المشهد مختلف، كل شيء يبشر بالخير، سعادة غامرة تملأ المزارعين. مواطنو محافظة مرسي مطروح يعيشون حالة استثنائية بسبب انطلاق موسم حصاد القمح والشعير، إلا أن ذلك لم يكن السبب الرئيسي، فكميات المحصول هذا العام والذي جاء أغلبها معتمدا علي مياه الأمطار التي تضاعفت بشكل كبير هذا العام ضاعفت فرحتهم. وأكد المزارعون أن الإنتاج من القمح والشعير سيتخطي من مطروح وحدها ما يقارب النصف مليون فدان وهو أمر يحدث لأول مرة منذ عام 1996، لذلك يعيشون الآن فرحة استثنائية، كما أنهم أكدوا أن كميات كبيرة من مياه الأمطار أهدرت أيضا بسبب عدم وجود خزانات مياه يمكن حفظ هذه الأمطار فيها للعام المقبل. قال د.عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إنه لأول مرة منذ 25 عاماً تتضاعف معدلات سقوط الأمطار لتصل إلي 500 مم سنة، مقارنة بمواسم الجفاف السابقة والتي لم يتعد متوسط سقوط الأمطار بها 140 مم سنة، الأمر الذي تسبب في تضاعف المساحة المزروعة بالشعير والقمح في منطقة الحلبة من 100 ألف فدان إلي 200 ألف فدان، مشيرا إلي أنه من المتوقع تضاعف إنتاجية كل أردب تقاوي يتم نثرها علي الأمطار تنتج حوالي 35-40 أردبا من الشعير أو القمح. منطقة واعدة وأكد وزير الزراعة أن منطقة الساحل الشمالي الغربي لمصر، واحدة من المناطق الواعدة لإحداث التنمية الزراعية المستدامة في الصحراء الغربية، وأنها تحظي باهتمام كبير من الحكومة للعديد من الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية متمثلة في تزايد معدلات الفقر وتدهور الموارد الطبيعية ونقص فرص العمل، فضلاً عن الاعتبارات السياسية لكونها منطقة حدودية. وثمن وزير الزراعة الدور الذي يقوم به مركز بحوث الصحراء من أجل تنمية هذه المنطقة وإحداث تنمية زراعية حقيقية مستدامة بها، من خلال المحطة الإقليمية للمركز بمحافظة مطروح، لافتا إلي أنه يتم إجراء الدراسات والبحوث التطبيقية وإعداد الخطط التنموية في المحافظات الصحراوية والمتابعة الميدانية علي أرض الواقع، وأن ذلك يعد دوراً أصيلاً لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والمراكز البحثية التابعة لها. وأضاف الوزير أنه يجري حاليا التنسيق بين وزارتي الزراعة والري بحفر 50 بئرا جديدا في مطروح لتلبية الاحتياجات المائية لمختلف الأنشطة بالمناطق المختلفة بالمحافظة مشددا علي أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التعاون المشترك وليس التناحر والاختلاف. ولفت وزير الزراعة إلي أنه تم وضع برنامج تنفيذي للحفاظ علي السلالات الوطنية من الأغنام المميزة في مطروح ضمن برنامج للرعاية البيطرية والصحية لتنمية قطعان الأغنام والماعز بالمنطقة لزيادة الإنتاجية من الثروة الحيوانية بالتنسيق مع محافظة مطروح والوزارات المعنية موضحا أنه سيتم إعداد مقترحات لعرضها علي وزارة الموارد المائية والري للاستفادة من مياه الأمطار بالمحافظة من خلال تنفيذ مشروعات الحصاد علي الأمطار وتغذية الخزان الجوفي. من جانبه أكد اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح أن المساحة المزروعة بالقمح هذا العام تزيد عن نصف مليون فدان، لافتا إلي أن مياه الأمطار الكثيفة هذا العام ساعدت في رفع المساحة المزروعة، وسوف يتم إعداد خطة بالتعاون مع وزارة الزراعة بداية من العام المقبل لزيادة المساحة بتوفير التقاوي اللازمة. أضاف أنه تمت الاستعانة بشركة كورية للاستفادة من مياه الصرف الزراعي لزيادة مساحة الأراضي الزراعية في واحة سيوة، وذلك لحل مشكلة تدفق مياه الخزان الجوفي في البحيرات وتعرضها للبخر والتملح. وادي الخروبة مشهد جديد غير معتاد أيضا، لكن هذه المرة في وادي الخروبة، حيث تمت تنمية الوادي بطول 2 كم، وتسوية واستزراع مساحة 32 فدانا داخل بطن الوادي، رغم أن تلك المنطقة كانت متروكة مهملة بدون استفادة من مياه السيول التي كانت تهدر من الوادي، ومن المقرر زراعتها بالزيتون والتين. وقال د.نعيم مصيلحي رئيس مركز بحوث الصحراء إنه تم تنفيذ العديد من التطبيقات الزراعية والبحثية والهيدرولوجية لوادي الخروبة لاتخاذه كنموذج لاستصلاح الوديان الأخري، لافتاً إلي إنه تم استصلاح المنطقة في عامين فقط فضلاً عن إنشاء 40 سدا أسمنتيا يسمح بتخزين حوالي 25 ألف متر مكعب من مياه الأمطار بقاع التربة. وأضاف أنه تم الحصول علي 3 مشروعات بمنح إيطالية ينفذها مركز بحوث الصحراء خلال العام الحالي، بتنمية 11 كم داخل بطون الوديان عن طريق إنشاء السدود الأسمنتية والحجرية لتنظيم سريان ونشر مياه السيول داخل الوادي، لافتاً إلي أنه تم استصلاح إجمالي مساحة 350 فدانا تعتبر إضافة جديدة لأهالي مطروح مما يساعدهم علي الاستقرار والإنتاج. حفر آبار وأوضح مصيلحي أنه تم إنشاء خزانات لحصاد مياه الأمطار بعدد 450 بئرا وخزانا لتخزين الأمطار للاستخدام المنزلي والشرب وسقاية الحيوانات والري التكميلي، مشيراً إلي أن محافظة مطروح ساهمت بإنشاء 300 خزان أيضاً لحصاد مياه الأمطار لهذا الموسم، حيث قام بتنفيذها مركز بحوث الصحراء ومركز التنمية المستدامة بمطروح بسعة تخزين حوالي 112 ألفا و500 متر. وأكد أنه تم خلال العام الأول استصلاح الكيلو الأول بمساحة 15 فدانا وزراعة البطيخ البعلي باعتباره أحد المحاصيل المربحة علي المدي القصير، فضلاً عن 17 فدانا تم استصلاحها في العام الثاني وزراعتها بشتلات تين سلطاني وأنواع مختلفة من الزيتون، مشيراً إلي أنه تم بناء خزان لتجميع الأمطار بسعة 200 متر مكعب، وتركيب شبكة ري تنقيط في الحوشة الأولي للاستفادة منه كري تكميلي لأشجار التين والزيتون.