أكد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية السفير محمد الربيع أن المنطقة العربية تعيش ظروفا صعبة واستثنائية وامتحانا حقيقيا.. داعيا إلي ضرورة التوحد والانضواء تحت علم واحد يعلو سماء المنطقة، إلي جانب ضرورة وضع استراتيجيات وأهداف واضحة بعيدة المدي لحماية شعوبنا والأجيال القادمة من الأزمات وإيجاد الحلول لمواجهة التحديات والمخاطر. وأوضح الربيع - في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن القمة العربية الأخيرة التي عقدت بمدينة شرم الشيخ حددت أهدافا حقيقية أثبت أن الأمة العربية قادرة علي حماية مقدراتها ومكتسباتها والتوحد من أجل تحقيق هذه الأهداف. وقال إن 'الأمة العربية تتعرض لهجوم شرس من أعدائها، خصوصا بعدما توحدت قيادات هذه الأمة واستطاعت أن تكون رؤية للمواطن العربي تثبت أن العرب مهما ابتعدوا عن بعضهم البعض إلا أنهم أثناء التحديات والصعوبات التي تواجههم نجدهم يعودون إلي التوحد وإعادة اللحمة العربية'، لافتا إلي ما يدور في عدد من البلدان العربية كاليمن وسوريا والعراق وليبيا. ونوه بأن مصر احتضنت مؤخرا المصالحة الليبية، داعيا إلي الابتعاد عن الخلافات الضيقة والعودة إلي تغليب المصالح العليا للأمة العربية، خاصة في ظل التكتلات التي تبحث عن مصالح كل دولة علي حده وتحقيق برنامج للرفاه الاقتصادي والاجتماعي لمواطنيها. وأكد أن قيام السوق العربية المشتركة أصبح ملحا في هذه الظروف، مشيرا إلي أن السوق العربية بدأت خطواتها في التفعيل منذ العام 1997 بقيام المنطقة الجمركية العربية وهي المرحلة الأولي لقيام السوق العربية المشتركة ومن ثم الانطلاق في العام 2020 في المرحلة الثانية وهي قيام السوق العربية المشتركة، موضحا أن مجلس الوحدة الاقتصادية المشتركة يعمل بما لديه من خبرة في مناحي التكامل الاقتصادي العربي وإنشاء الشركات العربية المشتركة. وأضاف أنه 'تم إنشاء أربع شركات تعد نواة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي'، مشيرا إلي أنه سيتم التقدم خلال الدورة الوزارية المائة التي ستعقد يوم الخميس المقبل بالقاهرة بمشروع قانون الشركات الذي يعد كفيلا بتحقيق البعد الاستراتيجي للتكامل الاقتصادي العربي والمشروعات العربية المشتركة التي من خلالها يمكن أن يكون الاستثمار واسعا ومتعدد المجال والاهتمام. وأشار السفير الربيع إلي أنه خلال زيارته الأخيرة لألمانيا اطلع علي بعض التجارب والملامح التي يمكن الاستفادة منها، موضحا أن الاتحاد الأوروبي استطاع تحقيق نهضة يمكن الاستفادة بها، وقال إنه 'زار مصنع طائرات 'آيرباص' الذي تتعاون في إنتاجها أكثر من دولة'. وأضاف أن 'الدول العربية تمتلك الكثير من التجارب والرؤي المشتركة التي يمكن الاستفادة منها والانطلاق صوب المستقبل'، لافتا إلي أن الدول العربية عندما لجأت إلي استخدام سلاح النفط خلال حرب أكتوبر تحققت فوائض كبيرة استخدم جزء منها في إقامة شركات عربية نوعية متخصصة تمثل الآن المصلحة الحقيقية للتكامل الاقتصادي العربي. وأوضح أن هذه الشركات تنامت الآن وأصبحت شركات قابضة كبيرة نستطيع أن نفخر بها، مشيرا إلي أنه يجري الآن التخطيط لإقامة خمس شركات مماثلة. ونوه بأن الدول العربية تتمتع بالقرب الجغرافي والتاريخ المشترك، فضلا عن الرسالة السماوية الواحدة، موضحا أن هذه الدورة استلهمت ما يدور في المنطقة العربية خاصة التباطؤ في معدلات التنمية وتوقف عدد كبير من الصناعات التي كانت تعد مكسبا كبيرا خلال حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، مشيرا إلي أن أجندة أعمال هذه الدورة تعمل علي دفع هذه المشروعات العربية قدما وأن تلفت نظر القطاع الخاص والحكومات الحاجة إلي إعادة هيكلة هذه الصناعات خاصة وأن الجزء الأكبر منها يمثل موردا طبيعيا وليست سلعة. وقال إن 'هناك موضوعا رئيسيا ومهما تم إدراجه علي جدول الأعمال، وإذا ما استطعنا وضعه في صدارة الاهتمامات في إطار جامعة العربية ومنظومتها يتعلق بالعلماء العرب المهاجرين إلي الخارج'، مشيرا إلي أن هذه الدورة ستناقش دراسة تعني بكل العلماء العرب المهاجرين تحت مظلة مجلس الوحدة الاقتصادية للتعامل مع آلية جديدة للعلماء والمفكرين والمبتكرين لخدمة هذه الأمة ووضعها في المكانة اللائقة علي مستوي العلم والخبرة، خاصة وأن هؤلاء العلماء العرب قدموا للإنسانية خبراتهم وتجاربهم وعلمهم، ونحن في البلدان العربية أحوج إلي هذه الخبرات وهؤلاء العلماء حتي يساهموا في إعادة تطوير كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية في الدول العربية. وأشار الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية إلي أن هناك موضوعا آخر مدرج علي جدول الأعمال يتعلق بصناعة السكر نظرا لما لهذه الصناعة من أهمية واستخداماتها المتنوعة، خاصة وأن عددا من الدول العربية لديه ميزة نسبية في هذه السلعة مثل مصر والسودان والعراق، مؤكدا أنه يمكن من خلال هذه الدول تحقيق الاكتفاء الذاتي لدول المنطقة والعمل علي تصدير هذه السلعة. ولفت إلي أن بعض الدول العربية تستورد السكر الأحمر من أمريكا اللاتينية وتعيد إنتاجه، قائلا إن 'الدول العربية ليست في حاجة إلي ذلك لأن المنتج الطبيعي متوافر وبكميات كبيرة'. وأشار إلي أن هناك موضوعا آخر يتعلق بمادة السيليكا وهي موجودة بكميات هائلة في مصر حيث يصدر الطن بنحو 30 دولارا ويعاد مرة أخري بعد إعادة تصنيعه وإحداث قيمة مضافة إليه بما لا يقل عن 3 ملايين دولار وهذه المادة تدخل في الكثير من الصناعات، مؤكدا أنه يتم الآن البحث عن إنشاء شركة لمنتجات السيليكون. وأكد أن مجلس الوحدة العربية لديه برنامج كامل لإحداث نقلة لإحداث التكامل الاقتصادي العربي الذي يعني الاستثمار في المشروعات العربية المشتركة بحسب المزايا النسبية لكل دولة، مشيرا علي سبيل المثال إلي وجود أربع دراسات الأولي تتعلق بالصناعات النسيجية والثانية الصناعات الجلدية والثالثة صناعات الأسماك والرابعة بلوجستيات النقل البري والبحري وهي تندرج جميعها في إطار تفعيل التكامل الاقتصادي العربي. وأوضح أن الصناعات الجلدية مهمة وبدأت دولة كالصين تخترق هذه الصناعة وتهددها وهذه المادة بدلا من تصنيعها في الوطن العربي تصدر كمادة خام إلي دول أخري ويعاد استيرادها، مشيرا إلي أنه يجري الآن تسليط الضوء علي هذه الصناعة ومزاياها والعمل علي إحيائها مجددا. وأضاف الربيع أن 'مصر لها تاريخ طويل في صناعة النسيج ولديها ميزة نسبية في إنتاج القطن طويل التيلة والآن هناك تحديث مستمر لهذه الصناعة وتعددها'، موضحا أنه كان يعمل في هذه الصناعة في مصر فقط أكثر من ثلاثة ملايين عامل عدد كبير منهم تحولوا إلي البطالة. وبالنسبة لموضوع الأسماك التي تعد من الثروات التي تمتلكها الدول العربية والطن يعادل من ثلاثة إلي أربعة أضعاف قيمة الطن من النفط، غير أن الاهتمام بصناعة واستخراج النفط يفوق الاهتمام بهذه الثروة موضحا أنه سيتم في منتصف شهر يونيو المقبل عن قيام الشركة العربية لتنمية الثروة السمكية والإنتاج السمكي. وأضاف أن موضوع لوجستيات النقل من الموضوعات المهمة المدرجة علي جدول أعمال المؤتمر نظرا لوجود مشكلة تواجه دول المنطقة في الربط بين الدول العربية لعدم وجود وسائل نقل منتظمة بين الدول العربية، ولهذا فإن منطقة التجارة العربية الحرة لديها عثرات ومعوقات بسبب عدم وجود وسائل نقل كافية لنقل التجارة بينها، موضحا أن التجارة البينية العربية تتراوح بين 8 إلي 10% نظرا لأنه في بعض الأحيان يكون استيراد السلعة من دولة خارج المنطقة العربية أرخص لأن تكلفة النقل تكون أقل، وأشار إلي أنه يتم الاعتماد علي النقل البري بين بعض الدول العربية لكن هذه الوسيلة توجد بها العديد من المصاعب. وذكر أن هناك موضوعا يتعلق بالاتحادات النوعية المتخصصة التي تمثل الأذرع الحقيقية لتحقيق التنمية الاقتصادية العربية ولابد من الالتفاف إلي همومها وما تعانيه من عدم رفع قدراتها لتتحمل مسئولياتها مع الحكومات خاصة أن القمة الاقتصادية أفردت للقطاع الخاص مجالا واسعا ومساحة كبيرة للانتقال بالاقتصاد العربي من الإقليمي إلي المستوي الدولي ولا يمكن أن ننافس علي مستوي أعلي طالما أن القطاع الخاص ليس في مقدمة المسيرة الاقتصادية. وأوضح أن الأمانة العام لمجلس الاقتصادية العربية ستقدم خلال هذه الدورة عددا من الدراسات عن مشروع تنمية وإنتاج المحاصيل السكرية وصناعة وإنتاج السكر في الوطن العربي، ودراسة مشروع الاستعانة بالعلماء العربي في أمريكا وأوروبا، وإعلان المشروع العربي الصناعي لتطبيقات السيليكا الحديثة في الطاقة والاتصالات وصناعة الإلكترونيات. ويتم دراسة المشروعات العربية المشتركة كمدخل مناسب للتكامل الاقتصادي العربي : الصناعات النسيجية العربية 'الواقع والآفاق' وسبل تعزيز القدرة التنافسية - تكامل صناعة الأسمدة في الوطن العربي - النهوض بالخدمات اللوجستية في مجال النقل البحري والبري في البلاد العربي. ويستعرض الأمين العام السفير محمد الربيع أمام الوزراء العرب تقارير وتوصيات لجنة المختصين بالدول الأعضاء حول مشروع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب المفروضة علي الدخل ورأس المال. كما يستعرض المقترح الوارد في تقرير وتوصيات الاجتماع الدوري '42' للاتحادات حول دراسة التسويق والجودة بضرورة رفع مقترح إلي المجلس الوزاري لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بضرورة اعتماد توصية لمواصفات العربية اعتمادا علي المواصفات العالمية وتوحيد المسميات والرقم الجمركي عند المنافذ الجمركية. ويتم تقديم التوصية الصادرة عن الاجتماع الدوري '42' للاتحادات العربية النوعية المتخصصة يتبني مجلس الوحدة الاقتصادية العربية مشروعا عربيا لإصدار علامة الجودة بالتعاون مع مؤسسات حماية المستهلك والمعايرة والاستثمار في الدول العربية. كما يجري استعراض تقرير وتوصيات مؤتمر نحو استراتيجية جديدة لتفعيل دور الاتحادات العربية النوعية المتخصصة في النهوض بالعمل الاقتصادي العربي المشترك والعمل علي تفعيل السوق العربية المشتركة وتنمية التبادل التجاري. كما يجري خلال هذه الدورة مناقشة تقارير الأمانة العامة للمجلس بشأن الإجراءات التنفيذية التي اتخذتها الأمانة العامة لتأسيس الشركة العربية للصوامع وتخزين الحبوب، إلي جانب الإجراءات التي تمت للتنسيق بين مجموعة المؤسسين والأمانة العامة للمجلس لاستكمال إجراءات تأسيس الشركة العربية لإنتاج اللحوم الحمراء، ومستجدات تأسيس الشركة العربية المشتركة القابضة للأسماك. ويتم استعراض آخر التطورات الخاصة بالإجراءات التأسيسية للشركة العربية المشتركة القابضة لصناعة الجرارات والآلات الزراعية، واستعراض تقرير وتوصيات الاجتماع المشترك الثالث للجنة الفنية واللجنة الاستشارية لآلية تنمية الاستثمار والتجارة في البلاد العرب