يعانى نظامنا التعليمى جملة من المشكلات الملحة والمؤرقة لكل أطراف العملية التعليمية، فمع تدنى مستوى التعليم فى المدارس الخاصة قبل العامة انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية وتوغلت لدرجة فشلت معها أى وسيلة لمجابتها والقضاء عليها، وبلغت مشكلات التعليم ذروتها بالطامة الكبرى التى حدثت فى امتحانات الثانوية العامة العام الماضى وهى تسريب الامتحانات وإلغاء امتحان مادة التربية الدينية بعد التأكد من تسريبه على مواقع التواصل الاجتماعى. تسريب الامتحانات الذى سبق وان حدث فى عامى 2014 و2015، كما قال الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب دون ان يعترف به أحد، كان هو الشغل الشاغل للوزارة ومجلس النواب الذين تبنوا ضرورة وجود نظام امتحانات جديد يقضى على ظاهرة الغش وتداول أوراق الأسئلة والاجابات على الانترنت، فكان نظام البوكليت الذى أعلن عن تفاصيله الأسبوع الماضى. النظام الجديد كما قال الدكتور شيحة، يحتوى على عدد أكبر من الأسئلة فى ورقة الامتحان وقد يزيد عددها على 70 سؤالًا قصيرًا وإختيارات، الأمر الذى يعطى فرصة للطالب للحصول على درجات أعلى، ودون ان تكلفه الاجابة الخاطئة اهدار الكثير من الدرجات، كما ان هناك عدة نماذج للامتحان الواحد، بما يصعب مهمة الغش الجماعى، وسوف تقوم وزارة الاتصالات بإدخال تقنيات جديدة تحول دون تسريب الامتحانات. الثانوية العامة كابوس يؤرق معظم الأسر المصرية كل عام، حيث يؤدى الامتحان ما يزيد عن 500 ألف طالب، بما يعنى ان ربع عدد السكان تقريبا يعيش نفس المعاناة سنويًا، ولأنها سنة مصيرية يتوقف عليها مستقبل الطالب، فإن أولياء الأمور يبذلون الغالى والنفيس لشحذ همة أبنائهم والدفع بهم دفعا لتحصيل أكبر الدرجات، وهنا بالطبع يدفع أولياء الأمور مبالغ طائلة لمافيا الدروس الخصوصية، حتى لو كان ذلك على حساب مصروفات أخرى ضرورية. طالب الثانوية العامة لا يدخل مدرسته، حتى ولو كانت مدارس لغات وبمصروفات باهظة، ولكنه يستعيض عنها بالدروس الخصوصية فى المراكز أو «السناتر» حسب الاسم الشائع، ومع ذلك تطالب إدارة المدرسة ولى أمر الطالب بدفع كامل المصروفات، وهناك مواد يؤدى فيها الامتحان كمادة نجاح دون ان تضاف للمجموع، مثل مواد الاحصاء والاقتصاد وحتى التربية الدينية يضطر الطلاب لدفع مبالغ نقدية للحصول على الملخصات والشرح فى حصص مكثفة. التعليم فى مجتمعنا أصبح مشكلة مؤرقة تتعدد أطرافها وتتشابك وتتعقد يوما بعد يوم دون ان تكون هناك حلول ناجعة، ولذلك فإن الأمور تزداد سوءًا، وأصبح أكثر من نصف دخل الأسر ينفق على تعليم الأبناء، دون ان يكون لذلك مردود ايجابي لا على العملية التعليمية ولاعلى الطالب نفسه، الذى يتخرج فى الجامعة دون ان يكون مؤهلاً لسوق العمل... نتمنى ان يكون نظام البوكليت بداية لثورة فى مجال التعليم نحتاجها بحق.