خلال الجلسة الأولي لمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، طلب محاميه فريد الديب استدعاء المشير حسين طنطاوي للاستماع إلي شهادته في قضية مقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير.. وكان الهدف من وراء طلب الاستدعاء, هو معرفة عما إذا كان الرئيس السابق قد أصدر تعليمات بالاعتداء علي المتظاهرين أم لا؟! ورغم أن مصدراً أمنياً صرح لوكالة الأنباء الفرنسية بأن المشير سوف يستجيب لقرار المحكمة، إلا أن مصدراً عسكرياً مسئولاً نفي هذا التصريح، وأكد أن القضاء العسكري هو وحده المسئول عن مثول العسكريين أمام المحكمة المدنية أم لا، طالما كانوا في الخدمة العسكرية. وقد ثار جدل كبير في المجتمع حول إمكانية حضور المشير من عدمه للشهادة أمام المحكمة، غير أن أحدا لا يستطيع أن يحسم بقرار المشير حسين طنطاوي حتي الآن، خاصة أن المحكمة التي تحاكم الرئيس السابق ونجليه ووزير الداخلية وعدداً من كبار مساعديه لم تصدر قرارها في هذا الطلب حتي الآن. إنني أدرك عن يقين أنه لو قدر للمشير أن يدلي بشهادته في هذه القضية الهامة والخطيرة فأظن أن شهادته سيكون لها بالغ الأثر في مجري القضية. صحيح أن قرارات الرئيس التي صدرت في الفترة من 25 إلي 28 يناير التي سقط خلالها المئات من الشهداء، لم تكن القوات المسلحة قد نزلت إلي الشارع بعد، إلا أن الوقائع التي تلت يوم 28 يناير ربما تحمل جديدا في هذا الأمر. لقد تردد أن الرئيس السابق طلب من قيادة القوات المسلحة ضرورة الصدام بالمتظاهرين وتفريقهم بالقوة، وهذا الأمر لو صح لدعم وجهة النظر القائلة إن مبارك شخصيا أعطي موافقته لوزير الداخلية باستخدام العنف ضد المتظاهرين. لقد صرح اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق في تحقيقات النيابة بأن الرئيس السابق كان علي علم بسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحي، إلا أنه لم يتدخل لوقف نزيف الدماء، وهذا يعني أنه كان شريكا، بل وفاعلا أصيلا في تنفيذ جريمة قتل المتظاهرين. إن الحقائق تؤكد أن موقف القوات المسلحة ومنذ اليوم الأول لانطلاقة الثورة كان موقفاً رافضا لمنطق استخدام القوة ضد المتظاهرين، وهذه سياسة ثابتة في عقيدة الجيش المصري، وعندما صدرت التعليمات من رئيس الدولة السابق بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة بنزول الجيش إلي الشارع بعد انهيار الشرطة وهروب الجنود والضباط، كانت التعليمات التي أصدرها المشير طنطاوي 'ممنوع استخدام العنف ضد المتظاهرين مهما كان الثمن'. كما صدرت التعليمات بمساندة المتظاهرين والسماح لهم بركوب الآليات العسكرية، والهتاف معهم بحياة الوطن إن لزم الأمر، وبالفعل شعر المصريون للوهلة الأولي أن الجيش لن يقف أبداً ضد المتظاهرين، ولن يستجيب لأي مطالب من رئيس الجمهورية بالاعتداء عليهم. وأمام الضغوط التي مورست من قبل رئيس الجمهورية السابق لتوريط القوات المسلحة، كان المشير قد دعا إلي اجتماع عاجل للمجلس الأعلي للقوات المسلحة بحضور الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الذي كان قد عاد يوم 29 يناير من الولاياتالمتحدة وفي أعقاب هذا الاجتماع صدر البيان الأول للمجلس الذي أكد فيه أنه لن يستخدم العنف ضد المتظاهرين. لقد صدر هذا البيان وأُذيع في التليفزيون المصري دون علم رئيس الجمهورية السابق، بل ودون علم وزير الإعلام نفسه، وهو أمر تسبب في ثورة الرئيس السابق الذي دعا إلي اجتماع عاجل مساء ذات اليوم الأول من فبراير بالقصر الجمهوري وبحضور المشير طنطاوي والفريق عنان في وجود نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان ورئيس الوزراء في هذا الوقت الفريق أحمد شفيق. وقد كانت الجلسة صاخبة، حيث وجه الرئيس السابق اللوم إلي المشير طنطاوي والفريق عنان علي إصدار هذا البيان دون علمه، معتبراً أن هذا البيان من شأنه أن يشجع المتظاهرين علي الاستمرار في ثورتهم ضد النظام. وقد كانت كلمات المشير واضحة في هذه الجلسة، حيث أكد أن القوات المسلحة لن تتورط أبداً في قتل المتظاهرين، وأنها ستقف دائماً مع الشعب ولن تخون رسالتها. ومنذ ذلك الوقت، بدأت الأزمة بين رئيس الجمهورية وقيادة الجيش تبدو علي أشدها، ولم يكن بقدرة مبارك في هذا الوقت تحديدا عزل المشير أو رئيس الأركان، لأنه كان يدرك أن ذلك قد يقود إلي تمرد داخل القوات المسلحة، فاضطر إلي الصمت آملاً في انتهاء الأحداث لصالحه. لقد قال الفريق سامي عنان في لقاء أخير مع عدد من المثقفين والإعلاميين 'لو فشلت الثورة لعلقنا جميعاً علي باب زويلة' وقد كان الفريق عنان محقاً في كلماته، فالرئيس السابق كان يراهن علي ذلك، ليبدأ ساعة الحساب مع قيادة الجيش ومع كثيرين آخرين. وفي يوم الخميس العاشر من فبراير كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد عقد اجتماعه بدون حضور القائد الأعلي، وراح يصدر بيانه الأول الذي أبدي فيه تفهمه لمطالب الشعب، وأبدي فيه انحيازه الكامل للثورة وأصبح الناس ينتظرون حدثاً كبيراً يضع حدا لتردي الأوضاع في البلاد. كان قرار القوات المسلحة هو إقناع الرئيس بالتنحي عن الحكم وتسليم السلطة للجيش، خاصة بعد أن بدا واضحاً أن مطالب المتظاهرين لن تتوقف عند حدود نقل السلطة إلي اللواء عمر سليمان، وبعد أن اقتنع الرئيس السابق بالفكرة تراجع في اللحظة الأخيرة بعدما وصل أنس الفقي وزير الإعلام إلي القصر الجمهوري وعقد اجتماعاً بحضور سوزان وجمال مبارك، وجري تعديل الخطاب لأكثر من مرة. وعندما قررت الجماهير الزحف إلي القصر الجمهوري يوم الجمعة، صدرت التعليمات من مبارك إلي قيادة الجيش بالتصدي للتظاهرات قبيل وصولها إلي ميدان رمسيس والحيلولة دون وصولها إلي القصر، إلا أن المشير ورئيس الأركان رفضاً تنفيذ القرار وتوريط القوات المسلحة. وفي الصباح الباكر، كان المشير قد طلب من اللواء عمر سليمان الاتصال بالرئيس السابق واقناعه بالتخلي عن الحكم لخطورة الأوضاع، خاصة أن الجماهير قررت حصار القصر الجمهوري فطلب الرئيس السابق في بداية الأمر منحه ساعتين من الوقت، إلا أن المشير طلب من اللواء عمر سليمان ابلاغه بضرورة التنحي خلال عشر دقائق بسبب الزحف الجماهيري العارم باتجاه القصر، فطلب مبارك من اللواء عمر سليمان اعداد صيغة التنحي وابلاغه بها، وهذا هو ما حدث، كما طلب بعدم إذاعة قرار التنحي إلا بعد مغادرته هو وأسرته إلي شرم الشيخ. كان الرئيس السابق هو أول من غادر القصر الجمهوري ظهر يوم الجمعة 11 فبراير، ثم تبعه علاء مبارك وزوجته ونجله، غير أن سوزان ونجلها جمال مبارك ظلا يرفضان المغادرة حتي قبيل السادسة مساء بقليل، مما اضطر الجيش إلي تقديم انذار أخير لهما عبر اللواء عمر سليمان. وبالفعل وبعد مغادرة سوزان وجمال مبارك وبعض أفراد الخدمة والحرس في طائرتين انطلقتا من ساحة القصر الجمهوري، تم السماح بإذاعة بيان التنحي الذي كان اللواء عمر سليمان قد قام بتسجيله من داخل مبني وزارة الدفاع وتم تسليمه للتليفزيون في هذا الوقت. وهكذا نجحت الثورة وتم اسقاط حكم الرئيس السابق علي يد القوات المسلحة التي استجابت لمطلب الثورة وفتحت الطريق أمام عهد الحرية. إن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا لو لم تتخذ القوات المسلحة هذا الموقف؟ الإجابة هنا واضحة والمصير معروف، من هنا يمكن القول أخيراً إذا قدر للمشير طنطاوي أن يحضر إلي ساحة المحكمة فحتما ستكون شهادته ذات معني وذات مغزي، وقد تدفع بحسم كافة التساؤلات المثارة في القضية لأنه سيقدم الحقائق كاملة وسيفتح الملفات جميعها، فقد كان شاهد عيان لكثير من تلك الأحداث أثناء الثورة وقبلها. عودة العادل.. اللبيب منذ أيام كان يزورني صديق عزيز، شاهد الصديق صورة اللواء عادل لبيب التي تزين مكتبي جنبًا إلي جنب مع صورة والدي وصورة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وقد بادرني الصديق بسؤال: ألم تعلم أن عادل لبيب قدم استقالته من موقعه كمحافظ للإسكندرية؟ - قلت - نعم أعرف ذلك. - قال: إذن لماذا الابقاء علي صورته معلقة في مكتبك؟! - نظرت إلي الصديق نظرة لها دلالتها ومعناها، وبادرته بالقول: اعلم يا صديقي أن حب عادل لبيب مغروس في قلوب كل أبناء قنا، لقد أحبنا وأحببناه، بعيدًا عن المناصب والنفوذ، هذا الرجل سيبقي في قلوبنا للأبد، لأنه بعث قنا من جديد وأعاد بناءها وحقق نهضتها الحديثة. ظهرت حالة من عدم الاكتراث علي وجه صديقي، قلت له: معذور.. أنت لم تر قنا، ولم تزرها من قبل أو أثناء أو بعد عادل لبيب، قنا أصبحت عروسًا نتباهي بها في كل مكان، وتجربتها أصبحت نموذجًا يقتدي ويحتذي، بعد أن كانت تعيش عصورًا وقعت فيها أسيرة الحرمان والتخلف عن بقية المحافظات، كانت قنا منفي لكل المغضوب عليهم من أبناء القاهرة والمحافظات، وكان العقاب بالنفي إلي قنا يعني حرمانًا وقهرًا وتعذيبًا.. لقد ظلت محافظتنا تعيش الحرمان لعقود طويلة من الزمن، البنية التحتية متهالكة، الشوارع المرصوفة نادرة، اللهم إلا شارع واحد رئيسي هو شارع الجميل الذي بدأ يلفظ انفاسه، الكهرباء، الصرف الصحي، مياه الشرب، النظافة، الخدمات كل هذه خدمات كانت معدومة في العديد من قرانا ومناطقنا. وعندما جاء عادل لبيب وضع الخطة، وبدأ في الاستعانة بأهل قنا الذين كان يسميهم دومًا 'بالأصلاء'، تعاونوا معه، ومضوا علي طريقه وحققوا معه هذا الانجاز العظيم الذي لا تزال اصداؤه تدوي حتي الآن محليًا وعربيًا ودوليًا. أصبحت قنا، محل اعجاب كل الزائرين، وقبلة كل الباحثين عن التطور، وظلت التجربة تنمو وتتمدد في شتي انحاء المحافظة. لم يكن عادل لبيب عرف طعم النوم، كان يعمل صباح مساء، مكتبه مفتوح للجميع، يتجول في الشوارع والقري، يبحث احوال الناس علي الطبيعة، لم يكن يجامل أحدًا، كان عادلاً في تطبيق القانون والمخالفات علي الجميع، كان شريفاً ونزيها، ومثلاً وقدوة.. كان يواجه اللصوص بكل جرأة، إنه لا يخاف في الحق لومة لائم، لم تكن له شلة ولا عصبة، كان كل أهل قنا هم شلته وعصبته، قضي علي القبلية وأصبح الجميع أمام القانون سواء. أكثر من ست سنوات قضاها معنا، عرف الناس والعائلات، يحفظ اسماء الشوارع والقري، كان حجة ومرجعية في مشاكل وأحوال قنا، وفجأة تم نقله للبحيرة، ثم إلي الإسكندرية. لقد بكت قنا رحيل هذا الانسان الرائع بعيدًا عنها، ودعوه بأجمل الكلمات، احتشدوا حوله، غير مصدقين الخبر، لكنه أبدًا لم ينس قنا.. كان مكتبه بالبحيرة والإسكندرية مزارًا لأبناء قنا، يستقبلهم بحفاوته المعهودة، وفي كل الجلسات كان دائمًا يتحدث عن قنا وأصالة أهالي قنا. لقد عرف في إحدي المرات أن طلابًا من جامعة جنوبالواديبقنا يشاركون في أحد معسكرات الشباب بالإسكندرية، ترك كل شيء، وذهب إليهم، جاءهم بالاتوبيسات التي تجولت بهم في الإسكندرية ثم قام بتوجيه الدعوة إليهم للغداء معه. وعندما أعلن مؤخرًا عن عودته من جديد محافظًا لقنا، لم يتردد، رغم رفضه مناصب أخري جديدة، قال إن قنا عندي هي القلب والفؤاد، أشعر أن أهلها أهلي، وناسها ناسي، وسأظل أخدمهم طيلة حياتي.. كانت الفرحة عارمة، القناوية يهنئون بعضهم البعض في داخل المحافظة وخارجها ولم لا وقد عاد إلينا 'العادل.. اللبيب'؟! عزازي علي عزازي سعدنا جميعاً في صحيفة 'الأسبوع' لاختيار زميل لنا عمل بالصحيفة لسنوات طوال هو الدكتور عزازي علي عزازي والذي تم اختياره محافظاً للشرقية. إن دور د.عزازي الوطني والنضالي أمر لا يمكن انكاره، واخلاصه وأداءه في الدفاع عن الوطن والأمة علي مدي سنوات طوال هو شاهد عيان علي هذا الدور.. إن كل ما نتمناه للدكتور عزازي علي عزازي هو النجاح في مهمته الجديدة كمحافظ للشرقية - بلده الذي أحبه - ونثق أنه سوف يكون عادلا بين الجميع ومتفانياً لتحقيق النهوض في محافظة لم تأخذ حقها طيلة العقود الماضية، والأيام القادمة حتما ستكون خير شاهد علي أداء المحافظ الجديد الذي تحول من صحفي ورئيس تحرير إلي قمة الجهاز الإداري للمحافظة. نور الشريف بعد طول عذاب وألم، مْنَ الله سبحانه وتعالي بالشفاء علي 'سارة' ابنة الفنان القدير نور الشريف، والتي كرس لها وقته وجهده طيلة الفترة الماضية ملازماً إياها في فرنسا ولندن إلي أن شفاها الله سبحانه وتعالي. كان الخبر سعيداً، أجهش نور الشريف بالبكاء بعد سماعه لهذا الخبر من الطبيب المعالج وبعد أن عادت سارة إلي بيت والدها وقد أتم الله عليها الشفاء والصحة والعافية ومنذ أيام والفنان نور الشريف اعتكف واعتزل الناس ولا يرد حتي علي الهاتف يشكر الله سبحانه وتعالي جزاء هذا الكرم الكبير الذي من به عليه. لقد تسببت الأزمة الصحية لسارة في الفترة الماضية في أزمة حقيقية اعترت الوالد والأسرة وهو الذي لم يترك جهدا لم يفعله من أجل ابنته.. ألف مبروك لسارة ولوالدها ولوالدتها وللأسرة جميعا.