قل ما شئت، انتقد أو اتهم كما شئت، تبقى هنا «الأسبوع».. كأى تجربة صحفية، لها ما لها، وعليها ما عليها، لكن تبقى صحيفتنا التى نعتز بالانتماء إليها ثابتة على مواقفها الوطنية والقومية، فى ظل وجود صحف، أمريكية الصنع والهدف والنكهة.. تبقى «الأسبوع». لقد تزامن صدور صحيفة «الأسبوع» وخروجها للنور قبل عشرين عامًا، مع تغيرات عالمية وإقليمية كبيرة، وتوجه أمريكى سعى دءوبًا لتدجين النخب المصرية الحركة الثقافية والجماعة الصحفية وغيرها وفرض التطبيع والكيان الصهيونى، لخلق واقع إقليمى جديد، نعيش تداعياته هذه الأيام. تيار قوى وربما جارف سعى ويسعى لزعزعة أو بالأحرى لهدم الثوابت التى استقرت فى الضمير الوطنى، من خلال تمرير بعض المفاهيم والعبارات الرنانة من عينة «قبول الآخر» و«ثقافة السلام»، و«الحيادية» و«الموضوعية» وغيرها، من كلمات حق يراد بها باطل. ومع حفاظ «الأسبوع» على مواقفها الوطنية والقومية، «بالطبع إلى جوار آخرين» ظهرت فى طريقنا، مؤسسة «أناليندا» وهى جمعية أورومتوسطية مشبوهة ترفع لافتة «حوار الثقافات» شعارًا لأنشطتها التي تسعى من خلالها لدمج الكيان الصهيونى فى المنطقة العربية، زار مديرها التنفيذى مقر الصحيفة وعرض تقديم دورات تدريبية لمدة ستة أشهر للصحفيين بالتعاون مع وسائل الإعلام الأوربية، وأبدى استعداد المنظمة لتقديم كافة المساعدات المادية لتطوير الصحيفة ودعمها بالإمكانات المادية والتقنية المطلوبة.. وهو ما رفضته «الأسبوع».. لأنها أدركت مبكرًا ماذا يريد هؤلاء وغيرهم، من مهنة البحث عن الحقيقة. أعود بكم إلى الوراء قليلا.. عندما ضرب الصحفى العراقى منتظر الزيدى الرئيس الأمريكى بوش بالجزمة فى الواقعة الشهيرة التى احتلت صدر الصفحات الأولى فى الصحف وتصدرت نشرات الأخبار، فقد خرجت بعض الأصوات توجه اللوم للزيدى وتتهمه بالخروج على آداب مهنة الصحافة وقواعدها وتقاليدها. هكذا قالوا.. أو يريدون.. الصحفى بلا طعم أو لون أو رائحة.. مطلوب منه أن يتعامل مع المحتل والمغتصب بحياد تفرضه القواعد!!.. وهى للأسف المفاهيم التى أصابت الكثير من الصحفيين، فمن الخطأ أن تكتب فى الخبر «الكيان الصهيونى» لأن هذا رأيك؟!!.. بل من الخطأ أيضًا أن تضع كلمة «إسرائيل» بين قوسين لأن فى ذلك وجهة نظر.. عندما تنقل تصريحات مصدر من المصادر «محمود عباس أبومازن مثلا».. تقول «حسب وصفه» حتى ولو كان يتحدث عن انتهاكات صهيونية أو ممارسات وحشية يقوم بها جيش الاحتلال الصهيونى. الصحفى محايد.. ينقل تصريحات أبو مازن بالضبط كما ينقل تصريحات نتنياهو.. ويا سلام لو عملت غير كده تبقى من ديناصورات الصحافة التى انقرضت، وتصبح خارج التاريخ.. لا مؤاخذة.. تقليدى ورجعى وغير متفاعل وقديم. انت بتقول جيش الاحتلال الصهيونى؟!!.. «أوووه فانتاستيك»، اسمه جيش الدفاع الإسرائيلى.. انت بتقول: الزعيم الخالد جمال عبدالناصر؟!.. «أووه نوووو»، صحفى كذاب يزيف الحقائق.. خالد.. عبدالناصر الله يرحمه مات. على الصحفى أن يتجرد من عقله.. حتى يصبح مهنيًا ووديعًا.. ينظر للأمور وكأنه صحفى نمساوى أو دنماركى.. مسجون فى «سجن أبو غريب» زى مسجون فى «جوانتانامو» زى مسجون فى سجن من سجون الصين.. فهم بالنسبة له مجرد مساجين.. يتعامل مع رواد التطبيع كما يتعامل مع رموز المقاومة.. فهما بالنسبة له يعبران عن وجهتى نظر يجب إلقاء الضوء عليهما.. وإلا، فقد وقع فى المحظور.. وأصبح له وجهة نظر!!. نعم.. المقاومة التى تكفلها المواثيق الدولية يسمونها إرهابًا.. والاحتلال الأمريكى للعراق يسمونه نشرًا للديمقراطية!!.. والقدس عاصمة «إسرائيل» يقولون إنه الواقع مجرمون أصبحوا ملائكة رحمة.. وأبرياء تحولوا إلى مدانين.. لكن رغم كل شىء.. ستبقى هنا «الأسبوع». رغم الهجمة الشرسة التى استجاب لها كثيرون، ما زالت هنا «الأسبوع»، بخطها الوطنى الثابت وتوجهها الثقافى المستقل، وانحيازها العروبى، دفاعًا عن كل القيم التى تتعرض للهجوم والتشويه.. تواجه التحديات الثقافية والفكرية الهائلة، التى تهدد حاضرنا ومستقبلنا.. ولا تزال.