دقت الساعة السكانية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء معلنة بلوغ عدد سكان مصر 89 مليون نسمة، ما ينذر باستمرار تفاقم المشكلة السكانية التي تنعكس أثارها علي الاقتصاد القومي وتزيد أعباء الموزنة العامة للدولة. وللحد من الآثار السلبية للزيادة السكانية يتطلب الأمر الإسراع بالعمل علي مواجهة الزيادة السكانية بتكثيف برامج التوعية بشكل عام، فضلا عن الاستهداف الجغرافي للمناطق الأكثر فقرا، والاهتمام ببرامج تنظيم الأسرة والوحدات الصحية الموجودة في المناطق النائية وإعطاء حوافز للأطباء وعودة وسائل الإعلام لممارسة دورها، فضلا عن إعادة رسم السياسات الحكومية المتبعة لتلائم الوضع الراهن. وقال رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اللواء أبوبكر الجندي -في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن عدد المواليد ارتفع خلال عام 2014 ليصل إلي نحو 7ر2 مليون مولود في السنة، معربا عن توقعه أنه حال استمرار هذا العدد سيصل عدد السكان إلي 90 مليون نسمة بنهاية العام الحالي. وأضاف رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن المشكلة السكانية أخطر من الإرهاب، وأن ارتفاع نسبة الفقر إلي أكثر من 26% يعتبر من العوامل الرئيسية لارتفاع عدد السكان نظرا لزيادة عدد المواليد في الطبقات الاكثر احتياجا، لافتا أن زيادة السكان سلاح ذو حدين، وتعتبر مشكلة لابد من الإسراع بمواجهتها. وأكد أن عوامل علاج ومواجهة الزيادة السكانية يكمن في ضرورة تكثيف برامج التوعية للمناطق الأكثر فقرا والتي تفتقر لوجود الوعي والثقافة والتلفاز عبر القيام بالاتصال المباشر بهم ووصول الاخصائيين إليهم وتوعيتهم بوسائل تنظيم الأسرة بجانب إعطاء حوافز للأطباء في مراكز تنظيم الأسرة بالمناطق النائية لتشجيعهم علي العمل بها. وأوضح الجندي أن وجود وزارة جديدة للسكان ووجود وزيرة علي دراية ووعي بالمشكلة يساهم في الإسراع بتطبيق الاستراتيجية السكانية التي أطلقت في شهر نوفمبر من عام 2014، منوها إلي ضرورة الإسراع برؤية أثر الاستراتيجية علي أرض الواقع خلال العام الحالي. وخصصت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري استثمارات مستهدفة في مجال التنمية البشرية والاجتماعية، لوزارة السكان بنحو 6ر57 مليون جنيه في خطة العام المالي 2015-2016، مقابل 9ر37 مليون جنيه خلال خطة 2014-2015 بزيادة قدرها 8ر17 مليون جنيه. بدوره، قال مديرعام مركز بصيرة لبحوث الرأي العام والمشارك في وضع استراتيجة السكان الدكتور ماجد عثمان، إن عدم توافر خدمات تنظيم الأسرة من المشكلات الرئيسية في بعض المناطق الريفية التي تعاني من الزيادة السكانية، وإن برامج تنظيم الأسرة كانت ممولة من المعونات الامريكية وتوقفت منذ 10 أعوام. وأضاف أن ثقافة تنظيم الأسرة تراجعت حتي بين الفئات المتعلمة، فوفقا لآخر مسح ميداني تقاربت المتعلمات مع غير المتعلمات في عدد مرات الإنجاب مع ملاحظة أن الطبقة المتعلمة تعتبر نموذجا يحتذي للطبقات الأقل تعليما. وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي تراجع استخدام السيدات لوسائل تنظيم الأسرة ليسجل عدد المستفيدات منها في الفئة العمرية من 15 إلي 49 سنة نحو 5ر58% مقابل 3ر60% خلال عام 2008. بدورها، وضعت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري حجم استثمارات مستهدفة لتطوير الخدمات الصحية لبرامج السكان وتنظيم الأسرة نحو 15 مليون جنيه بما نسبته 0.4% من إجمالي الاستثمارات المستهدفة لقطاع الصحة التي تبلغ 4.2 مليار جنيه. وأوضح مديرعام مركز بصيرة لبحوث الرأي العام أن حجم المخصص الذي وضع لتطوير برامج تنظيم الأسرة في خطة العام الحالي يعتبر ضئيلا مقارنة بحجم المستفيدات من الخدمة، مؤكدا ضرورة الاستهداف الجغرافي للمناطق التي تعاني من الزيادة السكانية والتركيز عليها والارتقاء بمستواها، خاصة في صعيد مصر بمحافظات أسيوط وقنا وسوهاج التي تعاني من ارتفاع نسبة الفقر ونقص استخدام وسائل تنظيم الأسرة. وأشار إلي تراجع دور وسائل الإعلام في تقديم خدمات التوعية للمواطنين، منوها بضرورة مساندة الإعلام للدعاية لتلك البرامج والتوعية المستمرة وبشكل متواصل وتوجهيها للريف والحضر، وموضحا أن ارتفاع عدد السكان من عام 2006 إلي 2014 بنحو 40% ليبلغ معدل المواليد 2.7 مليون مولود عام 2014، مقابل مليون و850 ألف عام 2006، ما يتطلب زيادة عدد الفصول الدراسية بنسبة 40% اعتبارا من العام الدراسي 2012-2013 بتكلفة تقديرية نحو 18 مليار جنيه. ووفقا للاستحقاق الدستوري زادت مخصصات التعليم في الخطة الجديدة فوضعت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري حجم مخصصات مستهدف لتطوير مدارس التعليم الأساسي نحو 449.8 مليون جنيه، كما وضعت حجم فصول يستهدف إنشاؤها خلال خطة العام الحالي 2015 -2016 نحو 5 آلاف و 864 فصلا لمواجه كثافة الفصول من إجمالي مستهدف لمواجهة الكثافة يقدر بحوالي 49 ألفا و891 فصلا. وقال أستاذ التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة الدكتور هشام إبراهيم، إن عدد السكان يمكن استغلاله عبر تغيير السياسات المتبعة وإعادة توظيف الموارد الطبيعية والاقتصادية والبشرية بشكل سليم لخلق فرص عمل وزيادة الإنتاجية. واتفق معه الدكتور محمود محيي الدين مدير معهد التخطيط القومي الأسبق، في أن رسم السياسات الحكومية وتوجيه المشروعات القومية للشباب وتشجيعهم علي إقامة مشروعات خاصة بهم وتعمير الصحراء والخروج من الوادي الضيق يساهم في إعادة توزيع السكان بالشكل المطلوب ويخلق فرص عمل كثير، ما سينعكس علي تراجع معدلات الإنجاب.