قامت الدنيا ولم تقعد فى أمريكا مؤخرًا ضد الرئيس الفلسطينى محمود عباس، خرج البيت الأبيض يدينه بعد أن وصف السفير الأمريكى فى إسرائيل ديفيد فريدمان بأنه «ابن كلب» ومستوطن. وانبرى فريدمان ليؤكد بأن التصريح معاد للسامية، يأتى هذا فى مرحلة تشهد فيها العلاقات الأمريكية الفلسطينية حالة من التراجع على خلفية اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. كان عباس قد قال فى مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية فى رام الله يوم الاثنين الماضى إن إدارة الرئيس الأمريكى ترامب اعتبرت أن الاستيطان شرعى، وأن هذا ما جاء على لسان أكثر من مسئول أمريكى وأول هؤلاء ديفيد فريدمان ابن الكلب. تصريحات عباس ضد فريدمان جاءت كرد فعل على ما قاله الأخير الشهر الماضى بأن إخلاء جماعى للمستوطنات من الضفة الغربية قد يؤدى إلى نشوب حرب أهلية فى إسرائيل، وأن هؤلاء المتدينيين اليهود ملتزمون بهذه الأرض لأنهم يرون أنها أرضهم. غير أن محمود عباس لم يخطئ عندما نعت فريدمان بابن الكلب، فاللفظ لا يعد إهانة على الاطلاق ولا يمكن التعامل معه كشتائم أو سباب. إذ أن لفظ ابن الكلب إنما يعنى وفاء فريدمان لليهود، حيث إن الكلب يتسم بصفة الوفاء لصاحبه، وبالتالى فهو صديق رائع واضح شفاف ودود وسريع البديهة، ووفى ونزيه ومتواضع وأهل للثقة، وهو الصادق الأمين الذى يساعد صاحبه فى حل مشاكله بكل اندفاع. مواصفات كثر يتسم بها الكلب فما بالك إذا ما قال لفريدمان يا ابن الكلب فكأنه بذلك ضاعف صفة الوفاء التى يتمتع بها فريدمان حيال إسرائيل. ما تلفظ به محمود عباس لم ينبع من فراغ، حيث إن فريدمان بأفعاله وأقواله كان وفيا لإسرائيل وجاءت تصريحاته لتؤكد ذلك عندما دافع عن الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وحديثه عن أن الصهاينة يبنون فى أرضهم وبالتالى يصبح الاستيطان شرعيًا. ما قاله عباس لا يعد إهانة وإنما على العكس يعد إشادة بوفاء فريدمان للكيان الصهيونى والذى ترتبط أمريكا معه اليوم بعلاقات تحالف متين عبر عنه ترامب فى السادس من ديسمبر الماضى عندما اتخذ قراره المشؤوم بالاعتراف بالقدس بشطريها الشرقى والغربى عاصمة لدولة إسرائيل، وعندما قرر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وجعل توقيت ذلك فى مايو القادم ليتزامن افتتاح السفارة مع ذكرى النكبة للفلسطينيين يوم إعلان انشاء الدولة الصهيونية. ولهذا كان يتعين على السفير الأمريكى فريدمان ألا يحمل كلمات عباس على محمل السباب والشتائم، وعلى العكس كان يتعين عليه أن يشكر عباس بعد أن نعته بابن الكلب إذ أنه بذلك أضفى عليه صفة الوفاء فى التعامل مع الحليف الصهيونى الذى يثق به تمامًا كالكلب الذى يتعامل مع صديقه بروح الوفاء والاخلاص والتبعية. أخطأ فريدمان عندما ساورته الشكوك حيال ما قصده عباس عندما نعته بابن الكلب، وغاب عنه أن عباس بذلك نطق بالحقيقة التى ترسخ قمة وفاء فريدمان للكيان الصهيونى..