قد لا يعرف البعض ان شهداء ثورة 25 يناير الذين ضحوا بارواحهم لتحرير الامة من الطغاة وتطهيرها من المفسدين كانت في صدورهم بذور الثورة منذ زمن بعيد رغم صغر سنهم وان سماتهم الوجدانية بالعقل والقلب كانت تؤهلهم للنصر حتي لو كان الثمن الشهادة. ولذا كم اتمني ان لا يقتصر التوثيق لهؤلاء عند احداث الثورة بل لتاريخ حياتهم حتي يظلوا منهلا لاجيال قادمة. وقد كان من حسن حظي انني عرفت اسرة الشهيد زيا د بكير وسبق ان تحدثت مع افراد هذه الاسرة العظيمة في مناسبات مختلفة , واعرف عن قرب والده الاخ والصديق الاستاذ محمد بكير وهو انسان دمث الخلق واحد ابطال حرب اكتوبر المجيدة كما انه عمل في صمت واحترام في مقاومة الفساد , ويتسم كل افراد هذه الاسرة الطيبة بصفات حميدة. ولذا كان من الطبيعي ان يكون الشهيد زياد وليد وابن لهذه الاسرة الطيبة وقد لايعرف الكثيرين ان زياد كان نموذجا متكاملا للشاب المثقف , فهو مهندس " جرافيك " ويجيد خمس لغات ويحب الاستماع للقران الكريم , كما كان محبا للقراءة , ومحبا لاستماع الموسيقي " الكلاسيك " ومقبلا علي الصداقة بروحه الجميلة ومقدما للخير حتي احبه كل من عرفه , اي انه كان حالما ومثقفا الي اخر الصفات الطيبة وهي صفات اذا اجتمعت في انسان واحد فهي تعني منظومة متكاملة في شخص واحد لانسان عظيم. اذكر احد المواقف للشهيد زياد .. فمنذ حوالي ثماني سنوات اتصل بي والده العزيز , وتحدثت مع زياد وكان الموقف هو حدوث ظاهرة الخسوف وهي كما هو معروف تصبح الدنيا ظلاما في عز الظهر , وكان مركز هذه الظاهرة في بلدة بالقرب من السلوم اي علي حدود مصر وليبيا , وذهب الشباب وايضا السياح من كل بلاد العالم ليشاهدوا هذه الظاهرة والتي قد لاتحدث في العمر سوي مرة واحدة الا ان المفاجاة السخيفة جاءت في اغلاق هذه البلدة لتخصص ل حسني مبارك واسرته والمقربين منه فقط دون غيرهم. اما ابناء الوطن ومعهم السياح فقد تم طردهم دون سابق انذار حتي استقروا في موقع جبلي دون ادني خدمات انسانية من طعام او شراب او حتي دورات للمياه وثار الشاب الهاديء الجميل زياد وتحدث معي واصر علي التعبير عن احتجاجه لماحدث من استهتار بابناء الوطن ولما يسيء لصورة مصر امام السياح بسبب مبارك واسرته. وكتبت وقتها عن هذا "الحادث" علي موقع جريدة الشعب علي الانترنت بعد رفض الصحف - للاسف - نشره وللاسف كما كنت اقول دائما لمن يتحدثون عن حرية الصحافة والزعم باتساعها في عهد مبارك ان الحرية الحقيقية للصحافة ليست فيما اكتب ولكن فيما يستجاب له ويكفي عصر مبارك وصمة في هذا المجال اغلاق جريدة الشعب التي اعمل بها وقصف اقلام الصحفيين . ومرت الايام واستشهد زياد في احداث ثورة 25 يناير العظيمة, وتكرر الخسوف ثانية وهو خسوف استأثر به ايضا مبارك واسرته والمقربين منه وهو خسوف اكثر ظلاما ليس في الدنيا فحسب ولكن ينطبق عليه الحديث الشريف : " الظلم ظلمات في الدنيا والاخرة " وليحيا زياد وامثاله في نور القلوب بعد ان اضاءوا لمصر شموع الحرية وعطروها بعبيرهم عبير الورود وما اعظم قوله تعالي : " ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " وقوله تعالي : " وبشر الصابرين " رحم الله زياد والهم اسرته ومحبيه الصبر والسلوان ومرة اخري اناشد من يوثقون للثورة جمع قصص من حياة هؤلاء الابطال في كتاب ليدرسه التلاميذ في المدارس مع تعديل المناهج من الحشو الي اثراء العقول والقلوب بالنماذج الوطنية واريج الشهداء.