السيسي يتابع مستجدات تنفيذ مسابقة "الأصوات" لاكتشاف الأفضل في تلاوة القرآن والابتهالات    "معًا بالوعي نحميها".. "أوقاف شمال سيناء" تشارك في ندوة توعوية    لأول مرة في تاريخها.. شبكة الكهرباء تستوعب أحمالا بلغت 39400 ميجاوات    رئيس الوزراء يلتقي رئيس شركة شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة    الاثنين 28 يوليو 2025.. الذهب يتراجع 15 جنيها إضافيا وعيار 21 يسجل 4600 جنيه    السيسي: هناك كميات ضخمة من المساعدات جاهزة لدخول غزة والعائق الوحيد هو إغلاق المعبر من الجانب الفلسطيني    لليوم الثاني على التوالي.. محافظ شمال سيناء يتابع إدخال الشاحنات إلى قطاع غزة    مخالفا القانون.. نتنياهو يتولى مهام وزراء مستقيلين    مسئول أوروبي: اتفاق تجاري جديد يسمح بدخول السيارات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي بدون رسوم جمركية    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    مصر في المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج للشباب تحت 20 عامًا    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    البوركينابي إيريك تراورى ينضم لمعسكر الإسماعيلي فى برج العرب    موعد إعلان النصر السعودي عن صفقة جواو فيليكس    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    فيديو.. الأرصاد تطمئن المواطنين: انخفاض طفيف في الحرارة غدا    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    بالأسماء والمجموع.. أوائل الثانوية العامة علمي رياضة في جنوب سيناء    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة وشقيقتها بإمبابة    شمس الكويتية عن أغنيتها الجديدة «طز»: كلماتها تعبر عني.. وأوجهها لكل حاسد    الرئيس السيسي للمصريين: لا يمكن نقوم بدور سلبي تجاه أشقائنا الفلسطينيين.. إحنا دورنا محترم وشريف    الأعلى للإعلام: حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    وزير الصحة يبحث سُبل استدامة تمويل التأمين الصحي الشامل ومقترحات تعديل المساهمة التكافلية    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة ألف إمام وخطيب    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    نائب رئيس الوزراء : تدريب مجانى لتأهيل سائقى الأتوبيسات والنقل الثقيل وتوفير فرص عمل بالشركات    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    فرقة الآلات الشعبية وكورال السويس يتألقان في رابع أيام "صيف السويس"    الحوثيون يهددون باستهداف السفن المرتبطة بموانئ إسرائيلية    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    الزمالك يدرس التعاقد مع صفقة رومانية.. وعائق وحيد يمنع حسمها    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    السيطرة على حريق بشقة سكنية في البلينا وإصابة 3 بحالات اختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شطة شعبان في رمضان!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 06 - 2016

عندما؛ دخلتُ الجامعة؛ كان لي زميلٌ اسمه شعبان، من أهل القرية، يسكن في حي مصر الجديدة؛ كنتُ من آنٍ لآخر؛ أزوره؛ وتصادف حظي الكئيب؛ عندما عزمني عنده في رمضان على الإفطار؛ وألحَّ في طلبه؛ حتى وافقتُ على غير العادة؛ فقد كنتُ أرفض العزومات في الصيام؛ وأراها مظهريةً كاذبة!
ذهبتُ إليه قبل المغرب بنصف ساعة؛ فوجدته في المطبخ؛ يُجَهِّز الأكل! وبعد دقائق؛ كان الطعام موضوعاً على الأرض؛ فجلستُ أنا وهو على السجادة؛ للإفطار؛ فهالني؛ أنه وضع الشَّطة الحارقة على الفاكهة، والتمر! لا؛ بل؛ على الخُضار، والفَرخة، والأُرز، والسَّلاطة أيضاً! لا؛ بل على الخُبز كذلك! فاغتظتُ من سوء فعلته؛ التي فعلها يومئذٍ، وهو من المُجرِمين المُصِرِّين!
فغضبتُ أشد الغضب؛ وقلتُ له بأسىً كبير: تعرف أنني لا أُحِبُّ الشطة! وبرغم ذلك؛ رششتَ الشطة؛ بغزارة، في كل شئ! أنت إنسانٌ غريبٌ مريض! لقد عزمتني يا هذا؛ لتُؤدِّبني بالشطة! أم ماذا؟! أجِبني؟!
وهو نازلٌ أَكْلاً؛ وكان مُشَمِّراً، ويداه مَغروزتان في الشطة، وصوتُ أسنانهِ يُطرقِع بشدة! وهو يقول: ياه؛ ما أحلى طعامي! وما أشهى طبيخي!
ثُمَّ؛ نظر إليَّ بطرفِ عينهباستغرابٍ حادٍّ؛ ثم قال بعدم اهتمام؛ لِما فعل: أنتَ تُكبِّر الأمور! بقى؛ شوية شطة بسيطة تعمل فيك هكذا؟!
فأمسكتُ به من عرقوبه قائلاً بغيظٍ بالغ: أنتَ طبختَ شطة، ورششتَ عليها الطعام! فقال لي؛ بغير اكتراثٍ: أين هي الشطة؟! أنا نفسي في شطة حقيقية! هذه لعب عيال! إنها مجرد رائحة شطة! تعال، تعال، واجلس بجواري، وتناول إفطارك!
فأدركتُ؛ أنني مع إنسانٍ مجنون؛ لا يحترم أذواق الناس، ولا مزاجهم! فتركته لشطته!
ثم؛ ذهبت إلى الثلاجة؛ فوجدت فيها بعض الخس، والبقدونس، والشبت، والجرجير؛ فأتيتُ بها؛ وأفطرتُ عليها!
بعد الانتهاء من إفطاري، وكان زميلي مازال يلتهم الشطة التهاماً؛ دعوتُ عليه قائلاً: اللهم لا تجمعني به في الدنيا والآخرة! اللهم احشره في جهنم مع الشطة، والشطيطة، والشطشطات، والمشعططات! وهو يرفع يده المليئة بالشطة، من الطبق؛ قائلاً؛ وهو يضحك كالمجاذيب: اللهم آمين، اللهم آمين!
عندما؛ أردتُ الانصراف؛ أمسك بيدي؛ وهو يقول: إلى أين تذهب؟! نريد الذهاب لصلاة التراويح خلف الشيخ/مبروك! وكان يعلم مدى حبي لجمال صوت هذا الرجل؛ فنسيتُ همِّي مع الشطة؛ فضحكتُ، وانطلقنا إلى حيث جامع الشيخ مبروك!
بعد الانتهاء من التراويح؛ ذهبنا للسلام على الشيخ مبروك، وطلبنا منه الدعاء لنا؛ فاستجاب لنا الرجل على الفور!
ولما أردت الرجوع إلى القرية؛ رفض زميلي شعبان؛ وأقسم بالثلاثة؛ لأبيتنَّ الليلة عنده! فرضختُ لأيمانه الضالة!
جنون شعبان!
عند السحور؛ قال لي شعبان: سأعمل لك سحوراً؛ لم تأكله من قبل؛ بل لم تره في حياتك كلها!! وستنسى إفطارنا الهنئ اليوم؛ بمجرد رؤيته! فضحكتُ من كلامه الغريب الكاذب الكذوب!
أتى إلي شعبان بالسحور؛ فلم أتخيل؛ أنه بلغ به الجنون إلى هذا الحد؛ فقد أتي بطبقين: واحد فيه شطة وجُبْن، والآخر؛ فيه شطة وعسل!
فقمت مذعوراً؛ فدلقتُ الطبقين من يده على الأرض، وأنا أصيحُ فيه بمرارةٍ، وحنقٍ: لا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! يظهر فيه حد سلَّط شعبان عليَّ اليوم! ثم رفعتُ يدي بالدعاء قائلاً: اللهم أجِرنا من شعبان، ومن جُنون شعبان، ومن خَطَل شعبان، ومن شطة شعبان، ومن قِلةَّ عقل، وعدم إيمان شعبان، وعدم صيام شعبان!
فخرجتُ من شقته؛ أعدو على وجهي؛ كالمجانين!
جرأة شعبان!
لكنْ؛ في عصر اليوم التالي؛ فوجئتُ بطرقات على الباب شديدة شديدة؛ ولَمّا فتحتُ؛ وجدتُ شعبان؛ يأخذني بالأحضان، والسّلامات؛ وأنا ذاهِلٌ مِن هذه المفاجئة القاسية القاسية؛ ثُمَّ قال لي باستخفافٍ خبيثٍ: وجدتُ نفسي قريباً منك؛ فقلتُ: تنال أجر إفطار صائم؛ فعزمتُ نفسي على مائدتك العامرة! وأنا لا أريد إلا شِق تمرة؛ لا بل تمرات فقط، وبعض الماء؛ وسأسافر على الفور إلى الإسكندرية!
وكنتُ؛ نويتُ الإفطار بطبقٍ من الفول، والخضراوات الطازجة، وبعض الفاكهة؛ إلا أنَّ شعبان؛ قام بفتح الثلاجة؛ وأخرج منها بطَّةً، وكيساً من اللحوم، ودجاجةً ضخمةً؛ ثُمَّ شمَّر ملابسه؛ وذهب إلى المطبخ؛ لتجهيز إفطاره! وأنا أتعجَّب من جرأته، وتطفُّله الذي تفوَّق فيه على أشعب؛ الشخصية التاريخية المشهورة!
وبعد ساعتين؛ أتمَّ شعبان وليمته الكبرى؛ ووضع طعامه على المنضدة؛ استعداداً؛ لِسماع أذان المغرب.
وفوجئتُ به؛ لا يعمل حسابي في الطعام؛ الذي أعدَّه؛ فتحاملتُ على نفسي؛ وبلعتُ ريقي في فمي؛ من شدة الغيظ!
لكنه؛ وهو الطُّفَيليُّ صليبةً وطريقةً وحقيقةً؛ قال لي: عرفتُ أنك تُحِبُّ الفول؛ فلم أشأ أنْ؛ أُزْعِجَك بطعامي اللذيذ السمين؛ ذي البَهاريز والشَّهاويز، والمَجاريز!
وأنا؛ أفْرُك يديَّ في بعضهما؛ وأقول بألمٍ بادٍ: اللهمَّ؛ إنِّي صائم، اللهمَّ؛ إنِّي صائم!
وبمجرد سماعه أذان المغرب؛ بصوت الشيخ/ محمد رفعت؛ إلا ودسَّ البطة بين يديه؛ وأنا أنظر إليه؛ وهو يقول بفرحٍ غامرٍ: خير الطعام البط؛ خير الطعام البط! وبعد دقائق؛ كانت المسكينة؛ قد استقرت في معدته؛ بالتمام والكمال! ثُمَّ؛ أجهز على الدجاجة في لحظاتٍ قلائل!
ووجدته بعد ذلك؛ يلتهم اللحوم التهاماً؛ وهو يقول: بيتٌ؛ لا لحومَ فيه؛ جِياعٌ أهله! وأنتم جِياعٌ جِياع! ثُمَّ صاح؛ بعد أن فَرَمَ اللحوم كلها في أحشائه: يظهر؛ أنِّي سأظل صائماً؛ حتى عودتي إلى بيتي! وبالفعل؛ فلا كرامة؛ لصائمٍ إلا في بيته!
فأمسكتُ به من حلقومه؛ وطرحته على الأرض؛ وأنا أصيح فيه: جِياعٌ؛ يا ابن البطة؛ واللحمة؛ والدجاجة؛ والله؛ لن أتركك حتى تُخْرِجَ من معدتك كل أموالي، وطيوري!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.