لم يعد خافياً على أحد حجم الكارثة التي حلّت بليبيا عقب التدخل العسكري للتحالف الأجنبي عام2011 ، الذي قضى على الدولة الليبية ومؤسساتها وقياداتها ، وذلك بزعم أن البديل سيكون ديمقراطي يقدس الحرية ويحترم حقوق الإنسان ، لكن ما حلّ بليبيا منذ ذلك التاريخ أمر آخر خطير ومؤسف ، ف مقابل بيع السيادة الوطنية تم تسليم مقاليد الحُكم في ليبيا لجماعات اسلاماوية ظلامية متطرفة واخرى قبلية جهوية عنصرية ، استقوت بالأجنبي واعتبرت الشعب الليبي رهينة تحت سيطرتها ، حيث شهدت البلاد وتشهد حالة فيضان اجرامي ميليشياوي: الخطف والاعتقال القسري ، والتعذيب الوحشي وهتك الأعراض ، والقتل تحت التعذيب والقتل العمد خارج اطار القانون ، وسلب الأموال ومصادرة الممتلكات الخاصة والعامة ، ناهيك عن معاناة ملايين الليبيين الذين هُجروا قسراً من مدنهم وقراهم وصاروا نازحين في وطنهم أو لاجئين خارجه. و الحقيقة ، التي لاجدال فيها ، هي ان ليبيا بعد أن كانت بلاد آمنة مستقرة ، ودولة ذات سيادة ، تحولت بفعل التدخل العسكري للتحالف الأجنبي عام 2011 الى“ شبح دولة ” إذ لايشاهد في ليبيا سوى الدمار والخراب والانهيار كأحد ملامح الحاضر والغموض الذي ينتابه الشك في مخططات التقسيم كأحد ملامح المستقبل. حيث صارت الميليشيات المسلحة تمثل لوحدها المشهد السياسي والأمني الليبي ، ميليشيات اسلاماوية ظلامية متطرفة واخرى قبلية جهوية عنصرية ، تتصارع على النفوذ ، وتصادر الموارد الوطنية النفطية والمالية من مصادرها ، وتسيطر على منافذ البلاد البحرية والجوية والبرية ، وجعلت من البلاد سوق ومستودع للمخدرات والسلاح ، وملجأ للجماعات الإرهابية التي تهدد أمن الليبيين ودول الجوار والعالم. باختصار، هذا هو الواقع المزري الذي خلّفته ثورة 17فبراير المزعومة ، والتدخل العسكري للتحالف الأجنبي في ليبيا عام 2011!. وبما أن معيار نجاح أي تغيير سياسي يظل مرتبطاً بالقدرة على حماية وحدة البلاد والمجتمع والدولة من التفكك ، وبناء نظام سياسي على أسس التوافق المجتمعي والرضاء العام. عليه وبالنظر للواقع الليبي السائد فان حال الكيانات والحكومات المتعاقبة التي افرزتها ثورة 17 فبراير المزعومة ، يؤكد بمالايدع مجالا للشك أنها قد فشلت في القيام بالوظائف الأساسية للنظم السياسية ، فضلاً عن أن قطاعاً واسعاً من الشعب الليبي لايعترف أصلاً بشرعيتها ، وأغلب بقية الشعب خرج مرات عديدة مطالباً باسقاطها. عليه ، وفي كل الحالات فإن كيانات ما سُمي زوراً ثورة 17فبراير قد إنتهت منطقياً و واقعياً ومابقي إلا فتات يتصارع مع بعضه على السلطة والنفوذ والغنائم. ومن هنا يمكن القول إن ليبيا تحتاج الى ثورة شعبية حقيقية ، تعيد لها هويتها الوطنية ووحدتيها الجغرافية والبشرية ، ثورة شعبية من اجل تحقيق طموحات الشعب الليبي المتمثلة في إستعادة السيادة الوطنية الليبية كاملة غير منقوصة ، وتخليص الدولة الليبية من قبضة الهيمنة الأجنبية ، وتحرير كامل ليبيا من براثن الإحتلال الميليشياوي الإسلاماوي الظلامي والميليشياوي القبلي الجهوي العنصري ، وفرض سيطرة مؤسسات الدولة الليبية الرسمية وبسط الأمن والاستقرار في كافة ربوع ليبيا بمايكفل استئناف مسيرة البناء والإعمار من جديد. لذا ، من أجل تحقيق ما يتطلع اليه ويستحقه الشعب الليبي ، كان لزاماً على ابناء ليبيا الشرفاء أن يتحدوا ويقفوا صفاً واحداً لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة. وفي هذا السياق ، تنادى جمع من نشطاء القوى الوطنية الليبية ، معلنين رفضهم لكل الأوضاع المتردية السائدة في ليبيا ، وقرروا تفعيل دورهم النضالي في اطار حراك سياسي وطني تحت مظلة تنظيم الحراك الشعبي لإنقاذ ليبيا ، والعمل من خلاله بغية إستعادة حرية واستقلال وسيادة ليبيا وصون وحدتها ، وجعلها بعون الله بلدًا آمنًا مطمئنًا مستقرًا رخاءا ، في ظل دولة ديمقراطية شعبية يسودها الحق والقانون وتنعم بالحرية والعدل والمساواة والرفاه الاجتماعي والازدهار.