خلال السنوات الثلاث الأخيرة ومنذ تأسيس الاتحاد الأوروبي يمر الاتحاد بظروف استثنائية تهدد بانفراط عقده بسبب المشكلات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بدول الاتحاد كالمشكلات الاقتصادية التي تعرضت لها بعض من دولة كالبرتغال وإسبانيا وايرلندا وقبرص ولكسمبورج واليونان ثم تعرضه للكثير من المشكلات السياسية والأمنية بعد تعرضه لهجمة الهجرة غير الشرعية واللاجئين بعد ثورات الربيع العربي، وفوق كل ذلك تهديد انجلترا بالانسحاب منه برغم وضعها الخاص في الاتحاد من حيث تطبيق القوانين ومن حيث عدم اشتراكها في اتفاقية الشنجن والعملة الأوربية الموحدة «اليورو»، وقد شهدت دول الاتحاد اختلافات اقتصادية فيما بينها بسبب أنظمة القطاعات المالية المتفاوتة في دوله وبسبب التهرب الضريبي وسرية بنوك بعض بلدانه رغم معالجة تلك المشكلات لأكثر من مرة، وتأتي المشكلة اليونانية على رأس تلك المشكلات التي تهدد بانسحاب اليونان منذ فترة من الاتحاد بسبب إفلاسها وبسبب عدم قدرتها المرة تلو الأخرى في سداد ديونها ومستحقاتها عبر خطط ملزمة من دول الاتحاد ولهذا فإنها وعبر رؤساء وزرائها المتتابعين يغازلون الاتحاد الأوربي ببقائهم من عدمه، ولأن الدول القوية والمتحمسة في الاتحاد ومنها فرنسا وألمانيا تخشى من العواقب التي يمكن أن تترتب على خروج اليونان ومنها خروج بعض الدول تباعا فإنها تجد نفسها مرغمة على مد اليونان بحصص مالية كبرى من أجل العمل على بقائها، ناهيك عن أزمة تدفق اللاجئين عبر اليونان وتركيا الأمر الذي يكلف الاتحاد دفع الأموال من خزانته لسد باب الهجرة من ناحية ومحاولته توزيع حصص المهاجرين على دول الاتحاد من جهة أخرى مما دفع البعض لغلق الحدود لمنع تنقل الأفراد والبضائع بما يخالف قانون الشنجن الأمر الذي ترفضه معظم دول الاتحاد الأوربي والبالغ عددها 28 دولة بما يهدد بتفكك الاتحاد، إضافة إلى صعود التيارات والأحزاب العنصرية في الكثير من بلدانه والتي تقوم أفكارها على الاستقلال عن الاتحاد الأوربي بدافع قومي ورفضهم لاستقبال المهاجرين واللاجئين إلى بلدانهم ولخوفهم من تسلل الإرهابيين بما يهدد أمن وسلامة بلدانهم ونيتهم في غلق الحدود بين دول الاتحاد والرجوع إلى العملات المحلية القديمة، لتأتي فوق تلك المشكلات الكبرى التي تعصف بالاتحاد وتهدد بانفراط حبات عقده مشكلة بريطانيا التي تفرض نفسها من وقت لآخر وهي التهديد بالانسحاب من الاتحاد الأوربى عبر مناورة سياسية يقودها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي استطاع عبر اجتماع الاتحاد في بروكسيل مؤخرا بأن يحصل لبريطانيا من الاتحاد على العديد من التنازلات والإصلاحات لإغرائه بالبقاء ناهيك عن الامتيازات التي تتمتع بها انجلترا وحدها عن دول الاتحاد واستثنائها من قوانين الشنجن وبقاء عملتها الخاصة الجنيه الاسترلينى مع تعديل شروط عضويتها وهو ما حصل عليه كاميرون مؤخرا ومن ذلك إجبار بروكسيل على الإدلاء بتصريح حول أن بريطانيا بعيدة عن الدخول في إنشاء دولة أوربية عظمى. الإعلان بأن أوروبا اتحاد متعدد العملات وليس اليورو عملته الرسمية، بجانب نظام البطاقة الحمراء لاستعادة القوة من بروكسيل إلى بريطانيا، منح البرلمانات الأوروبية القوة لإلغاء التوجهات غير المرغوبة، إلغاء القوانين غير المرغوبة التي أصدرها الاتحاد الأوربي مع تأسيس هيكل جديد يمنع هيمنة بعض دوله على الأخرى مع حماية خاصة لمدينة لندن، وعدم التزام بريطانيا بدفع المساعدات الاجتماعية لحديثي الإقامة بها حتى 7 سنوات، وهي جوانب وافقت على معظمها دول الاتحاد، مما دعا ديفيد كاميرون إلى الدعوة إلى بقاء انجلترا في الاتحاد الأوربي بعد حصوله على تلك الامتيازات ورغم ذلك فإنه سيعرض الاتفاق على الشعب لإجراء استفتاء عام في 23 يونيو القادم حول بقاء انجلترا من عدمه في الاتحاد، وأمام تلك الخطوة فقد دعا كثير من الوزراء ورجال ورموز الدولة من المعارضين وعلى رأسهم عمدة لندن بالعمل على الدعوة لخروج بريطانيا من الاتحاد لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية وقومية، الأمر الذي يجعل الاتحاد الأوربي يعيش على صفيح ساخن لان مستقبله مهدد بالانفراط.