تأتي الزيارة التي سيبدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي غدا الثلاثاء لألمانيا تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حيث تعقد قمة مصرية المانية تتناول بالبحث والمناقشة العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، حيث يعد هذا هو اللقاء الثاني بين الرئيس السيسي والمستشارة الالمانية بعد اللقاء الأول الذي عقد علي هامش أعمال المنتدي الاقتصادي العالمي حيث أعربت ميركل خلاله عن تفاؤلها بمستقبل مصر. وميركل المرأة الحديدية في أوروبا هي أول امرأة تصل لمنصب المستشارية في المانيا، وتمكث فيه لفترتين متتاليتين كرئيسة للحكومة، علي رأس ائتلاف حكومي يجمع المحافظين والليبراليين، ويشبهها السياسيون ب'المرأة الحديدية الجديدة'، نظرا لقوة شخصيتها ورباطة جأشها وقدرتها علي القيادة والزعامة. والمستشارة الألمانية ميركل منحتها مجلة 'فوربس' الاقتصادية الأمريكية، للمرة التاسعة لقب 'المرأة الأكثر نفوذا في العالم'، وبذلك تحتل المرتبة الأولي للمرة الخامسة علي التوالي في القائمة السنوية لمجلة 'فوربس' للمرأة الأقوي في العالم، والتي تختار فيها مائة امرأة تتمتع بأكبر نفوذ في العالم، حيث دخلت ميركل قائمة فوربس للمرة الأولي في عام 2006، وتحتل منذ ذلك الحين المركز الأول في قائمة 'المرأة الأكثر نفوذا في العالم'، عدا عام 2010، الذي حلت فيه في المرتبة الرابعة. و أثبتت ميركل علي مدي مشوارها السياسي قوتها وقدرتها علي تكوين تحالفات ناجحة بين أحزاب تتناقض في توجهاتها وتتفق في مصالحها، وهو ما دفع الإعلام الغربي لمقارنتها برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، نظرا لانتمائها ليمين الوسط وكونها تحمل درجة علمية فة الكيمياء مثل تاتشر فأطلقوا عليها ألقاب المرأة الحديدية والفتاة الحديدية. وتعرف المستشارة ميركل بهدوء رد فعلها إزاء أي نقد يستهدفها، كما أنها تتميز بقوة شخصيتها، وتتميز أيضا بمواقفها الصلبة في عديد القضايا الداخلية والخارجية ومنها أزمة اليورو، إضافة إلي موقفها من انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي ورفضها القاطع لتسليح المعارضة السورية في مثل هذه الظروف الراهنة. المستشارة ميركل هي شخصية بسيطة تحاول المحافظة دائما علي أناقتها، أكثر ما تتسم به الجرأة وصلابة الرأي والقوة المبهرة في عرض مواقفها، لكن في الوقت ذاته فإنها تتمتع بالمرونة وقدرة كبيرة علي التواؤم مع الآخرين، فميركل تعد أول سيدة تحتل مقعد القيادة في تاريخ ألمانيا الحديثة. وعلي الرغم من أنها لم تقتحم عالم السياسة إلا بعد تجاوزها سن ال 36، إلا أنها نجحت في تقلد أعلي المناصب سواء داخل الحزب المسيحي الديمقراطي أو في الدولة خلال فترة وجيزة، لتثبت مدي قدرة المرأة علي اقتحام عالم الرجال وقيادته بكل قوة. ولدت انجيلا دوروتيا ميركل، عام 1954 بمدينة 'هامبورج' في شمال ألمانيا، انتقلت مع أسرتها إلي 'تمبلين'، وبقيت هناك مع عائلتها حتي بعد انهيار سور برلين وتوحيد الألمانيتين عام 1990، عاشت وقضت طفولتها وشبابها في منطقة ريفية خارج العاصمة برلين في الشرق الشيوعي حيث كان والدها رجل دين بروتستانتي ، ومنذ نعومة أظافرها، أبدت الفتاة الصغيرة أنجيلا موهبة فذة في الرياضيات والعلوم واللغات، وحصلت علي درجة الدكتوراة في العلوم، ومن ثم عملت ككيميائية في الأكاديمية العلمية شرق برلين واقتحمت مجال السياسة قبل أشهر قليلة من سقوط حائط برلين، من خلال الحركة الديمقراطية عام1989. انخرطت ميركل في الحزب المسيحي الديمقراطي وبعد تجاوزها للعديد من العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي افسح لها المجال لتولي أعلي المناصب، و في عام 1998 رشح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب، وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا، وفي عام 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك جيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي. ومن أبرز مواقفها التي لاقت استحسانا ورد فعل إيجابي يتمثل في تعليقها عندما طالب القضاة في ألمانيا بمساواتهم بالمعلمين حيث قالت ميركل ' كيف أساويكم بمن علموكم ' وهو الرد الأخلاقي الذي تناقلته الكثير من المواقع التربوية و صفحات التواصل الاجتماعي ' فيسبوك' عن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل و هو جواب يلقن العالم و لا شك درسا أخلاقيا راقيا في المعاملة الإنسانية.