نص كلمة اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، والمقرر أن يلقيها الوزير حاليا، بمؤتمر 'دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية لتمكين الشباب من المشاركة الفعالة في المحليات والعمل العام'، وذلك بمقر المدينة التعليمية بمدينة السادس من أكتوبر. إلي نص الكلمة : يسعدني أن أعرب عن سعادتي بتواجدي في هذا الحدث الهام، هذا المؤتمر الذي نجتمع من خلاله اليوم لرسم طريق جديد للتنمية في بلدنا، وخاصةً في تلك المرحلة التي تحمل العديد من التغيرات التي تنطوي علي الكثير من الآمال. حيث تشهد مصر في هذه المرحلة منعطفاً هاماً في مسارها السياسي والاقتصادي، وذلك في أعقاب ثورتين قدم فيها شعب مصر العديد من التضحيات وبرهن علي تمسكه بحقه في حياة كريمة وتطلعه إلي دور أكبر ومشاركة أوسع في الميدان السياسي والاقتصادي علي حدٍ سواء. وقد مهدت هذه الثورة لهبوب رياح التغيير علي الواقع السياسي والاقتصادي في مصر، حيث يشهد الصعيد السياسي في مصر حالياً تغيرات عدة تهدف إلي إرساء واقع سياسي جديد، منها الانتهاء من وضع دستور جديد يكفل إطاراً ديمقراطياً متكاملاً للحياة في مصر، إلي جانب إجراء إصلاحات علي مستوي الانتخابات النيابية والمحلية وتفعيل مباديء الديمقراطية والشفافية والمحاسبة للسلطات المختلفة. وبالتوازي، تشهد الساحة الاقتصادية علي المستوي المحلي بعض التغييرات والإصلاحات التي تتمحور معظمها حول المواطن المصري من خلال العمل علي تحسين مستواه المعيشي وزيادة المردود الإيجابي لعملية النمو الاقتصادي الذي ينعكس عليه، وذلك من خلال تحسين ما يصل إليه من سلع وخدمات وهو ما يمس حياته اليومية بصفة مباشرة، ويأتي مثالاً علي ذلك تبني وزارة التنمية المحلية لبرنامج 'مشروعك' القائم علي تشجيع الشباب لإعداد وتنفيذ مشروعاتهم التنموية مختلفة الأحجام 'المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم'، ومن هنا تأتي أهمية التأكيد علي البعد المحلي في عملية النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية. فرسم الخريطة الاقتصادية للمرحلة المقبلة لابد وأن يضع نصب عينيه المواطن كأولوية وهو ما يستدعي تحسين الإطار الذي يحيا فيه ويؤثر مباشرةً عليه، أو بمعني آخر، العمل علي بناء نظام محلي جديد. ومن ثم، يتضح لنا أن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي علي المستوي القومي لابد وأن ينعكس علي إصلاحات مماثلة علي المستوي المحلي لذا علينا أن نعمل علي بناء نظام محلي جديد وإرساء أسسه التي تعكس رغبات المواطن ومصلحته في المقام الأول. فالإصلاح السياسي وإرساء أسس الديمقراطية لابد وأن ينعكس في مزيد من اللامركزية السياسية التي تؤسس لمجتمع محلي ديمقراطي يشارك المواطن من خلال مؤسساته في إدارة مقدراته والتعبير عن طموحاته بحرية. إن الإصلاح الذي يقوم علي دعم الشباب للمشاركة في العملية التنموية يقوم بالأساس علي زيادة مشاركتهم في تحديد رؤيتهم للمكان الذي يعيشون فيه، مما يشجع المجتمعات المحلية علي تحديد احتياجاتها وترتيب أولوياتها ورفع كفاءة استخدام مواردها وزيادتها أيضاً، بالإضافة إلي تعزيز مشاركة تلك المجتمعات في صنع القرار وتحديد الأولويات مما يؤدي إلي إعلاء قيم المواطنة من خلال وجود مجالس محلية شعبية منتحبة علي كل مستوي إداري بجميع أنحاء الجمهورية. وبشكل أكثر تفصيلاً، فإن تعظيم دور الوحدات المحلية في مباشرة عملية التنمية يؤدي إلي تحسين الآداء الخدمي لها، وذلك من خلال استجابة أكثر مرونة لمتطلبات المجتمع المحلي وخصائصه والتي تعكس التفضيلات المختلفة للمجتمعات المحلية. وتواجه الإدارة المحلية في مصرالعديد من التحديات منها الضيق النسبي لنطاق صلاحيات الوحدات المحلية وعدم مشاركة الكوادر الشابة في تنمية مجتمعاتهم المحلية، ومعاناة إدارات الوحدات المحلية من تواضع قدراتها علي توفير الموارد المالية المطلوبة لتنفيذ خطط وسياسات التنمية الخاصة بها. وكذلك يأتي عدم تناسب قدرات العاملين بالمحليات مع المهام المتعددة الموكلة لهم كتحدٍ آخر. ونظرا لأهمية تدعيم الإدارة المحلية لخدمة التنمية فقد أفرد لها الدستور المصري الجديد 'دستور 2014' فصلاً كاملاً، أشارت مواده إلي أن الدولة تكفل دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها وحسن إدارتها، هذا فضلاً عن تخصيص ربع المقاعد الخاصة بالمجالس الشعبية المحلية للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة وربع العدد للمرأة. وقد حدد الدستور مهام المجالس المحلية حيث أشار إلي أنها تتمثل في متابعة تنفيذ خطة التنمية ومراقبة أوجه النشاط المختلفة وممارسة أوجه الرقابة علي الأجهزة التنفيذية من اقتراحات وتوجيه أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات وغيره، وفي سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية ويحدد القانون بقية الإختصاصات والصلاحيات المالية. لذا يمكن تصور حجم الجهود المنتظرة للنهوض بالنظام المحلي في مصر وتفعيل دوره في عملية التنمية في المرحلة القادمة وبخاصة من الشباب والمرأة، وهو ما يتطلب بالضرورة دعما من مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لإشراك الشباب والمرأة في التنمية علي المستوي المحلي، وثقل الكوادر الشابة بالخبرات والتجارب الناجحة لتمكينهم من المشاركة الفعالة في المجالس المحلية وتنمية مجتمعاتهم المحلية. وفي الختام أتوجه بخالص الشكر والتقدير لكافة الجهات المشاركة علي إعدادهم لهذا الحدث الهام