سوريا بتاريخها الحضاري وثقافتها العريقة المتنوعة وشعبها ومقدراتها وجيشها كل ذلك نراه الآن أمام أعيننا وكأنه سراب وأطلال بعد كل هذا الخراب والتدمير والمآسي التي تعرضت لها، فآلاف الآلاف من الشهداء والمصابين، وملايين المهجرين كرها إلي الكثير من البلدان بعد أن كانوا أعزة ويملئون الدنيا في سوريا عملا واجتهادا في شتي المجالات، فها نحن نراهم الآن وهم مشردون ويسكنون المخيمات بعد أن هربوا من القتل وقطع الرقاب وأصوات البارود برًا وجوًا طلبا للأمان والحياة، وهؤلاء كانوا يملئون المدن الشامية بسوريا حياة ومرحا حتي دمرت مدنهم وقراهم فتركوها خاوية علي عروشها بعد أن هدمت مبانيها ومؤسساتها وصوامعها ومساجدها الحضارية التي لا تعوض حتي أصبحت سوريا الجريحة ومعظم أرضيها في قبضة التنظيمات الإرهابية التكفيرية كداعش التي استولت مؤخرًا علي مدينة تدمر التراثية وهجَّرت شعبها وينتظر قيام هذا التنظيم الإرهابي بتدمير لؤلؤة الصحراء تدمر بكل ما فيها من كنوز أثرية تحكي قصص الماضي والتي تعتبر ملكا للإنسانية لتلحق بالرمادي وآثار الموصل التي خربت علي أيدي داعش، وها هي النصرة الإرهابية تستولي علي القواعد العسكرية القوية في إدلب، وها هو الجيش السوري النظامي يتقهقر متجها نحو حلب ودمشق وهو مؤشر خطر أمام زحف داعش والتنظيمات الإرهابية التي تسعي للسيطرة علي دمشق متزامنة مع استيلائها علي بغداد، وها هو الجيش الحر الذي لا نعرف معني لمفهوم حريته ولا نعرف ماذا يريد ومع من يقف ومن يتلقي الدعم وماذا تمثل سوريا ومدنها وشعبها بالنسبة له أمام تأكدنا من سعيه للاستحواذ علي السلطة، أين مسئولية المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في سوريا وما يحدث في العراق؟ بل أين مسئوليته ودوره تجاه التنظيمات الإرهابية التي تعمل علي تدمير وطمس الحضارات في بلداننا العربية ومنها التهديد الذي تواجهه سوريا الآن مما يؤكد تورط دوله الكبري في تنفيذ هذا المخطط لتدمير تلك الدول، أين حزب نصر الله وأين دور إيران الآن بعد اختفاء دورهما في المعارك وتخليهما عن بشار الأسد المهدد بضياع حلب ودمشق؟ أين مسئولية دولنا العربية وشعوبها تجاه الخراب الذي يحدث في جسد الأمة العربية، أين وأين؟ حتي لم يبق منك يا سوريا إلا آثار الدمار والخراب والفقر والجوع، فمتي يستفيق ما تبقي من شعب سوريا الحر وشعوب بلداننا العربية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سوريا؟