في بيان صادر عن المكتب الثقافي بالرياض، صرح المستشار الثقافي المصري بالمملكة العربية السعودية الدكتور محمد عثمان الخشت أن 'إعلان القاهرة' كشف عن اتفاق الجانبين المصري والسعودي علي وضع حزمة من الآليات التنفيذية في مجالات عديدة، منها المجال 'الثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة'. وهذا يبين إدراك قيادات البلدين الشقيقين لكون التنسيق الأمني والعسكري ضروري خلال تلك المرحلة لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، لكنها تدرك أيضا أن هذا وحده لا يكفي، لأنه خيار ينجح في حسم المواجهة مع الارهاب بشكل مرحلي مؤقت، ويقتلع بعضا من ثمار الشجرة، لكن تلك الشجرة نفسها تعود من جديد لتثمر إرهابا جديدا في موسم آخر! ولا أقول أن هذه مسألة واضحة في العصر الحديث فقط، بل هي مسألة متكررة في تاريخنا العربي كله في كل اللحظات التاريخية التي ظهر فيها الإرهاب، ثم القضاء عليه، لكنه دوما يعود في مواسم جديدة، لأن البيئة الثقافية المنشئة له لا زالت تحيا، والذهنية الحاضنة لا تنفك تعمل.وبالتالي فالمطلوب هو اجتثاث الشجرة من جذورها، وتنظيف التربة، وتفكيك الذهنية، وهذا هو دور الثقافة والإعلام والتربية والتعليم، ولذا تطرق إعلان القاهرة إلي الثقافة والإعلام، لما لهما من دور حاسم في القضاء علي الارهاب من جذوره، ولقدرتهما علي المعالجة الثقافية والتعليمية والتربوية للعقول المغلقة التي تعد البيئة الخصبة لصناعة الإرهاب، فالتكفير والتفجير والذبح لا يكفي فيه الإدانة النمطية بل لابد من صناعة عقول مفتوحة علي الإنسانية في ضوء العودة إلي المنابع الصافية القرآن والسنة الصحيحة. وأضاف الخشت أن أكبر قوتين ثقافيتين في المنطقة، مصر والسعودية، تشكلان في اللحظة الراهنة نقطة مركزية للتحديات بالمنطقة، والمنطقة توشك علي الدخول في مرحلة جديدة تحتاج ترتيبات مشتركة بين مصر والمملكة في اطار الروابط الثقافية والدينية الراسخة بين البلدين. كما نوه الخشت بما جاء في البيان من ضرورة وضع حزمة من الآليات التنفيذية، فهذا يدل علي ادراك الجانبين أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي، بل لابد من أن ينتقل التعاون من مرحلة 'الكيمياء المشتركة' إلي مرحلة 'الشراكة الاستراتيجية' المستندة إلي خطط زمنية واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ.وهو الأمر الذي نعيد التأكيد عليه باستمرار. ويؤكد المكتب الثقافي بالرياض علي ضرورة أن تكون المنظومة الثقافية والتعليمية والإعلامية في القلب من أية جهود لتجديد دماء الوحدة الاستراتيجية بين مصر والمملكة، حتي تترجم روابط الدم المشترك، والدين المشترك، والأمن المشترك، والمقاصد المشتركة عبر التاريخ، إلي خطط مدروسة ومكتوبة وآليات تنفيذية تحكم مسار العلاقة المستقبلية بين نقطتي الاتزان في العالم العربي والإسلامي، بل نقطتي الاتزان في العلاقات الدولية بين الشرق والغرب.