اتخذت السياسة الخارجية الأمريكية مسارا جديدا بدأ بخطوات عملية تجاه كل من إيرانوكوريا الشمالية وذلك بعد أن انتهجت الادارة الأمريكية السابقة سياسة الدبلوماسية والحوار مع بيونج يانجوطهران التى عقدت معها اتفاقا نوويا برعاية دولية، حتى جاء الرئيس الحالى للولايات المتحدة دونالد ترامب ليغير من هذه السياسة لتأخذ شكلا أكثر حزما وحسما. فقد أعلن ترامب أنه لن يصدق على امتثال إيران للاتفاق النووى ومن ثم يحق للكونجرس إعادة فرض عقوبات على طهران فى غضون 60 يوما، ولم يعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق كما هدد من قبل وذلك بعد تحذيرات دولية وتوصيات لمسئولين داخل إدارته بعدم الانسحاب من الاتفاقية والذى من شأنه أن يجعل طهران لا تلتزم بالاتفاق ومن ثم تبدأ فى استئناف أنشطتها النووية على الفور خاصة أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت نحو تسع مرات أن إيران تلتزم بالاتفاق النووى وهو ما أكده الرئيس الإيرانى حسن روحانى الذى أعلن أن بلاده ستستأنف أنشطتها النووية إذا انسحبت أمريكا من الاتفاق النووى، كما أن الانسحاب الامريكى من الاتفاق لن يلزم الدول الأوربية بتطبيق ما جاء به من عقوبات وقيود، لذا رأى الرئيس الامريكى فرض مزيد من العقوبات وتوسيع بنود الاتفاق التى تعتبرها إدارته خطيرة لتشمل قيودا على برامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتى لم يتضمنها الاتفاق وإعادة التفاوض فى بنود ما تسمى ب«الغروب» حين ينتهى الاتفاق بعد 15 عاما وهى الفترة التى تتوقف فيها طهران عن أنشطتها النووية غير أن ترامب يعتبرها محدودة للغاية ويجب توسيعها لأكثر من ذلك بكثير حتى لا تستطيع إيران الحصول على السلاح النووى ولو بعد حين كما أوضح فى تصريحه «لن تحصل أبدا إيران على السلاح النووى». واستبقت الخزانة الأمريكية الاعلان عن الاستراتيجية الجديدة تجاه إيران بفرض عقوبات على 4 كيانات بينها شركة صينية لعلاقتها بالحرس الثورى الإيرانى، حيث أكد الرئيس ترامب أنه أصدر أوامره للخزانة الأمريكية بتوقيع عقوبات على كل من يتعامل مع الحرس الثورى الإيرانى فى مجال الصورايخ الباليستية غير أنه ابتعد عن تصنيف الحرس الثورى كمنظمة إرهابية وذلك بعد تهديد طهران باستهداف القواعد الأمريكية فى المنطقة إذا تم تصنيف الحرس الثورى كمنظمة ارهابية. ويرى مراقبون أن لهجة ترامب الشديدة ضد النظام فى إيران تشير إلى سعيه إلى خنق النظام من خلال فرض عقوبات على الحرس الثورى الاداة التى ينفذ بها سياسته بالمنطقة. ويرى البعض أن واشنطن ستسعى فى الفترة المقبلة إلى تغيير نظام الملالى الذى يتوعد بالموت لأمريكا ولإسرائيل لكن من خلال القوة الناعمة التى تشمل فرض عقوبات اقتصادية عليه وتحجيم دوره فى المنطقة من خلال فرض عقوبات قاسية على الحرس الثورى الإيرانى. وهو ما أكدته تصريحات ترامب التى أعلن فيها عن استراتيجيته الجديدة تجاه إيران والتى انتقد فيها النظام بشدة منذ نشأته وحتى الوقت الراهن الذى يقوم فيه بزعزعة الاستقرار فى المنطقة. سياسة ترامب التى تسعى لمعاقبة كل من إيرانوكوريا الشمالية بسبب برامجهما النووية تتجه إلى زيادة الترسانة النووية لأمريكا حيث طالب ترامب مستشاريه للأمن القومى بزيادة ترسانة بلاده النووية والتى بها حوالى 4000 رأس نووى حربى وذلك فى الوقت الذى اتجهت فيه السياسة الأمريكية لمزيد من التصعيد تجاه كوريا الشمالية بعد أن تحدثت تقارير عن استعدادات أمريكية لحرب وشيكة ضد كوريا الشمالية بمشاركة بريطانية، حيث طالب وزير الدفاع الامريكى جيمس ماتيس الجيش بالاستعداد لمواجهة استفزازات كوريا الشمالية وقال ماتيس فى الاجتماع السنوى للجيش «إن الاستراتيجية الحالية لكوريا الشمالية دبلوماسية وعقوبات اقتصادية وجهود مدعومة لإثناء بيونج يانج عن المضى قدما فى طريقها» مضيفا «هناك شىء واحد يستطيع الجيش الامريكى القيام به وينبغى أن تكونوا مستعدين لتأكيد أن لدينا خيارات عسكرية وأن رئيسنا يستطيع استخدامها إذا احتاجها». جاء ذلك بعد اجتماع الرئيس ترامب مع القادة العسكريين بالبنتاجون لمناقشة كيفية الرد على أى تهديد من كوريا الشمالية ووصف الرئيس هذا الاجتماع ب«الهدوء الذى يسبق العاصفة». وتزامن ذلك مع استعراض للقوة الأمريكية فى شبه الجزيرة الكورية عندما حلقت قاذفتان تابعتان للبنتاجون من طراز بى –بى1 بالمنطقة، والتحقت القاذفتان بمقاتلات كورية جنوبية من نوع إف- كيه 15 بعد أن تركت قاعدتها بجزيرة غوام.حيث قامت القاذفتان الامريكتان بتدريبات لصواريخ جو- أرض فى مياه الساحل الشرقى لكوريا الجنوبية ثم حلقتا فوق المياه الفاصلة بين كوريا الجنوبية والصين لتكرار التدريبات. وقال الجيش الامريكى فى تصريح منفصل إنه قاد تدريبات مع مقاتلين يابانيين بعد التدريبات مع كوريا الجنوبية وهى الأولى من نوعها أن تقود قاذفات أمريكية تدريبات مع مقاتلين من اليابانوكوريا الجنوبية ليلا. وفى إطار الاستعداد للحرب أكدت صحيفة ال«ديلى ستار» البريطانية أن الولاياتالمتحدة أرسلت ثانى سفينة حربية نووية والتى تعرف ب«العصا الكبرى» ومن المقرر أن تصل تلك السفينة إلى شبه الجزيرة الكورية الاسبوع المقبل، هذا بالاضافة إلى 7500 جندى من المارينز. وتواترت تقارير عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكى الشهر المقبل للمنطقة المنزوعة السلاح التى تفصل بين الكوريتين فى إرسال رسالة هامة للزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون بأن بلاده ليست بعيدة عن يد أمريكا الباطشة. وأشار ترامب بوضوح إلى الخيار العسكرى تجاه بيونج يانج عندما غرد قائلا: «الشىء الوحيد الذى يمكنه أن يعمل لمنع كيم جونج أون من تطوير المزيد من ترسانته النووية التى تستهدف ضرب الاراضى الأمريكية» لكنه لم يفصح عن المزيد، وأكد مراقبون أن ترامب يقصد الخيار العسكرى. وأشار البعض أن تلك التغريدة كانت بمثابة الضوء الاخضر للحليف البريطانى لإعداد جيشه للحرب، حيث أكد قادة بالجيش البريطانى أنهم على استعداد لإرسال حاملة طائرات لنشرها بجانب القوى الأمريكية ضد كوريا الشمالية وأضافوا أنهم على أهبة الاستعداد لإرسال حاملة طائرات الملكة اليزابيث ونشر 12 طائرة من نوع إف 35 لإلحاقها بالسفن الحربية الأمريكية. وألقى وزير الدفاع البريطانى مايكل فالون خطابا فى مؤتمر حزب المحافظين أعلن فيه استعداد بلاده لطلب «السفن الحربية والطائرات والقوات» دعما للولايات المتحدة أو حلفاء آخرين. واتهمت رئيس الوزراء البريطانية تريزا ماى كوريا الشمالية بتهديد الأمن القومى البريطانى عندما قالت «إن مانشستر ولندن أقرب من بيونج يانج عن لوس أنجلوس». يرى مراقبون أن التصعيد الامريكى ضد إيران فى الوقت الذى تستعد الولاياتالمتحدة لضرب كوريا الشمالية نوعا من التمويه عن الخطوات الأمريكية الجارية لشن حرب ضد بيونج يانج وفى نفس الوقت تكون هذه الحرب بمثابة كارت إرهاب لطهران فيما بعد للقبول بالبنود الجديدة للاتفاق والتى تأمل واشنطن وضعها فى الاتفاق الجديد، أو إلحاقه باتفاق تكميلى له.