في خطاب قبول ترشحه للرئاسة من قبل الحزب الجمهوري. اتهم ترمب الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون بصناعة داعش والقى باللوم على مهندسة الحرب على ليبيا قائلًا:" قبل 2009 أي قبل هيلاري كلينتون. داعش لم يكن له وجود، وليبيا كانت مستقرة-مصر كانت مستقرة-العراق كان يشهد عنف أقل-إيران كانت مقيدة بالعقوبات-سوريا كانت إلى حد ما تحت السيطرة.... بعد أربع سنوات من وجود كلينتون ماذا لدينا ؟ داعش انتشرت في المنطقة والعالم- ليبيا دُمرت-مصر حكمها جماعة الاخوان الراديكالية-العراق في فوضى- إيران في طريقها للنوي- سوريا في وسط حرب أهلية. وبعد 15 عاما من الحروب في الشرق الأوسط، وتريليونات الدولارات، وآلاف من الضحايا. الوضع أسوء من أي وقتا مضى. هذا هو ميراث هيلاري كلينتون". وفي إطار استراتيجية المرشح الجمهوري تجاه منطقة الشرق الأوسط أردف قائلًا :" لابد ان نتخلى عن السياسة الفاشلة في بناء الأوطان وتغيير الأنظمة، لا بد من العمل مع حلفائنا لهزيمة داعش وإرهاب الإسلام الراديكالي . إذن استراتيجية الرئيس الأمريكي الجديد كانت واضحة منذ حملته الانتخابية وحتى وصوله إلى البيت الابيض في يناير من عام 2017. إذ أعلن عن استراتيجية الحرب على الارهاب، القضاء على تنظيم داعش - وليس عبارة- دحر التنظيم، وهي الاستراتيجية الفاشلة التي تبنتها إدارة أوباما. ما يعني أن الحرب على داعش لن تزيح هؤلاء الجهاديون إلى من مناطق تواجدهم إلى أخرى، أو من بلده إلى أخرى، أو حتى من دولة إلى دولة. مثلما كانت تفعل إدراة أوباما وحلف الأطلسي منذ عامين على بدء ضربات التحالف الدولي. بل ستبيدهم جميعًا في أماكنهم. فبراير 2017. أجبر ترمب حلف شمال الأطلسي على تعليق عمليات الاستطلاع الاستخباراتية التي كانت تنظمها طائرات الأواكس والأقمار الصناعية. هذه العمليات كانت تقوم برصد ساحات المعارك في سوريا، وتستخدم فرز المعلومات في مساعدة الجماعات الجهادية على الفرار من ضربات قوات الجيش السوري. مع ذلك ظلت التحركات المنفردة من قبل بريطانياوفرنسا والمانيا لدعم الجهاديين والمتمردين على الأراضي السورية محل جدل واسع مع تعمد تنظيم عمليات فرار جماعي لهؤلاء أثناء معارك تحرير المدن تحت رعاية بريطانية فرنسية، يعيد إلى الأذهان وثيقة صادرة عن جهاز الاستخبارات البريطانية للحرب على سوريا. تشير إلى أن شعوب الشرق الأوسط الكبير في أغلبيتها مناهضة للامبريالية مع ذلك، تشير الوثيقة، إلى أنه من أجل إعادة استعمار المنطقة، لابد من الاعتماد على جماعات مناهضة للامبريالية "باعتدال" لمقاتلة الأكثر تطرفا منهم، الذين لايمكن السيطرة على المنطقة معهم. توجهات ترمب تُعني فك الارتباط الأمريكي مع الحلفاء التقليدين، فالسياسات المعلنة تقف حائلًا أمام كل من بريطانياوفرنسا وتركيا والسعودية في استخدام سلاح الإرهاب لتحقيق أهداف جيوبوليتية . اسئلة عديدة دارت في خلد قادة أوربا. إلى أي مدى يؤمن الرئيس الأمريكي لا الحرب على الارهاب فحسب، بل القضاء على الجهاد العالمي ككل، والذي يعني تخلي الأنجلوامريكي عن خطط الشرق الأوسط الكبير، وتنصيب التنظيم الإرهابي للإخوان حُكم هذه المنطقة. خاصة ان ترمب استخدم كلمة تيار الاسلام الراديكالي، وحينما اشار إلى حكم الإخوان في مصر بعد يناير الأسود وصفهم بالجماعة الراديكالية. كما أن عزم ترمب القضاء على الارهاب يعني حل المملكة العربية السعودية رابطة علماء المسلمين التى تنسق العمل بين الجهادين في المنطقة برعاية بريطانية. وقبول الرئيس التركي التخلي عن رعاية تيار الإسلام السياسي وجماعاته الجهادية، وموافقة فرنسا التخلي عن فكرة استعادة الانتداب على سوريا. الصدمة الحقيقية للقارة العجوز أتت من اجتماع التحالف الدولي لمكافحة داعش الذي انعقد في واشنطن 22 مارس الماضي فقد ذكر وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون الحاضرون بتعهد الرئيس ترامب أمام الكونجرس بالقضاء على داعش، وليس دحرها، وحاول وزير الدفاع جيمس ماتيس، إقناع نظرائه ببدء معركة الرقة للقضاء على داعش. فأتي السؤال الأهم . ماذا ستفعل واشنطن بالرقه بعد تحريرها. الأجابة كانت صادمة للأوربيين فواشنطن تنوي تسليم الأراضي التي ستتحرر إلى سوريا الأسد. ضجت القاعة زجرا، وعرض قادة أوربا ان يوكل للبرتغال التدخل العسكري في الرقة. فلا يمكن ان تسلم المدينة المحررة لدمشق. انتهى المؤتمر دون قرار موحد بعد أن دب الخلاف بين أفراد العصابة الدولية ، وأغلب الظن ان الهجوم على دمشق لأول مره منذ 2011 كان رد بريطاني فرنسي على الموقف الأمريكي. أيام قليلة بعد المؤتمر يقر ترمب بشرعية الدولة السورية وبالتالي شرعية الأسد نفسه ولم يعد سقوطه داخل بؤرة اهتمامات الرئيس الأمريكي الذى كرر عزمه القضاء على الارهاب في لقائه بالرئيس المصري. مخضرمي أوربا أما يعلنوا الاستسلام للرواية الأمريكية الجديدة وتضيع استثماراتهم، أو يتم ممارسة الضغوط ولو بصناعة حدث يُجبر ترمب على الانصياع. وقد نجحوا في جرجرة ترمب بكمين حادث خان شيخون الكيماوي. سقط ترمب في الخطيئة ووجه ضربة عسكرية محددوة ضد سوريا سلبياتها ستصبح أكثر من إيجابياتها على امريكا نفسها. وكأنما التاريخ يعيد نفسه حينما رفض فرنكلين روزفيلت المشاركة في الحرب العالمية الثانية ونجح مُخضرمى أوربا والاستخبارات البريطانية في جرجرة الرئيس الأمريكي الذي أصدر أوامره بدخول الحرب وقذف هيروشيما بالقنبلة النووية. كاتب جيوسياسي