علي الرغم من أن الصين تريد تحقيق أقصي قدر من الاعتماد علي الذات في تصميم وصناعة تكنولوجيا المفاعلات النووية، إلا أنها تشجع علي التعاون الدولي لنقل التكنولوجيا النووية من الشركات النووية العالمية لتوطينها في بلادها. وانطلاقا من هذا المبدأ فقد قررت الصين بناء مفاعلات نووية أمريكية من الجيل الثالث من نوع الماء الخفيف المضغوط موديل AP1000 صناعة شركة وستنجهاوس الأمريكية، قدرة المفاعل 1000 ميجاوات. هذا الموديل من المفاعلات لم يتم تشغيله وتجربته من قبل، سواء في أمريكا أو خارج أمريكا. في 2 نوفمبر 2006، قررت اللجنة الدائمة للمكتب السياسي المركزي للحزب الشيوعي الصيني بناء أربع مفاعلات نووية أمريكية، وتحدد لهم مواقع في 'سانمن' Sanmen و'هاي يانج' Haiyang، كما قررت اللجنة إنشاء الشركة الوطنية لتكنولوجيا الطاقة النوويةState.Nuclear Power Technology Corporation 'SNPTC'، لتكون المقاول العمومي للمشاريع النووية في الصين. في الفترة من ديسمبر 2006 إلي يوليو 2007، وقعت الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية مذكرة تعاون، ووقعت عدة شركات عقود لنقل التكنولوجيا النووية، بما في ذلك جزء كبير من تصميم الجزيرة النووية، وعقود لشراء المعدات. ويعتبر عقد نقل تكنولوجيا AP1000 بمثابة اكبر عقد لنقل التكنولوجيا المتطورة بين البلدين، وهو يعتبر اختراق واضح وصريح للقيود الامريكية التي تفرضها علي صادراتها من التكنولوجيا المتطورة للصين. تم وضع حجر الأساس للوحدتين 'سانمن' في 26 فبراير 2008، وبدأ بناء المفاعل الأول 'سانمن-1 ' في 19 أبريل 2009، كما بدأ العمل في بناء المفاعل الثاني 'سانمن-2' في 15 ديسمبر 2009، وطبقا للجدول الزمني الموضوع لخطة إنشاء المفاعلين، فكان من المقرر أن يبدأ تشغيل الوحدة الأولي في نهاية عام 2013، والوحدة الثانية في عام 2014. فترة إنشاء هذا الموديل المتطور من المفاعلات هي 36 شهر '3 سنوات'، مع أضافة فترة أختبارات بدء التشغيل، نجد أن الفترة الكلية 56 شهر 'في حدود 5 سنوات'، وهي الفترة من بداية الإنشاءات حتي التشغيل التجاري 'انتاج الكهرباء مع الربط علي الشبكة'، هذا الموديل من المفاعلات يعتمد في بنائه علي وحدات سابقة التصنيع Module 'ممكن يصل وزن الوحدة الي 700 طن'، ثم يتم تجميع الوحدات في موقع المحطة. تم تصنيع وعاء الضغط المخصص للمفاعل 'سانمن-1' في كوريا الجنوبية في مصنع Doosan دوسان للصناعات الثقيلة، كما ساعدها مصنع الصناعات الثقيلة الأول الصينيChina First Heavy Industries 'CFHI' في تصنيع بعض المطروقات الحديدية، وفي يوليو 2007، أنتج المصنع الصيني أول مكون من المطروقات الحديدية، وذلك تحت إشراف إدارة السلامة النووية الوطنية الصينية، وبدعم من العديد من الشركات المشاركة في مشروع محطة سانمن، بما في ذلك الشركة الوطنية لتكنولوجيا الطاقة النووية SNPTC وشركة وستنجهاوس ومصنع دوسان الكوري. تحت إشراف شركة وستنجهاوس قام مصنع الصناعات الثقيلة الأول الصيني CFHI، بتصنيع أول وعاء ضغط للمفاعل AP1000، وهو أول وعاء ضغط يتم تصنيعه في الصين، وهذا الوعاء مخصص للمفاعل 'سانمن-2'، وفي 8 يونيو 2014، تم إختبار هذا الوعاء ومرت الإختبارات بنجاح. مولدات البخار 'عددهم 2' للمفاعل 'سانمن-1'، تم تصنيعهم في مصنع 'دوسان' بكوريا الجنوبية. في 21 مايو 2014، تمت الإختبارات بنجاح لأول مولد بخار يتم تصنيعه في الصين للمفاعل AP1000، وهو مخصص للمفاعل 'سانمن-2'، وفي 23 أبريل 2015، تم تركيب مولدات البخار في مفاعل 'سانمن-2'. في عام 2015 تم الإبلاغ عن التأخير في تنفيذ المشروع، وأن تشغيل المفاعل لن يتم قبل عامين، ووضح أن تكاليف المشروع زادت، فقد خسرت الصين الملايين في البحث والتطوير ولازالت طلمبة التبريد الرئيسية لا تعمل، والمعروف أن طلمبة التبريد الرئيسية للمفاعل AP1000، من النوع المُعلب Canned Motor Pump، وهي صناعة شركة Wright-Curtiss الأمريكية، الاختبار النهائي للطلمبة تم في يناير 2013، وكشف عن مشاكل في جودة الطلمبة، ونتيجة لهذه المشاكل، قررت شركة SNPTC الصينية إعادة شحن ثلاث طلمبات من الأربع طلمبات إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستبدال بعض المكونات منها دفاعة الطلمبة impeller ودليل الريش، ثم إعادة اختبارات المصنع. في البداية إدعت أمريكا أن هذا النوع من الطلمبات سبق إستخدامه لسنوات في حاملات الطائرات النووية والغواصات النووية، لكن كان رأي بعض الخبراء، أن وستنجهاوس وشركة -ElectroMechanical Corporation 'EMD' والموردة لهذه الطلمبات، لم يأخذوا في الحسبان التطور التكنولوجي اللازم لكي تتكيف هذه الطلمبات للعمل في محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، واتضح أن الطلمبة ليست هي المشكلة الوحيدة، لكن سوء الإدارة هو الحائل الحقيقي لتعطيل المشروع. ومن ثم فقد بات واضحا أن هناك بعض 'الآلام المتزايدة' في البرنامج النووي الصيني، وهي كافية لتسبب إعادة النظر في بعض السيناريوهات الموضوعة لأكثر المشروعات توسعة حتي سنة 2020 وما بعدها. التأخير في تنفيذ مفاعلات AP1000، له انعكاسات خطيرة علي البرنامج النووي الصيني في المستقبل، خاصة وأنه كان متوقعا أن تكون معظم المفاعلات الصينية في المستقبل من هذا التصميم، في حدود 30 مفاعل AP1000 بحلول عام 2030، والصين كانت تأمل أن يكون ناتج قدرات المحطات النووية من الكهرباء مقداره 58 جيجاوات بحلول عام 2020. أخيرا، لنا أن نستخلص الدروس المستفادة من تجربة دولة الصين في تعاملها مع أمريكا في مجال المفاعلات النووية، ونحن نقدم لمحة صغيرة علي هذا التعاون، فكلتي الدولتين من الدول الصناعية الكبري، وأمريكا هي الدولة رقم واحد علي المستوي العالمي في تصنيع المفاعلات النووية، وهذه الدروس يجب أن تأخذ في إعتبار القائمين علي تنفيذ المشروع النووي المصري.