هو المؤسس الثانى للأزهر الشريف الجامع والجامعة. عنه أخذت جامعات عريقة فى أوربا فكرة التخصص فى البحث الدينى. كان معارضًا سياسيًا بثوب عالم جليل يجيد الإنجليزية والفرنسية. هو رافد من روافد المعرفة باحث عن الحقيقة من جوهر التواصل مع التراث وصفحات بحوث المستقبل. كان الإمام المراغى يسبح فى بحر الفضاء المعرفى – كما تثبت ذلك نظرية د. محمد حسن الشرقاوى (الخلايا الجذعية المعرفية)– ص 62 الجزء الاول منذ مراحل المراغى الأولى انطلاقًا من خصوبتة الفكرية ورغبتة فى الحصول على إجابات محددة لسؤال مهم: كيف تخلف المسلمون؟ وكيف يكون النهوض؟ وقد أسس المراغى اجتهاده على جناحى العلم والمعرفة على طائر التجديد المحلق ومن خلال سمات الامام المؤسس الثانى للأزهر. كما كانت خبرته الشخصية ومعتقداته التدريسية صاحبة تفاعل مهم فيما فعله حتى يصبح رائدًا من رواد التجديد والتنوير ولم يتراجع عنه كما تراجع الامام محمد عبده فى مرحلة لاحقة فى آخر حياته. ولعل زمن المراغى فى وقته كان عبقريًا، فقد عرفت مصر العديد من المجددين خلال القرن العشرين، وكان بعضهم من تلاميذه الإمام محمد عبده، الذى دعا إلى التجديد والاجتهاد والتحرر من الجمود. الإمام المراغى قيمة علمية ودينية كبيرة يستحق الاحتفاء، فقد جدد فى الفقه الإسلامى، وفى القضاء، وخلال توليه مشيخة الأزهر، وكانت له العديد من المواقف المشرفة والمشهودة، فهو لم يداهن الحكام والاحتلال والملك جورج الخامس شخصيًا، بل إنه استقال من مشيخته الأولى احتجاجًا على تدخل الملك فؤاد فى شئون الأزهر. كان معتدًا بنفسه، وعندما تقارن بينه وبين شيوخ اليوم فلا وجه للمقارنة. وُلد الشيخ محمد مصطفى المراغى فى التاسع من مارس سنة 1881م فى مدينة المراغة بمحافظة سوهاج، كان والده من أعيان المدينة ويسعى فى الخير ويقصده الناس لقضاء حوائجهم، وهذه الأخلاق الكريمة ورثها عن أبيه، كما ورث عنه زادًا معرفيًا خاصًا بمنهج وروافد العلوم والمتون، ثم يذهب إلى الأزهر الشريف، ويعجب بفكر الإمام محمد عبده الذى أدخل للأزهر العلوم الفكرية والأدبية، وانتفع بدروسه فى التاريخ والاجتماع والسياسة، وتوثقت صلته به، وسار على نهجه فى الإصلاح والتجديد فيما بعد. فلقد تتلمذ على محاضرات الأستاذ الإمام فى تفسير القرآن، وتأثر بمنهجه فى التوحيد وما يراه تنقية للعقائد الإسلامية من ترف المتكلمين القدامى، وكذلك الحال فى البلاغة واللغة العربية التى عرفت نقلة فى اسلوب تقديمها فى وقته. كذلك تلقى المراغى العلوم على الشيخ على الصالحى وكان من شباب علماء الأزهر المستنيرين المحققين.