تعتبر الآبار الرومانية في البادية من أهم الوسائل المتبعة في عملية حصاد المياه منذ العصور القديمة حتى الآن، حيث تم حفرها في مواقع تعترض مجرى سيول الأمطار وبأعماق مختلفة، وذلك بحسب كمية المياه المتوقع الحصول عليها في كل موقع، وحسب طبيعة التربة في المنطقة المراد الحفر فيها إضافة إلى دور الأيدي العاملة التي أنجزت العمل، وتسمى في كثير من المناطق بال «البير الروماني». يعود تاريخ حفر الآبار الرومانية إلى العهد الروماني، أي أكثر من ألفي عام خلت، لكن الأبحاث الأثرية الحديثة تدحض مقولة رومانيتها، فهي متجذرة في المنطقة، وهي ممارسة محلية، مما يجعل ارتباطها بالفترة الرومانية تزامناً لا يحق له أن يعطيها اسم الفترة. وهي تساهم في خدمة التجمعات السكانية، كسقاية الأغنام والشرب والاستخدام المنزلي وأحياناً في الزراعة وتعتمد في الحصول على مياهها من الأمطار، وتعد من أهم طرق حصاد المياه العذبة، التي لا تزال الاستفادة منها قائمة حتى الآن، حيث تقع هذه الآبار في نهاية المسيلات المائية القصيرة وعلى أطراف الفيضات منها وأسفل سفوح الجبال والمنحدرات، لضمان استقبالها لمياه الأمطار وتخزينها لفترات طويلة نسبياً ما جعل منها وسائل مهمة لعمليات الاحتفاظ بالثروة المائية ذات الجريان السطحي، لاستخدامها من قبل سكان البادية. الأمر الذي يضمن لهم تأمين مسببات الحياة والطمأنينة والاستقرار. لذلك يُفضل أهل الباديه في صحراء مطروح ومُدنِها شُرب مياه الآبار ومصدرها الأمطار نظرا لجودتها ونقائها فيفضل البدوي الشرب من مياه الابار عن مياه نهر النيل، لاعتقاده بأن نظافة الابار تفوق مياه النيل وقيامهم بعمليات النظافة بأنفسهم وتملئ الابار عن طريق مياه الامطار فيعيشون عليها طوال العام . وأكد الحاج جاد المولى عبداللطيف احد مزارعي محافظة مطروح : أن هذه الآبار تتميز بجدرانها الكتيمة كونها مطلية بمادة الكلس الممزوج بالفخار، وقد تكون أحياناً مبنية بحجارة كلسية، أو بازلتية حسب توافرها في المنطقة، إضافة إلى أن معظمها محفور بالصخر بشكل مخروطي، وهي مزودة من الأعلى بمجرى حجري مائل باتجاه فوهة البئر، تصله بمجرى المسيل المائي المجاور والقريب بالإضافة إلى جرن حجري لسقاية المواشي، مع ملاحظة البلاطة الصخرية البازلتية التي تتموضع في قعر معظم هذه الآبار، لتستقبل سقوط الماء من الأعلى لمنع حت وتخريب أرضية البئر مع الزمن. قال الدكتور إسماعيل الفرماوى مستشار التعاون الزراعى بالوكالة الإيطالية للتنمية، لموفد الوكالة، إن هذا المشروع الخاص بإعادة تأهيل الآبار الرومانية يعد جزءا من مشروع أضخم يشمل كذلك إعادة تأهيل عدد من الوديان بمحافظة مطروح فى المنطقة الريفية الممتدة من فوكة شرقا إلى السلوم غربا، بحيث يتم إنشاء سدود وخزانات مياه بهذه الوديان لإعادة تأهيل التربة وحصاد كميات أكبر من مياه الأمطار لاستخدامها فى الزراعة تحت إشراف مركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة . وتبلغ قيمة المشروعين لإعادة تأهيل الآبار الرومانية وإعادة تأهيل الوديان للزراعة نحو 3 ملايين يورو يسهم فيها الاتحاد الأوروبي بتسعين فى المائة من التمويل . ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من مشروع تأهيل الوديان - بمساحة تناهز 50 كم مربع وإنشاء مائة خزان - نحو ألفى أسرة إضافة لخلق ألف فرصة عمل ضمن المشروع . يذكر أن برنامج الاتحاد الأوروبي المشترك للتنمية الريفية يتم تنفيذه فى إطار مبادرة برنامج الجوار الأوروبى للزراعة والتنمية مع مصر بتمويل قيمته 22 مليون يورو. وأكد الدكتور سيد خليفة مدير مكتب أكساد بالقاهرة ، أن الاتحاد الأوروبى وافق على توفير تمويل لعمل حصر للآبار الرومانية، وإعدادها وسعتها، خاصة أن البئر الرومانية تستوعب من 500 إلى 3000 متر مكعب من المياه الصالحة للشرب للانسان والحيوان والاستخدام المنزلي والزراعي، وأن المشروع يعطى المواطن إرشادات للحفاظ عليه، وأوضح أنه تم انشاء واعادة تأهيل 710 آبار وخزانات منذ أكتوبر 2016 وحتى الشهر نوفمبر2017، وذلك لعدم وجود معوقات في التمويل حيث يتم منح المستفيد مبلغ 21 الف جنيه إسهاما من المشروع لتطهير البئر ، على أن يقوم المستفيد بسداد باقي المبلغ لضمان حفاظه على استدامة عمل البئر. وأضاف أنه بعد تحرير سعر الصرف، زاد حجم التمويل بالجنيه المصري فتم مد فترة تنفيذ المشروع لمدة 4 أشهر أخرى، بعد أن كان مقررا انتهاؤه الشهر الماضي، ليتم تضمين تأهيل الآبار الرومانية داخل المشروع استجابة للأهالي. وأكد الدكتور نعيم مصيلحى رئيس مركز بحوث الصحراء، أن المركز يستهدف زيادة المخزون المائي من مياه الأمطار لتأمين حاجة السكان، وتحسين نشر وتوزيع مياه الجريان السطحي بواسطة السدود، وتعظيم كفاءة استخدام مياه الأمطار، وتأهيل واستصلاح دلتا الوديان، وإضافة مساحات زراعية في بطون الوديان ودلتاها، بالإضافة إلى إنشاء آبار «نشو» لحصاد الأمطار، وأشار "مصيلحي" أن مشروع إدارة موارد مطروح البنك الدولي قام بتنفيذ 6 آلاف و954 بئرًا، وإنشاء 2300 بئر من خلال مركز التنمية المستدامة بمطروح، فضلا عن إنشاء 600 بئر أخرى بمطروح، و73 بئرًا ينفذها معهد بارى الإيطالي، و240 بئرا من خلال المشروع المصري - الإيطالي للتنمية الاجتماعية، والاقتصادية بتمويل إيطالي. يصل أجمالي كمية الآبار التي تم حفرها الى ما يقرب من 10آلاف بئر لحصاد اكثر من مليون ومائتان متر مكعب من المياه سنويًا. وأكد رئيس مركز بحوث الصحراء إلى أن الآبار الرومانية التى كان يحفرها الرومان قديما تتراوح سعتها بين 1000 و 5000 متر مكعب، ولكن حاليا يتم إنشاء الآبار بهذه السعات الأقل، من أجل القدرة على الوفاء باحتياجات أكبر عدد ممكن من البدو من سكان الصحراء، من خلال عمل عدد أكبر من الآبار الصغيرة فى مناطق كثيرة لتوطين البدو وتوفير احتياجات أهالي كل منطقة، ويتم تخزين المياه لاستخدامها فى الشرب ولتربية الحيوانات خلال الفترات التى لا يسق فيها المطر، وعند وجود عدد أكبر من الآبار يمكن استخدام المياه المخزنة، فى الرى التكميلي للزراعات في الأوقات التى لا تسقط فيها الأمطار. من جانبه أكد اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح ، في تصريح "للأسبوع" أنه حريص على إنشاء وتنفيذ الآبار وخزانات تجميع مياه الأمطار بالمناطق المحرومة بالقرى والنجوع والتوابع، لاستخدام مياه الأمطار فى الشرب والزراعة وتربية الأغنام والمواشي، بالمناطق الصحراوية. وأوضح محافظ مطروح ان الدولة بصدد إقامة مشروع قومي لأول مرة بالمحافظة يستهدف التنمية المستدامة لتحقيق التنمية الزراعية للمنطقة الساحلية من غرب الضبعة وحتى السلوم، بالإضافة إلى واحة سيوة بقيمة تبلغ 60 مليون دولار.