- 1 - عابرونَ علي أرضها.. في نهارٍ فريدْ تَكتُب الشمسُ أسماءَنا فوق جُدرانِها ثم تمسحها الريحُ قبل المغيبْ عابرونَ علي أرضها.. لا طموحَ لنا في الصولجان القشيبْ لا نريدُ من الملكِ شيئا لا نريدُ من الحكمِ شأنا لا نريدُ سوي صحوةِ العدلِ كالفجرِ في أفْقها المستريبْ كان ما كانْ ثم انقضي ما انقضي وبدا أننا في الطريق إلي النهرِ كي يشرب الظامئونْ حتي ارتواءْ القلوبْ لكنهم يقطعون الطريق علينا ويسدُّونَه بلسانٍ كذوبْ عابرونَ علي أرضها.. فوق هامتنا أعلامُها كالنسورِ ترفرفُ في الفضاءِ الرحيبْ لم تكن أعلامنا ذات يومٍ قطعةً من قماشْ فوق ساريةٍ من حديدْ إنها لحمُنا فخرُ أيامنا زخرُ أجدادنا نسجَ المجَدُ ألوانها من دماءِ الجنودْ عابرونَ علي أرضها.. في نهارٍ فريدْ - 2 - كان قلبي علي غُصنِها تفاحةُ يسكنها الحلمُ في سنواتِ الذبولْ كان قلبي علي غصنها عصفورة ترقبُ الفجرَ في لحظات الأفولْ كلُّ شيءٍ يهونْ في الطريقِ إليها يهونْ الغزالُ الشريدُ الذي خبَّأته العيونْ مطرُ البارودِ في ساحةِ الحربِ والدمُ الذي يغسلُ الرملَ ويهدُّ الحصونْ لسعةُ الحزنِ في غرفِ الانتظار الطويلْ وفي ردهات السجونْ عضّةُ الجوعِ بين الموانئِ في غربة الطائرِ المستكينْ كيف لي أن أعدّ النجومَ والسماوات حولي ضبابُ والدخان ظنونْ كل شيءٍ يهونْ في الطريقِ إليها يهونْ ما خرجنا عليها ولكن خرجنا لها من شقوقِ الغيابِ ومن دفقات الحنينْ بين سيفين تمشينَ محلولةَ الشعرِ والعواصفُ تتري من كلِّ صوبٍ والرؤي لا تبينْ والسكاكينُ مشرعةُ تطلبُ اللحمْ والدماءُ شرابَُ سائغَُ للشاربينْ - 3 - لا تسلّم لواءكَ مهما زلزلوا الأرضَ أو أهلكوا الحرثَ إنهم مارقونْ لا تسلّم لواءكَ مهما روَّضوا الخوفَ أو أشعلوا البرقَ إنهم طامعونْ إنهم عصبةُ الشكِّ في ثورة الشعبِ أوقدوا نارَهُ فتنةً للعالمينْ ليس إلا قميصَ عثمانَ يطوي وينشرُ بالدمِّ في زحامِ الميادينْ فتنةَُ تقذفُ حممَ الثأرِ علي أعمدةِ البيتِ الأمينْ محنةَُ لم يعدْ يصلحُ معها الأسبرينْ قُمْ لهم كالنيل في العدلِ وكالسكينِ في القطعِ ووجهك كالصبح المبينْ امنح الناسَ من قلبكَ ما يملأُ الشارعَ عزماً ويقينْ قُلْ لهم في كلِّ حينْ ليس بعد الشعب دينْ قُلْ لهم يا مصرُ تبقينَ علي أكتافنا شعلةَ المجدِ ومجدَ الخالدينْ ثورةُ الشعب التي خرجت ْ من منجمِ التاريخِ لن يسرقها المرجفونْ قُلْ لهم يا فقراء مصر الطيبينْ مِلح هذي الأرضْ يا سنابل قمحها الذهبي يا أُسدَ العرينْ مصر تبقي في العيونْ لا تسلّم لواءكَ مهما زلزلوا الأرضَ أو أهلكوا الحرثَ إنهم مارقونْ لا تسلّم لواءكَ مهما روَّضوا الخوفَ أو أشعلوا البرقَ إنهم طامعونْ - 4 - السلامُ علي مصرَ أمِّ القري وأمِّ المدائنِ أمِّ المآذنِ أمِّ الكنائسِ أمِّ السنابلِ أمِّ الفضائلِ السلامُ علي وطن المعجزاتْ علي مسحة الحبِّ فوق خدود البناتْ علي خضرة الأرضِ تحت دبيبِ المطرْ علي العشقِ والوجدِ في عنفوان الخطرْ السلامُ علي شعبها العربي الأصيلْ علي منجم الذكرياتْ علي الحربِ حينَ يعود النفيرْ فتصطفُّ فيه الجموعْ السلامُ علي الصبر والقهر والجوعْ علي عتباتِ البيوتْ علي الناي في مفرِقِ النهرِ بين الشطوطْ علي الفأسِ والمنجلة علي حبَّة العرقِ النازلة من عاملٍ للبناءْ علي ربوةٍ عالية السلامُ علي أغصانها الزاهرة علي النيلِ والقاهرة علي السُحبِ العابرة السلامُ علي الثورةِ الظافرة علي لغة الفعلِ في عينها الساحرة السلامُ علي جيشها في احتدام الخطوبْ وفي لحظة الزلْزلة فارس قُدّ من صخرها يشتري مَجدَها بالحياة في لحظةٍ عابرة السلامُ علي مصرَ أمِّ القري وأمِّ المدائنِ أمِّ المآذنِ أمِّ الكنائسِ أمِّ السنابلِ أمِّ الفضائلِ السلامُ علي النيلِ والقاهرة السلامُ علي الثورةِ الظافرة