامب، ومنها هذا العمل والتنسيق المشترك تفاهم مشترك ضد سوريا وحلفائها، وهو ما يشير إلي بداية توافق جديد فى الرؤى بين القوتين تجاه الشرق الأوسط وتجاه توحد جهودهما ومن حولهما للتصدي للقوة الروسية العائدة ، وقد ظهر ذلك من خلال استضافة ماكرون لنظيره الأمريكي فى احتفالات فرنسي بعيدها الوطني في يوليو الماضي تكريما لأمريكا لدورها فى الحرب العالمية الثانية وتحرير فرنسا، ومن خلال استقبال ماكرون الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بباريس منذ وتأكيده علي سيادة أوكرانيا ورفض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأمر الذي أثار حفيظة روسيا بعد العقوبات التي فرضها الغرب وأمريكا على روسيا احتجاجا على ضمها القرم ولعدم التزامها بتعهداتها، ناهيك عن أزمة تسميم العميل المزدوج واتهام بريطانيا لروسيا وما أعقبه من عقوبات وطرد الدبلوماسيين الروس من جانب بريطانيا وحلفائها ومن جانب روسيا أيضا، وغيرها من الأعمال الاستفزازية التي تثبت تخوف أمريكا والناتو وفرنسا والاتحاد الأوربي من عودة القوة الروسية لتكون فاعلة ومؤثرة فى الأزمات الدولية ومن زيادة قدراتها العسكرية المتطورة ومن حفاظها وانتشار قواعدها العسكرية فى أكثر من منطقة وفوق ذلك بعد أن أصبحت اللاعب الرئيسي وباقتدار فى تسيير دفة الأزمة السورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.