'إذا أردت أن تحكم مصر طويلاً، فعليك باحترام المشاعر الدينية للناس، ومراعاة حرمات منازلهم'.. كانت تلك الوصية التي سطرها 'نابليون' بمثابة المفتاح الأهم للشخصية المصرية، والذي رأي أن يسلمه لجنراله 'كليبر' قبل أن يعود هو إلي بلاده. فما أن وطئ 'نابليون' أرض مصر علي رأس حملته العسكرية حتي تظاهر باعتناقه الإسلام، وأنه جاء لنصرة المسلمين والسلطان العثماني، ودحر المماليك، فكان يجول بين الناس مرتدياً العمامة والجلباب، ويحرص علي التواجد في المساجد بين المصلين.. ثم سارع بتشكيل مجلساً إستشارياً 'صوري' من العلماء، وشيوخ الأزهر لزوم الحبكة الدرامية، وتفعيلاً لمبدأ 'التقية'. وهكذا أصبح 'نابليون' هو حاكم مصر المُسلم 'بونابردي باشا' الذي أدرك مبكراً أن مصر هي حجر الزاوية في هرم حلمه الأكبر، مؤكداً ذلك بعبارته الشهيرة: 'لو لم أكن حاكماً علي مصر لما أصبحت إمبراطوراً علي فرنسا'. و'التقية' هي مبدأ شرعي من فروع الدين، إذ أنه مُقَيدٌ بسياقات الزمان والمكان.. واليهود والشيعة هم أشهر أتباعه التاريخيين.. لكن 'حسن البنا' هو صاحب الفضل في تطويره، بل وإعادة تأهيل زُمرة من الكائنات البشرية ذات العقول المشوشة، والميول المُطيَّشة علي فنون استخدامه. وبتعاقب مواسم التزاوج بين أبناء هذه الفصيلة، والأحفاد 'الوهابيين' حدثت الطفرة الجينية التي أفرزت لنا 'حزب النور'، الذي يحمل أعضاؤه الصفات السائدة في كلتا السلالتين، مما أدي إلي تفوقهم علي أسلافهم في الدهاء والمراوغة والحربائية. ومع استنكارنا لبراجماتية هؤلاء جميعاً من قِبل 'نابليون' وصولاً إلي 'مخيون' إلا أننا نفهم مقاصدهم التي تُلخص تصرفاتهم، وإن كانت لا تبررها، أو تبرئهم.. لكن ما لا نستطيع استيعابه بأي حال هو فِرقة المسيحيين المنتسبة لحزب ديني طالما دأب موالوه علي تكفيرهم، وتقبيحهم، وتتفيههم، فإن كان 'النور' يرصد أهدافه الثعلبية، ويعرف طرقها اللولبية، بحكم فطرته اللبلابية، فهل يعي أولئك المسيحيون دورهم بين 'أشقائهم'في الحزب؟! حاشا وكلا أن تكونوا يا 'كفاتسة' النور كِمالة عَدد، فالحزب لديه من العَدد، والعُدد أيضاً مايكفيه.. إنما أنتم شيء لزوم الشيء.. مجرد 'ورقة للاستعمال الظاهري، ولمرة واحدة فقط'!! أنتم كالأَمة التي لا يحق لها إلا مضاجعة سيدها وقتما شاء، ولا تتحرر بمجرد الإنجاب منه، بل حال موته فحسب!! فلو كانت وطنيتكم هي باعثكم لخوض الانتخابات ألم يطِب لكم من بين عشرات الأحزاب إلا 'النور' كي تنتحروا من فوق قوائمه؟! وإن كانت جماهيركم تلاحقكم لتمثيلها فلماذا لم تجرؤوا علي تشكيل حزب سياسي ذي مرجعية مسيحية؟! نصيحتي ألا تلتفتوا لمثل هُرائي، وامضوا فيما أنتم عازمون.. اصنعوا بإخوتكم في الوطن ما فعله يهوذا بمُعَلِمه بعد أن أكل معه في نفس الصحفة، لكن المقابل هذه المرة أبخس بكثير من ثلاثين قطعة من الفضة. ولا تندهشوا إن سمعتم- قريباً- من يقول لكم: آنستوا، ونورتوا.. ومع السلامة يا كفاتسة. [email protected]