ابن شبرا المصرى الاصيل بعد أيام تحل ذكرى مولده يوم الأحد القادم لم يكن يحلم سوى أن تغنى له أم كلثوم قصيدة وقد تحقق حلمه وعندما كان يعلن ذلك كانوا لايصدقونه عاش محنا شديدة وقاسى لكنه حفر اسمه فى سجل بناة الحضارة المصرية هو عبقرى يجيد ثلاث لغات وعبقرى فى علاج مرض السكر ومن العجب مات به تفتحت موهبة إبراهيم ناجى الشعرية باكراً، فقد نظم الشعر وهو فى الثانية عشرة من العمر، وشجعه والده عليه، وفتح له خزائن مكتبته، وأهداه ديوان شوقى ثم ديوان حافظ وديوان الشريف الرضي، ومن شعره فى الصبا قصيدة قالها وهو فى الثالثة عشرة من عمره، لقبه الشعراء من أبناء جيله بشاعر الأطلال نسبة للملحمة الكبيرة المعنونة بهذا العنوان. إنه الدكتور إبراهيم ناجى قالت عنه الدكتورة نعمات أحمد فؤاد: «كان ناجى سريع الانفعال كثير الأوهام قلق الظنون طاغى الحس رفاف النفس هفاف المشاعر، وكلها عوامل تظهر أثرها فى صاحبها فى كل ما يصدر عنه فيما قال عن شعره الأمير عبد الله الفيصل: «يعد ناجى من ابرز الشعراء الذين أقرأ لهم وأحبهم «هو أول حكيم ومترجم صحفى حيث قام ناجى بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان (أزهار الشر)، وترجم عن الإنجليزية رواية (الجريمة والعقاب) لديستوفيسكي، وعن الإيطالية رواية (الموت فى إجازة)، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وإبراهيم ناجى الشاعر المصرى العملاق قد ولد فى 31 ديسمبر 1898م بحى شبرا فى القاهرة، كان طبيباً للامراض الباطنية؛ حيث تخرج فى «مدرسة الطب» 1922، وعيّن مراقباً للقسم الطبى فى وزارة الأوقاف وقال عنه الناقد د. مصطفى يعقوب عبد النبى على الرغم من أنّ جماعة «أبوللّو» والتى تعدّ من أبرز الظواهر الأدبية فى تاريخ الأدب العربى المعاصر, قد ضمّت عشرات الأسماء من الشعراء العرب, إلاّ أن إبراهيم ناجى يقف فى مقدّمة تلك الأسماء كتب عنه الناقد الشهير مصطفى عبد اللطيف السحرتى وقال فيه: «كان ناجى ظاهرةً شعريّةً فريدةً, بهرت بيئتنا الأدبية فى مطلع الثّلْث الثانى من هذا القرن, شاعريّةً مجدّدةً نفرت من القوالب القديمة؛ شاعريّة غنائيّة وجدانيّة مبدعة» وفى دراسة عن حياته كتب الدكتور محمد مندور فى معرض تعليقه على قصيدة ناجى الشهيرة «العودة» حيث يقول: «هذه القصيدة التى أَحسبها من روائع النّغم فى الشّعر العربيّ الحديث, على الرغم من كونها تندرج تحت فن عربيّ قديم, وهو فن بكاء الديار. ومع ذلك امتازت بالجدة والجمال وقد وصفه الدكتور شوقى ضيف الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية: «كلّ شعر ناجى رومانسيٌّ خالًصٌ, وأخرج الشعر من باب الرؤيةِ والخيال إلى باب الحقيقة والتجربة الواقعة». كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية والعربية بدأ حياته الشعرية عام 1926، عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دى موسييه وتوماس مور وينشرها فى السياسة الأسبوعية، غلب على شعره الاتجاه العاطفى والرومانسي. ترجم ناجى بعض الأشعار الأجنبية، كما نشر دراسة عن شكسبير وكتب الكثير من الكُتب الأدبية، بجانب مؤلفاته فى علم النفس وعلم الاجتماع، وفن التراجم والسير، والخواطر العامة، وقام بإصدار مجلة «حكيم البيت»، ومن أشهر قصائده «الأطلال» التى غنتها «كوكب الشرق أم كلثوم»، وبعدها لقب ب «شاعرالأطلال»، من دواوينه الشعرية: وراء الغمام وليالى القاهرة وفى معبد الليل والطائر الجريح وصخرة الملتقى وغيرها. وبعد صدور ديوانه الأول سافر فى شهر يونيو مع أخيه إلى تولوز فى فرنسا، ليساعد أخيه على الانتساب إلى إحدى الكليات هناك، ومنها سافر إلى لندن لحضور مؤتمر طبي، وفى لندن قرأ النقد الحاد الذى كتبه طه حسين عن ديوانه الأول، كما قرأ هجوم العقاد عليه، فقاوم وصمم على مواصلة الرحلة وبينما كان يجتاز أحد الشوارع، صدمته سيارة، فنقل إلى مستشفى سان جورج، ولبث فيه مدة، وكان يعانى بالإضافة إلى ذلك من داء السكري، ورجع إلى مصر يائسا من الشعر والأصدقاء، وأخذ يكتب قصائد الهجاء فى هذا وذاك، بل أخذ يترجم ويكتب القصص، فكتب قصة «مدينة الأحلام»، تحدث فيها عن حبه الطفولى الأول، ونشرها مع قصص أخرى مؤلفة ومترجمة فى كتاب يحمل العنوان نفسه، قال فى مقدمته: «وداعاً أيها الشعر، وداعاً أيها الفن، وداعاً أيها الفكر». وجمع له حسن توفيق الصحفى والناقد الأدبى مجموعة من القصائد التى لم تنشر، وجعلها فى كتاب أسماه: «قصائد مجهولة»، وتوفى ناجى عام 1953م، عن عمر يناهز الخمسة والخمسين عاما.