تحيا مصر الحرة، وعاش المصريون الأحرار. مازالت الانفعالات بالأحداث التي نعيشها تفوق الوصف والخيال.. وفي يوم من الأيام سيرفع أولادنا وأولادهم رءوسهم إلي السماء، ويرون النجوم المضيئة في ظلمة الليل، كأنها وجوه شهداء النضال من أجل الحرية والكرامة، سيرونها تبتسم فرحا وفخرا بالانتصار، وبأن الدماء التي دفعوها في أيام الثورة لم تضع هباء. لقد أراد القدر لهذه الثورة أن تنجح. أراد الله للمصريين الحرية، والكرامة، فكلما تذكرت كيف مضي سيناريو الأحداث أدركت ذلك. فعندما ترتفع أمواج الظلام، وعندما تزيد البلطجة والفوضي المنظمة، وترتع الشياطين، كلما ارتفعت تلك الأمواج، تهب في نفس اللحظات عاصفة الثورة وتنقض عليها وتلتهمها.. حدث هذا في كل يوم من أيام ثورة يناير.. منذ خرج المصريون ينادون بالحرية، كأنها نقطة ضوء بعيدة في نفق مظلم، وحتي اجتمعوا بالملايين في التحرير احتفالا بقدوم الحرية.. فاتحة يديها تحتضن هذا الشعب.. حدث هذا في كل مرة ألقي فيها الرئيس السابق خطابا، منذ الخطاب الأول وحتي الخطاب الأخير عبر قناة العربية.. هكذا أراد القدر القادر والقدير أن يحرر المصريون من الذل والهوان والأسر.. وأن يحمي ثورتهم من الإجهاض.. ثورتهم علي ما لا يصدق، وما لم نكن نتخيله من فساد سياسي ونهب لخيرات الأمة. ولولا حماية الجيش المصري للثورة، ولولا عقيدته الوطنية الراسخة منذ عشرات السنين، لولا ذلك لعانت الثورة وثوارها.. لعلي أكون متأثرا بالعقيدة الوطنية للجيش المصري ببعض الأحداث التي عشتها مع جيلنا.. الأول منها هو ثورة يوليو 1952، وزخم حركات التحرير، ومعارك استقلال العرب الأولي ضد الاحتلال والاستعمار 'الشعوب العربية الآن تخوض معركة استقلالها الثانية ضد الحكام المستبدين'. وقد كانت حركة ضباط التف حولها الشعب بتأييد جارف، فأصبحت ثورة. أما الحدث الثاني فكان الفترة ما بين حرب 1967، وحرب أكتوبر 1973.. وكانت نحو 7 سنوات من النضال، والقتال.. فكان جيلنا يعيش معارك الاستنزاف البطولية، ويري أقرباء وأصدقاء يستشهدون، ويسمع قصص أبطال يعبرون خلف خطوط العدو في سيناء، أو يخوضون معارك الطيران الضارية، فوق سماء مصر دفاعا عنها.. وانتهت تلك المرحلة بعبور قناة السويس، والانتصار في حرب أكتوبر.. ومن يمضي في طرق سيناء، ويري بعينه مقابر شهداء مصر، سيدرك معني تلك الحرب وثمن الانتصار الذي دفعه جيل المحاربين.. فكما دفع شباب حياته ثمنا للحرية في ثورة يناير، دفع شباب مصري أيضا حياته ثمنا لتحرير الأرض في حرب أكتوبر.. إن تلك العقيدة الوطنية للجيش هي حصن مصر وحصن كل مصري.