عام 1994، عرف «التمويل الأجنبي» طريقه لمصر.. عالِم الاجتماع، د.سعد الدين إبراهيم، دشّن الظاهرة.. لاحقا، تم تأسيس عشرات «المراكز، والجمعيات، والمؤسسات» الحقوقية.. استغلّ «العراب» ملف «الأقليات» في «التمكين» للملف الشائك.. راحت الأموال الغزيرة تتدفق على مصر عقب كل حادث «فتنة طائفية».. زاد عدد الأفراد المستفيدين من عطايا وهبات السفارات الغربية )أوربيا، وأمريكيا(، وكثرت مسميات التمويل الأجنبي. نشطت «سبوبة المواطنة» ك«مبرر أخلاقي» للحصول على التمويل.. تصدرت المشهد فى البداية.. آنذاك، لم يكن بمقدور المستفيدين من التمويل الأجنبي أن يوسعوا نشاطهم وبرامجهم ومشروعاتهم أكثر من ذلك.. لم يكن بمقدورهم فتح ملفات براقة المظهر، هدامة النتائج )تمكين المرأة.. حقوق الطفل.. التعذيب.. الاختفاء القسرى.. تداول المعلومات، وحرية الإعلام.. الحقوق الشخصية/ الدفاع عن حقوق الشواذ!!!(. المستفيدون من «سبوبة» التمويل الأجنبي كوّنوا ثروات طائلة، خلال سنوات محدودة.. تكونت «مراكز اجتماعية» جديدة.. نعموا بإقامات مريحة على شاطئ النيل، ومنتجعات فاخرة على أطراف القاهرة، وسواحل مصر الراقية. أدركت قوى أخرى أهمية وخطورة توظيف حقوق الإنسان وثماره المتعددة.. قبل )وبعد(، يناير عام 2011 دخلت جماعة الإخوان على الخط.. دشنت مؤسسات حقوقية و)إعلامية(، إقليمية، ودولية.. وقبل أن «يتذاكى» البعض، نذكره ب: إدارة الجماعة للأزمة السورية منذ بدايتها ب«المركز السوري لحقوق الإنسان».. ولظروف السرية، عمل مدير المركز )أسامة سلمان(، باسم حركي )رامي عبدالرحمن(.. صار المركز «المصدر شبه الوحيد» في نشر كل ما له علاقة بالأزمة.. كان )ولايزال!!!(، عين العالم في «الأرقام، والاتهامات، والضحايا» وتشويه الجيش والنظام السوري، وتبرير الجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها خصوم دمشق )تمويلا، ودعما، وإسنادا(، لاسيما قطر التى تنفق على المركز، وتتولى رعايته. حاولت الجماعة أداء الدور نفسه في مصر بعد 30 يونية 2013.. كنت أتابع بدقة دور «المركز المصري لحقوق الإنسان»، وإخوته.. هو، ونظيره السوري، يعملان من لندن )بلد مخططات أجهزة الاستخبارات العتيدة الMI6 والmi5، وسموم: رويترز، وBBC...(.. قوة المؤسسات المصرية، وحالة السيولة الإعلامية أفشلت المخطط. في تونس، كررت الجماعة التجربة، تحديدا بعد مقتل المناضل شكرى بلعيد.. آنذاك، حدث أمر مهم.. استقال رئيس الحكومة الإخوانية، حمادي الجبالى.. الضغوط السياسية، واتهامه بالمسؤولية عن مقتل «بلعيد»، عجّلا بالاستقالة.. بادر «الحمادي» على الفور بتأسيس مؤسسة حقوقية لإدارة تونس من منبر آخر «أكثر نعومة»! الآن.. الزهور اليانعة ل«التمويل الأجنبي» تؤدى دورها المخطط منذ البداية ضد مؤسسات الدولة المصرية )تشويها، واستنزافا، وتدميرا لو استطاعوا...(.. مواقع حقوقية )وأذرعها الإعلامية- التنظيمية(، تنهش في جسد مصر.. تلعب هذه المؤسسات دور البطولة في توظيف قضية «جوليو ريجيني».. يتعبدون تنظيميًّا، ويوجهون الأنظار قبل إعادة فتح وفضح عمليات التمويل الكارثية )القضية 173، و250(.. المستفيدون من توريط الدولة المصرية )بالباطل(، يؤججون قضية «ريجيني». مركز العمليات الرئيس )تنظيميا، واستخباراتيا(، في لندن.. عواصم أخرى مستفيدة من الأزمة تسهم فى الشحن والتحريض.. تذكروا أن «بئر الغاز القطرية، التى يقال لها «مشيخة» دمرت سوريا بسبب اكتشافات الغاز الطبيعى الكبيرة قرب منطقة «طرطوس» الساحلية.. وتذكروا أنه فور إعلان مصر قبل شهور عن أكبر كشف حديث للغاز الطبيعى، قرب سواحل الإسكندرية، انهارت أسهم شركات الغاز الثلاث فى «إسرائيل»، والحال نفسه فى تركيا، وتذكروا أن شركة «إينى» الإيطالية الدولية هى من تشارك مصر فى تأهيل الحقل الجديد )بحسب التقديرات سيغطى الاستهلاك المحلى، ويصدر للخارج(. وعليه، تتضح أبعاد دور إعلام «موزة»، وأوامر عضو الكنيست السابق، عزمي بشارة، لتشويه صورة مصر فى قضية «ريجيني»، والتعليمات الصادرة لنشطاء «السبوبة» بسرعة تنظيم وقفات تضامنية ضد مصر ودعما لإيطاليا، فور الإعلان عن جثة الشاب «ريجيني».. روجوا الأحكام المطلقة، وتكفل الإعلام )البديل(، المشبوه بترويج مزاعمهم، على أنها حقائق، فوصلت الأزمة لهذه الدرجة من الاحتقان الدبلوماسى- السياسى. يا سادة: راجعوا ما صدر «رسميا» عن مؤسسات الدولة المصرية )لاسيما وزارة الداخلية(، ساعتها سيتأكد للجميع أن معظم المواد المنشورة فى ملف «ريجيني» اجتهادات صحفية وإعلامية.. ستعلمون أن مصر )كأي دولة(، لا تبحث عن تشويه صورتها.. أنها أعلنت عن واقعة «ريجيني» بشفافية.. كانت قادرة )كما تفعل دول أخرى(، على إذابة جثته، واعتباره من المفقودين للأبد.. لكن لأنه ليس سلوك مصر، فهي تدفع ثمن البراءة من دم «ريجيني». تيران وصنافير مؤسسات الدولة المصرية، لا سيما التى تهب دماءها وأرواح قادتها وضباطها وجنودها دفاعا عن مصر عامة، وسيناء على وجه الخصوص، لا يمكن المزايدة عليها، فى الحفاظ على المقدرات والأمن القومي.. ليتذكر الجميع أنها ذات المؤسسات التى خاضت ماراثون من أجل كيلومتر مربع )طابا(، ومن ثم لا يمكنها التساهل فى أى شبر مصرى )تؤكده الوثائق التاريخية، والخرائط الرسمية(. تذكروا أن مصر لا تقايض على قرارها ولا مقدراتها، بدليل موقفها الواضح من أزمات المنطقة، وتناقض موقفها )الوطنى.. العروبى.. القومي(، مع توجهات بعض الحلفاء.. ليتذكر الجميع إصرار مصر على موقفها حتى فى لحظات ضعف المناعة )السياسية- الاقتصادية(، بعد 30 يونية 2013، ولو أن دولة أخرى مكانها )آنذاك(، لقدمت عشرات التنازلات.. لكن لأنها فى عهدة مؤسسات وطنية تعرف قيمتها ومقامها، فقد عبرت الأزمة دون خسائر تذكر.. القادم أفضل إن شاء الله.