الأزهر: علاقة محرمة شرعا.. ومرتكبوها آكلون للسحت! يضيق بها الحال، فلا تجد الزوجة مخرجا من ضائقتها سوى التحايل على الشرع والقانون بالإتفاق مع زوجها «العويل»، فتذهب إلى المأذون بلا حساب للمصير المجهول الذى ينتظرها فور قدومها على اجراءات الطلاق الصورى المقصود به «الطلاق على الورق»، ثم استمرار العلاقة الزوجية بعقد عرفى. تلك القضية التى انتشرت بشدة فى السنوات الأخيرة الماضية والتى تنبئ بكارثة اجتماعية ليست فقط على المستوى الأسرى بل على مستويات اخرى تشكل خطرا على امن وسلامة المجتمع. لم تعلم السيدة «مريم.ع» 28 عامًا «غير متعلمة»، انها ستصبح مطلقة مع إيقاف التنفيذ بعد مرور عامًا فقط من زواجها، بحجة ظروف زوجها المادية الصعبة التى جعلتها تفكر فى الحصول مرة اخرى على معاش ابيها المتوفى لمواجهة أعباء الحياة، فاتفقت السيدة مع زوجها على الطلاق سرا دون معرفة اسرتيهما ثم يستمران فى الزواج بعقدا عرفيا، بعد تنازلها على كافة حقوقها امام المأذون، حتى تستطيع الحصول على المعاش الذى يقدر ب 1300 جنيه.. لم يمر عام على طلاق «مريم.ع»، ورزقها الله بمولود وهنا كانت الصدمة بعد علمها بعدم استطاعتها نسب الطفل لزوجها لأنها قد اصبحت فى حكم المطلقة رسميا وبلا زوج أمام القانون والأوراق فأصبحت هى وزوجها فى ورطة أمام مولودهما الصغير الذى تركاه مجهول النسب. حال «مريم.ع» لم يختلف كثيرا عن حال السيدة «حنان.م» البالغة من العمر 43 عاما ولديها 4 اطفال، والتى اقدمت ايضا على «الطلاق الصورى» للحصول على معاش والدتها المتوفاة لمساعدة زوجها فى مصاريف الحياة، لكنها صدمت بعد مرور 7 اعوام على استمرار زواجهما بعقد سرى، برفض زوجها اثبات نسب طفلهما الرابع بعد مشاكل كبيرة حدثت بينهما انتهت بابلاغه عنها الجهات المعنية واتهامها بالخيانة . أما السيدة «نجلاء.ش» 49 عاما رأت ان الطلاق الصورى لايخالف القانون وأن المعاش الذى تحصل عليه هو حق مكتسب لها، لعدم توفير الدولة دخلاً ماديًا مناسبًا لزوجها الذى يعمل موظف امن باحدى الشركات الحكومية وخاصة ان لديهما 3 أطفال ولايستطيع تلبية احتياجات اسرته فلذلك قررت السيدة الاتجاه إلى هذا الطريق فى ظل غلاء المعيشة . اتضح ل«الأسبوع» أثناء بحثها فى النفق المظلم فى هذه القضية أن دوافع الطلاق الصورى لم تقتصر عند حد تمكين الزوجة من الحصول على المعاش فقط، بل امتدت دوافع القضية إلى بعد خطير وهو استخدامه كوسيلة لهروب الابن من اداء الخدمة العسكرية واكتشفنا ذلك اثناء حديثنا مع السيدة «أ.م» 52 عاما التى فاجأتنا بانها قامت بالاتفاق مع زوجها على طلاقهما صوريا، حتى لايصب ابنها الدور لاداء فترة تجنيده وحصوله على المعافاة لسبب إعالة والدته المطلقة على الورق . لم تكن هذه الظاهرة وليدة اللحظة بل انها بدأت منذ ماقبل العام 2008 ثم ازدادت تدريجيا عقب ثورة يناير فى 2011 إلى أن ظهرت بشكل ملحوظ فى وقتنا الحالى، حسب ماقاله لنا، الشيخ اسلام عامر نقيب المأذونين، الذى اكد ان ظاهرة «الطلاق الصورى» تعد من اخطر قضايا الاسرة التى القت بظلالها على المجتمع، مضيفا انها تتم فى اغلب الحالات بسبب عدم استقرار الزوج ماديا وعدم تمتعه بدخل ثابت.. وكشف نقيب المأذونين أن نسبة هذه القضية تقدر ب20 % تقريبا ويصعب على الدولة رصدها بشكل رسمى لانها تعتبر اجراءات غير قانونية.. وقال الشيخ اسلام عارف إن أعمار الزوجات اللاتى يقدمن على هذا الطلاق تتراوح أعمارهن مابين ال40 و50 عاما بعد مواجهتهن ظروفًا مادية صعبة فيضطررن إلى الاقدام على هذه الخطوة.. مضيفا ان من ضمن الحالات ايضا يكون الزوج قد خرج على المعاش ودخله لايكفى مصاريف الحياة فتضطر الزوجة إلى مساعدته بهذه الطريقة غير المشروعة. وأشار نقيب المأذونين إلى أن هذه الظاهرة لاتوجد بالقرى لتمسك اهلها بالعادات والتقاليد التى تحكم عملية الزواج والطلاق، بينما توجد فى المدن والعشوائيات والمناطق الشعبية، وتتم بدون علم الاهل. .. وعن وضع المأذنين فى هذه القضية وعما كانوا طرفا ام لا فى استفحال الظاهرة سألنا النقيب كيف يتم رصد المأذون المتورط فى إتمام مثل هذه الاجراءات، فقال الشيخ إسلام عامر إنه يصعب رصد ذلك لأن الماذون عندما يأتى له زوجان يريدان الطلاق فيقوم بسؤالهما الأسئلة الشرعية فقط ومن ثم يتمم الاجراءات بناء على رغبتهم حسب ما كفله له الشرع، وتابع: يجب علي المأذون تحرى الدقة جيدا فى الاستماع إلى أسباب الطلاق ويتأكد أنها أسباب حقيقية فى محاولة للحد من التدليس والغش اللذين تقوما بهما الزوجة.. ووصى نقيب المأذونين بإصدار قانون يواجه هذه القضية بردع، ومضاعفة جهود وزارة التضامن فى التقصى والتحرى عن أوضاع السيدات المطلقات اللاتى يصرفن المعاشات. المصير المجهول أغلب الزوجات اللاتى أقدمن على الطلاق الصورى لاقين مصيرا مريرا على يد أزواجهن انتهت اغلبها بالحبس حسب المادة 179 من قانون التأمين الاجتماعى، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، التى نصت على أنه يُعاقب بالحبس، مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أعطى بسوء قصد بيانات غير صحيحة.. فى هذا الصدد اكدت لنا المحامية شيرين نجيب عضو مكتب الشكاوى بمركز حقوق المراة، أن أغلب الحالات يتم اكتشافها بعد وقوع المرأة فى مساءلة قانونية مترتبة على طلاقها الصورى وان اغلب الحالات تعرضن لإنكار النسب لرفض الزوج توثيق العقد العرفى، إلى جانب الابلاغ عن زوجته فى التأمينات بعد ذلك حتى يتمكن من سلبها حقوقها وطردها خارج مسكنها والاستحواذ على شقة الزوجية حتى تتاح له الفرصة للزواج من امراة اخرى. وأضافت المحامية أنه من ضمن المشكلات أيضا التى تترتب على هذه القضية احداث غيرة بين الشقيقات تنتهى بالابلاغ عن الزوجة وتوريطها فى قضية «إخلال بالشرف» وتتحول إلى فضيحة أمام جيرانها وأقاربها بدافع الانتقام منها لحصولها على مال غير مستحق، وهنا فجأة تجد الزوجة نفسها أمام تهمتين الاولى قضية عن الزنا والشرف والأخرى الاستيلاء على المال العام .. إلى جانب وضع الاولاد السيئ وتشريدهم فى نظر المجتمع بعد فضح أمر والديهما، مشيرة إلى ان اغلب الحالات المبلغ عنها جاءت عن طريق الزوج.. وبسؤالها عن مدى مسائلة الزوج فى قضية الطلاق الصورى اجابت عضو مكتب شكاوى المراة، أن الزوج لاتقع عليه اى مساءلة قانونية وأن المسائلة كلها تتحملها الزوجة لانها هى من تقوم بالتوقيع على كافة البيانات حال تقديمها لمكتب التأمينات للحصول على معاش المطلقات. وعن دور مركز حقوق المراة فى مساعدة الزوجة التى تواجه مشاكل قانونية ترتبت على طلاقها الصورى، قالت المحامية شيرين نجيب اول خطوة يأخذها مركز حقوق المرأة هى اقناع السيدة بتسديد كل ماتحصلت عليه من اموال من التأمينات ثم مواجهة باقى المشكلات بطرق قانونية سواء كانت انكار نسب او قضية شرف عن طريق اثبات عقد الزواج السرى الذى تم بعد الطلاق الرسمى. وأضافت أن مركز حقوق المراة يقوم بنشر الوعى بين السيدات المتزوجات من حين لاخر لاعلامهم بالمخاطر التى سيتعرضن لها بعد الوقوع فى هذه القضية. وأكدت أن المركز يقوم كل فترة بنشر الوظائف الخالية للازواج والزوجات التى لاتعمل كوسيلة لرفع مستوى المعيشة بدلا من سلك طرق غير شرعية. علاقة محرمة شرعا وعن رأى الدين فى المعاش التى تحصل عليه المطلقة صوريا قال د. أحمد شبل عضو اللجنة الشرعية بمرصد الازهر، إن الطلاق الصورى يعتبر فى نظر الشرع «تحايلا» وأن التحايل مذموما ومحرما وبناء عليه كل مايترتب عليه من تصرفات تعتبر تصرفات محرمة وكذلك الاموال التى تحصل عليها المرأة من التأمينات مدلالا على ذلك بقول رسول الله «كل لحم نبت من سحت فالنار اولى به».. وأشار دكتور شبل محمد صلى الله عليه وسلم: أن الاضرار التى تترتب على قضية الطلاق الصورى تتبلور حول نهب المال العام بالباطل ومن ثم ضياع حقوق الزوجة بالكامل التى تتنازل عنها على الورق لكى تحصل على معاش المطلقات .. وكذلك ربما تحدث ضررا بالزوج فى حالة هروب زوجته وزواجها من اخر قائلا ان هذا يثير الفتن التى تفسد فى الارض. متسائلا: كيف يمكننا الفصل فى النزاعات التى ربما تحدث اثناء العلاقة العرفية التى تجمع الزوجين بعد طلاقهما ؟ متابعا: عندما تحدث نزاعات بين الازواج رسميا ستحل عن طريق المحاكم.. فكيف نحل المنزاعات اذا انتفت هذه الصورة فهذا يؤدى إلى انشقاق فى المجتمع.. وشدد دكتور شبل عضو اللجنة الشرعية بمرصد الازهر على ضرورة تغليظ العقوبة على كل من يثبت تورطه فى قضايا الطلاق الصورى سواء الزوج او الزوجة . وأرجعت النائبة آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة اسباب انتشار هذه الظاهرة بين الازواج داخل البيوت المصرية إلى التلاعب بالميثاق الغليظ «الزواج» وإضعاف قيمته التى عظمها الله سبحانه وتعالى فى ذكره الحكيم «واخذن منكم ميثاقا غليظا». وأكدت نصير أن أى عبث بقول الله تعالى يسقط صاحبه فى الدنيا والآخرة إذا حاول العبث بعقد الزواج بهدف التدليس والغش على الدولة للحصول على مال غير مستحق وتقصد به الزوجة عندما تحصل على معاش المطلقات بشكل صورى .. وقالت أستاذ العقيدة والفلسفة إن الالتزام يأتى من جوهر الانسان.. فإن الجوهر تراجع كثيرا وأصبح مظهرا فقط، وأن الفوضى التى توجد داخل البيوت جاءت بسبب التلاعب بالميثاق الغليظ الذى قدره الله فى كتابه. وأوصت النائبة آمنة نصير بضرورة توثيق عقد الزواج بعد استيفاء شروطه وبنوده.. وكذلك الطلاق قائلة إن الطلاق غير المسبب لايقع .