ما هو السر في تكالب السعودية وقطر علي المطالبة بتسليح المعارضة السورية، رغم أن ذلك يتعارض مع ما دعت إليه القمة العربية في بغداد في 92 من الشهر الماضي من ضرورة إجراء حوار بين الحكومة والمعارضة والتعامل الإيجابي مع مهمة 'عنان' لبدء حوار وطني جاد .. ويتعارض مع ما أعلنه حلف 'الناتو' في الثاني من الشهر الحالي من معارضة تسليح المعارضة وتحذيره من خطر انتشار الأسلحة في المنطقة مشددًا علي رغبته في رؤية حل سلمي سياسي للأزمة في سوريا. كما أنه يتعارض مع التخوف الأمريكي من تسليح المعارضة خشية من وقوع السلاح في أيدي تنظيمات متشددة كالقاعدة، ويتعارض مع ما ذهب إليه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية 'جيڤري فيلتمان' عندما حذر خلال شهادته أمام الكونجرس الشهر الماضي من أن تسليح المعارضة سيكون بمثابة صب الزيت علي النار .. مشيرًا إلي التداعيات الخطيرة والدموية التي ستنجم عن ذلك .. ويتعارض مع ما حذر منه 'آلان جوبيه' وزير خارجية فرنسا من أن تسليح المعارضة سيقود إلي نشوب حرب أهلية في سوريا بين المسيحيين والعلويين والسنة والشيعة، وعندئذ سيكون الأمر بمثابة كارثة أفدح بكثير من الكارثة القائمة اليوم. ويتعارض مع النهج المنطقي الذي تبنته مصر والقائل بأن تسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي إلي حرب أهلية شاملة وأنه لابد من إعطاء الفرصة لخطة 'عنان'، ويتعارض مع تحذير 'المالكي' من تسليح المعارضة علي أساس أنه قد يؤدي إلي حروب اقليمية دولية قد تمهد الأرضية للتدخل العسكري الأجنبي، ويتعارض مع ما ذهب إليه 'لاڤروڤ' من أن تسليح المعارضة من شأنه أن يزيد من سفك الدماء. وعليه بدا وكأن السعودية وقطر أرادتا الانفراد بموقف شاذ يعكس نغمة نشازًا مفادها ما قاله 'سعود الفيصل': 'تسليح المعارضة السورية واجب'!! .. هل نسيت الدولتان أن ما تدعوان إليه من تسليح المعارضة يتنافي جملة وتفصيلاً مع المسعي الهادف لوقف فوري لاطلاق النار ولجميع أعمال العنف حماية لأرواح المدنيين السوريين؟! هل غاب عن السعودية وقطر كل هذه المواقف الرافضة لتسليح المعارضة السورية والمدعومة بالمبدأ والمنطق؟ هل غاب عن السعودية وقطر أن المسئولية التاريخية والأخلاقية تحتم علي العرب جميعًا بوصفهم أشقاء العمل علي تطويق أعمال العنف ومحاصرة النار المشتعلة في سوريا والضغط علي طرفي الصراع وصولاً إلي حوار وطني بوصفه هو الخيار الأسلم لحل الأزمة؟ والآن يتعين علي كل من السعودية وقطر النأي بالنفس بعيدًا عن الوقوع في التناقض عندما تدعوان إلي تسليح المعارضة في الوقت الذي تُظهران فيه حرصهما علي أن تكلل مهمة عنان بالنجاح وهي التي تهدف إلي وقف فوري لاطلاق النار، إذ أن تسليح المعارضة السورية سيؤجج النار أكثر وأكثر .. وعليه أقول لهما رجاء مطلوب الإفاقة.