قضى ترامب على عملية السلام كلية بين الفلسطينيين وإسرائيل عبر قراراته الهلامية التى اتخذها بداية باعترافه بأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل وتجريد الفلسطينيين من حقهم فيها، وانتهاء بقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس إمعانا فى إضفاء الشرعية على ملكية إسرائيل للقدس رغم أن ترامب يدرك أنه لا يمكن الولوج فى عملية سلام بدون أن تكون القدس مدرجة على طاولة المفاوضات، فلا يمكن لأى قيادة فلسطينية أن تقبل بأى اتفاق سلام لا يتضمن القدس، وعليه فإن اعلان أمريكا باستمرارها فى رعاية العملية السلمية هو محض كذب، إذ لا يمكن أن يكون هناك مشروع أمريكى ناجح للسلام دون أن يكون الحق الفلسطينى مصانًا، ولا يمكن القبول بأى مشروع أمريكى على الصعيدين العربى والفلسطينى معا إلا إذا كان يلبى الحق الفلسطينى. ما فعله ترامب يصب فقط فى صالح إسرائيل التى ترفض اعطاء الفلسطينيين أى تنازلات فى الضفة الغربية وترفض فكرة الدولة الفلسطينية. وجاء ترامب ليمنحها فرصة ذهبية عبر قراراته الآثمة، بالاضافة إلى مؤشرات أخرى فى المنطقة تصب بالايجاب فى صالحها ومنها أن القضية الفلسطينية لم تعد محورية عربيا، كما أن حالة الانقسام الفلسطينى- الفلسطينى ما زالت قائمة، كما أن حكومة نيتنياهو تحظى حاليًا بتأييد مستشارى ترامب مثل الصهيونى جارد كوشنر، فهم يؤيدون إسرائيل فى قضايا الاستيطان والقدس، زد على ذلك أن إسرائيل باتت مطمئنة إلى انجاز عملية تطبيع مع دول خليجية وهى العملية التى لم تعد مرتبطة بتسوية النزاع الفلسطينى الإسرائيلى، حيث يسيرها التقارب فى وجهات النظر حول إيران وضرورة التصدى لها. جاء ترامب ليعصف بالقضية الفلسطينية ويمحو بجرة قلم كل الحقوق الفلسطينية. ظهر ترامب كنموذج مبهر للكيان الصهيونى، فلم يحدث أن جاء رئيس على شاكلته فى السابق يدعم هذا علاقته المتينة بإسرائيل وقراراته التى تحقق لها كل تطلعاتها.ولهذا سارعت حكومة نيتنياهو فبعثت برسالة شكر إلى ترامب تعلن فيها قرارها اطلاق اسمه على محطة مترو أنفاق ستبنيها أسفل المسجد الأقصى ضمن مشروع يربط مدينة القدس بمدينة تل أبيب، وهى المحطة التى ستفتتح فى عيد الفصح أى منتصف ابريل القادم وبداية مايو، ويأتى ذلك تكريمًا لترامب لمساندته إسرائيل فى كل مواقفها المخالفة للقوانين الدولية وآخرها ما أعلنه بشأن القدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها فى خطوة سعى من خلالها إلى اخراج ملف القدس من دائرة التفاوض، وهى الخطوة التى أثارت غضب الفلسطينيين وأدت إلى اتخاذ القيادة الفلسطينية قرارا بعدم التعامل مع أمريكا كوسيط للسلام. بيد أن ترامب يظل يراهن على تمرير خطة ما يطلق عليه «صفقة القرن» والتى ترى أمريكا أنها ليست بحاجة إلى موافقة الفلسطينيين طالما أن هناك دولا عربية ستوافق عليها. ويمضى ترامب فى غيه فيحدد منتصف مايو القادم والذى يوافق ذكرى النكبة المشؤومة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما يشكل مسا بهوية الشعب العربى الفلسطينى ووجوده ومسًا مباشرًا بمشاعر الأمة العربية، فضلا عن أنه يشكل مخالفة واضحة وصريحة لقرارات الشرعية الدولية ولكافة القوانين الانسانية المتفق عليها. ولهذا فإن ما أقدم ترامب عليه يعد جريمة كبرى منح فيها مدينة القدس لإسرائيل فى خطوة غير مسبوقة فى التاريخ. وبذلك يكون قد أطاح بحقوق الشعب الفلسطينى المعترف بها دوليا وقضى على أى أمل فى عودة المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل.