ولد أبو القاسم الشابي في فبراير عام 1909م في مدينة توزر في تونس، وتخرج في جامع الزيتونة اعرق الجامعات العربية، وأراده والده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك نظرا لإصابته بمرض القلب. كان الشابي مصاباً بالقلب منذ نشأته، وكان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن، والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكني التابعة للزيتونة، ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبته الصغيرة. ذكره الشاعر العراقي المعروف فالح الحجية في كتابه شعراء النهضة العربية فقال فيه'هو شاعر وجداني وهو برغم صغر سنه شاعر مجيد مكثر يمتاز شعره بالرومانسية فهو صاحب لفظة سهلة قريبة من القلوب وعبارة بلاغية رائعة يصوغها بأسلوب أو قالب شعري جميل فهو بطبيعته يرنو إلي النفس الإنسانية وخوالجها الفياضة من خلال توسيعه لدائرة الشعر وتوليد ومسايرة نفسيته الشبابية في شعر جميل وابتكار أفضل للمواضيع المختلفة بحيث جاءت قصيدته ناضجة مؤثرة في النفس خارجة من قلب معني بها ملهما إياها كل معاني التأثر النفسي بما حوله من حالة طبيعية مستنتجا النزعة الإنسانية العالية لذا جاء شعره متأثرا بالعالمين النفسي والخارجي'. له قصائد مغناة مثل: جزء من قصيد إرادة الحياة في النشيد الوطني لتونس، إلي طغاة العالم غناء لطيفة، اسكني يا جراح غناء أمينة فاخت وأبو بكر سالم بلفقيه، عذبةٌ أنت غناء المطرب محمد عبده، وقد أعيا مرض الشابي علي عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفي الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفي أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب أو القلاب، و توفي أبو القاسم الشابي في المستشفي في أكتوبر من عام 1934 فجراً. نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلي توزر ودفن فيها، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جري في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365 ه، ويعبر الشابي أجمل تعبير عن أنوار تونس والمغرب العربي التي استفادت منها بلاد المشرق كما هي الحال مع ابن خلدون والحصري القيرواني وابن رشيق وغيرهم المعبرين أنصع تعبير عن خصوصية المدرسة المغاربية أو مدرسة الغرب الإسلامي الذي تؤهله جغرافيته أن يكون الجسر بين الغرب والشرق والذي ظل مدافعا عن الثغور ولم يمح رغم الداء والأعداء كما يقول الشابي.