'إن الذين يقاتلون يحق لهم أن يأملوا في النصر.. أمَّا الذين لا يقاتلون فلا ينتظرون شيئًا سوي القتل'. قالها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وما زلت أتذكرها كلما مرَّت مصر بحادث، علي غرار ما جري في شمال سيناء خلال الأيام الماضية. إن أكثر ما يؤلمني بعد كل حادث إرهابي بالإضافة طبعًا لنزيف دماء أبطال قواتنا المسلحة البواسل حالة الإحباط التي يشعر بها البعض، وفقدان الثقة في النفس والدولة. أفهم جيدًا معني اغتيال النائب العام، 'محامي الشعب'، المستشار الجليل هشام بركات، وأدرك خطورة ما حدث علي مستوي التطور النوعي في العمليات الإرهابية، كما بدت الأمور في سيناء خلال الهجوم المتزامن علي نقاط ارتكاز للقوات المسلحة. لكن السؤال: لماذا تُؤسِس الدول الجيوش وتنفق عليها، وتوفر لها أحدث الأسلحة؟.. هل لتسجيل الأغنيات الوطنية وإنتاج 'الفيديو كليب'؟!!.. هل لتنظيم العروض، وعمل 'قلوب' بالطائرات في السماء؟!. تُؤسَس الجيوش لتحارب، دفاعًا عن مصالح الدولة وحماية ترابها والحفاظ علي حدودها وسيادتها، ويموت في سبيل ذلك الشهداء والشهداء. وشهداؤنا في سيناء وفي كل ميادين الحرب علي الإرهاب ماتوا مرفوعي الرءوس وهم يدافعون عن تراب الوطن واستقلال وسيادة أراضيه.. ماتوا ليفضحوا الخونة تجار الدين والأرض والعِرض، ليكشفوا سوءات وعورات سماسرة الأوطان من الإخوان ومَنْ هم علي شاكلتهم. شهداؤنا ماتوا ليولد الثأر من جديد، وليعلمونا أن هناك أشياء جديرة بأن نموت في سبيلها ونضحي بأرواحنا من أجلها.. ماتوا حتي لا تُساق بناتنا ونساؤنا إلي أسواق النخاسة. فافرحوا بنجاح قواتنا المسلحة في إحباط مؤامرة الجماعة الإرهابية، وتصفية أكثر من مائة عنصر مسلح في صفوفها، وهروب الباقي مهزومين، هم ومن دفع بهم إلي سيناء. افرحوا ب'النصر'.. و'الشهادة'، ولا تنساقوا وراء موجات البكاء ومصمصة الشفاه لتصفية الحسابات مع الرئيس السيسي، وجيش مصر العظيم.. ولا تستفزكم مشاهد الشامتين أو من يظهرون علي 'قنوات الإرهاب' يتبادلون التهاني ويشربون 'الشربات' فرحًا في موت الأبطال.. فقد فعلها آباؤهم وأجدادهم بعد نكسة 1967، ليبرهنوا علي خِستهم. افرحوا وأنتم موقنون بأن مصر تخوض معركة استقلال وطني، معركة مصير، وبانت بشائر النصر، منذ أن خرج ملايين المصريين إلي الشوارع في 30 يونية وقبلها وبعدها، يدهسون تحت أحذيتهم المشروع الأمريكي الرامي إلي تفتيت المنطقة العربية علي أسس عرقية ومذهبية. ولا تستسلموا لمشاعر الإحباط، لوقوع عملية إرهابية هنا أو هناك، ولا تقعوا فريسة للحروب النفسية، فمصر التي تحطمت علي عتباتها أعتي الجيوش الاستعمارية، بداية من الهكسوس والتتار والمغول وجيوش أوربا الاستعمارية، وحتي الكيان الصهيوني، تدفع الآن ثمن البقاء، ثمن أن يظل وطننا حصن الاستقرار في منطقة تغرق في العنف. لقد تشرفت بأداء الخدمة العسكرية، وكم كنت أتمني أن أكون الآن في سيناء، لأخوض مع أبطال قواتنا المسلحة، معركة الدفاع عن الأرض والعِرض، وكم كنت أتمني أن تسيل دمائي لتروي تراب مصر الطاهر. أبطال قواتنا المسلحة في سيناء، يقاتلون ويُستشهدون، في انتظار النصر، وبغير ذلك لن يكون أمامنا خيار آخر سوي القتل. واقرءوا معي قول الله تعالي: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَي أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَي أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.. 'البقرة: 216'.