يواصل مزارعو الأرز في تنزانيا احتجاجاتهم، علي سياسة الحكومة، واستيرادها المحصول من باكستان، حيث لايزال مزارعو الأرز من أصحاب الحيازات الصغيرة في حي كيلومبيرو، بتنزانيا الذي يبعد مئات الكيلومترات عن مقرات منظمة دول شرق إفريقيا في /أروشا/، يكافحون من أجل بيع محصولهم من موسم 2012/2013. وقالت المزارعة كريستينا ماجويلا 'أسعار بيع الأرز لاتزال منخفضة للغاية ولكنها ارتفعت قليلا من معدل 600 إلي 750 للكيو جرام '. وأضافت ماجويلا، وهي أم لأربعة أطفال، أن أسعار الأرز انخفضت بنسبة أكبر من 50% العام الماضي عندما فشلت شركة كيلومبيرو الزراعية المحدودة، أحد أكبر عميل لمحصول الأرز، في بيع محصول خمسة آلاف مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة بسبب تشبع السوق المحلي. وقالت ماجويلا 'لقد بعت محصولي من الأرز بالخسارة لأني كنت في احتياج للنقود لأدفع مصاريف المدرسة الثانوية لاثنتين من بناتي ومصاريف المدرسة الابتدائية لأشقائهما'. بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة كليمبيرو الزراعية المحدودة، كارتر كوليمان، إن شركته خسرت خسارة كبيرة تصل إلي4 مليارات نتيجة لمنافسة واردات الأرز الباكستانية في 2013، كما خسرت مبلغا مشابها بسبب هبوط أسعار الأرز بنسبة 25% بسبب الحصاد الغزير لمحصول الأرز في موسم 2013/2014. وأوضح كوليمان في حديث صحفي أن' استيراد حوالي 40 ألف طن من الأرز الباكستاني الرخيص الثمن الذي تم إعفاؤه من التعرفة الجمركية الخارجية لمجموعة دول شرق إفريقيا، أدي إلي خفض سعر الجملة بنسبة 54% وإفقار مئات الآلاف من مزارعي الأرز أصحاب الحيازات الصغيرة'. يذكر أن الحكومة أصدرت في البداية تصاريح باستيراد 120 ألف طن أرز لتعويض النقص المزعوم في السوق المحلي ولكنها علقت هذه الواردات في شهر مارس من العام الماضي بعد احتجاجات التجار ومزارعي الحيازات الصغيرة للأرز. ومازالت شركة كليمبيرو الزراعية المحدودة لديها ألف طن أرز من موسم 2012 وخمسة آلاف طن من موسم 2013 والتي لا يمكن بيعها بأسعار مربحة بسبب الواردات الرخيصة من الأرز في منتصف العام الماضي. ويواجه المنتجون المحليون للأرز مشاكل أخري في تصدير الأرز إلي رواندا وأوغندا نتيجة قيام بعض التجار المحتالين بخلط الأرز المحلي بالأرز الباكستاني المستورد، ما دفع حكومتي الدولتين إلي فرض نسبة 75% ضرائب جمركية علي واردات الأرز من تنزانيا. وأعرب كليمان، عن غضبه من السلطات الأوغندية لاستمرارها في فرض تعريفة جمركية علي واردات الأرز التنزاني بنسبة 75% بما يتناقض مع ميثاق الاتحاد الجمركي لمجموعة دول شرق إفريقيا. ووجه كوليمان رسالة إلي سفير أوغندا السابق إلي الصين، فيليب أيدرو، مشوبة بالعاطفة قائلا 'رجاء اطلب من حكومتك رفع التعريفة الجمركية عن وارداتنا من الأرز فالمزارعون التنزانيون أفلسوا'. وفي رده، أكد السفير الأوغندي أيدرو، أنه طالما يتم خلط الأرز التنزاني بالأرز الباكستاني، ستظل الواردات التنزانية يفرض عليها تعريفة جمركية عالية لأن ذلك ينتهك قواعد المنشأ وفقا لميثاق الاتحاد الجمركي لدول شرق إفريقيا. وقال 'هذا يعني أننا يجب أن نقوم بدورنا، ولهذا ستتمسك أوغندا بفرض تعريفة جمركية بنسبة 75% علي واردات الأرز التنزانية حتي لو لم تشترك معها أي دول أخري في هذه الخطوة'. وحث السفير الأوغندي، منتجي الأرز المحلي الذين يخلقون فرص عمل ويضيفون قيمة لاقتصاد البلاد علي ضرورة أن يطلعوا صانعي السياسة بانتظام علي الكارثة التي تسببها واردات الأرز لاقتصاديات مجموعة دول شرق إفريقيا. ويبدو أن الضرر الذي تسببه واردات الأرز من باكستان لا يقتصرعلي المزارعين المحليين في تنزانيا، بل يمتد إلي أقرانهم في كينيا حيث وقعت الحكومة اتفاقية تجارية ثنائية لمبادلة الشاي مقابل الأرز. تجدر الإشارة إلي أن وفدا من اتحاد المزارعين الأفارقة يترأسه رئيس الاتحاد ومؤسسه، فيليب كيريرو، قام بزيارة وزير التعاون لمجموعة دول شرق إفريقيا، دكتور هاريسون مواكيمبي، وطرح قضية واردات الأرز الباكستاني التي تحبط التجارة الإقليمية لدول شرق أفريقيا. وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد المزارعين الأفارقة، ستيفن موتشيري، إن مزارعي الأرز في كينيا لم يتمكنوا من الاستفادة من ميثاق الاتحاد الجمركي لمجموعة دول شرق إفريقيا، لأن وارداته إلي رواندا وأوغندا فرضت عليها تعريفة جمركية بنسبة 75%. وأضاف موتشيري' تعلمون أن كينيا لديها اتفاقية تجارية مع باكستان التي بمقتضاها يشترون منا الشاي مقابل أن نستورد منهم الأرز، ولكن قيام بعض رجال الأعمال عديمي الضمير بخلط الأرز الباكستاني بالأرز المحلي في كينيا، ما استدعي فرض كل من أوغندا ورواندا تعريفة جمركية تصل إلي 75% علي واردات السلع الأساسية'. وتابع موتشيري موجها حديثه للدكتور هاريسون مواكيبي: 'ولقد علمت أن هذه المشكلة أثرت أيضا علي مزارعي الأرز هنا في تنزانيا، ما أمله أن تساعدنا في حل هذه المشكلة'. وأشار إلي أن اتحاد المزارعين الأفارقة يعمل مع وكالة التنمية الدولية الأمريكية لمساعدة المزارعين في اكتساب مهارات جديدة، وتحديد الأسواق، ومراقبة نوعية ومستويات الإنتاج. يذكر أنه نتيجة الاستثمار المكثف في إنتاج الأرز، يصل حاليا إنتاج مزارعي الأرز في البلاد إلي أكثر من 2ر1مليون متر مكعب من المحصول مقابل الطلب السنوي علي السلعة والذي يصل إلي أقل من مليون طن. وردا علي طلب اتحاد المزارعين الأفارقة، قال دكتور مواكيمبي إنه سيرفع هذه المسألة إلي نظرائه خلال الاجتماع المقبل لمجلس وزراء دول المجموعة.. مشيرا إلي أن معظم هذا الأرز تم تهريبه إلي المنطقة ويجب توفير حل يعالج هذا الأمر. وقال مواكيمبي إن أكبر قوة تجارية لمجموعة دول شرق إفريقيا تقع في مجال الانتاج الزراعي والذي يضم غالبية سكان الإقليم ولذلك فنحن نحتاج إلي حماية السوق من مثل تلك السلع المهربة. ودعا دكتور مواكيمبي المسؤولين في اتحاد المزارعين الأفارقة إلي تقديم عروضهم أمام مجلس وزراء مجموعة دول شرق إفريقيا، ومن ثم يقوم بعدها الوزراء بدراسة وبحث هذه المسألة. يذكر أن مجلس وزراء مجموعة دول شرق إفريقيا وافق في أوائل العام الجاري علي تعريفة جمركية موحدة تصل إلي 35% علي واردات الأرز لدول المنطقة، وهي خطوة عارضها بشدة مزارعو الأرز ووزير الزراعة والأمن الغذائي والتعاونيات التنزاني السابق كريستوفر تشيزا. وتعهد تشيزا بمعارضة محاولة فرض التعريفة الجمركية.. قائلا 'لم تتم استشارتي حول هذه المسألة والتي تقرر مصير مزارعينا، إن كينيا التي تضع الأرز الباكستاني ضمن قائمتها الخاصة بالسلع الحساسة، تفرض 35% تعريفة جمركية ولذلك تريد أن تتبني باقي دول مجموعة شرق إفريقيا نفس النسبة'. وأضاف تشيزا، الذي تم نقله من وقتها إلي مكتب رئيس الوزراء، 'مخاوفي أن يستمر تهريب الأرز الكيني الأرخص ثمنا إلي داخل الأراضي التنزانية'. ونبه تشيزا، وزيرة المالية التنزانية الحالية، سعدة مكويا سالوم، إلي أن التعريفة الجمركية المشتركة علي الواردات قابلة للتفاوض ويمكن رفعها من قبل دولة واحدة إذا احتاجت لرفع التعرفة للحد من الواردات الرخيصة.