في أعقاب ثورة 25 يناير تكررت حوادث الاعتداء علي التماثيل سواء كانت تجسد أعمالاً إبداعية، أو تخلد ذكري شخصيات مصرية أثرَت الحياة الفنية والأدبية لعقود طويلة.. فمع نهاية أكتوبر من عام 2011 وأثناء المؤتمر الانتخابي لحزب النور الذي أقيم في ميدان الرأس السوداء بالإسكندرية قام منظمو المؤتمر بتغطية التمثال الذي يتوسط حديقة الميدان بالقماش وتوثيقه بالحبال، ثم علقوا عليه لافتة مطبوع عليها عبارة تقول: 'المرأة المصرية هي التي تستقطع من وقتها لزوجها، ولا تنسي بناء وطنها'!! والتمثال من الفن الإغريقي يصور الإله 'زيوس' في هيئة أربعة من حوريات البحر، مما اعتبره السلفيون أمراً مخالفاً للتقاليد الإسلامية.. وقبلها بأيام فوجئ أهالي مدينة المنصورة بتمثال 'سنوسرت الأول' الموضوع بأحد الميادين الكبري، ملقي علي الأرض ومربوط بحبل غسيل مما يدل علي أنه تم إسقاطه بفعل فاعل!! وفي أوائل 2013، وضع مجهولون النقاب علي وجه تمثال كوكب الشرق 'أم كلثوم' الكائن في ميدان الثورة بالمنصورة.. ثم بعدها بأيام تمت سرقة رأس التمثال النصفي المصنوع من النحاس لعميد الأدب العربي 'طه حسين' وتحطيم قاعدته الهرمية في قلب ميدانه بشارع الكورنيش بالمنيا.. أما التمثال ذو اللون الأبيض المسمي 'عروس البحر' الموجود بالإسكندرية، والذي نحته الفنان المصري الراحل فتحي محمود عام 1962 مجسداً من خلاله الإله الإغريقي 'زيوس' في هيئة ثور وقد استسلمت تحته امرأة جميلة تشير إلي أوروبا التي تبادلت النور المتمثل في الحضارة، والمعرفة، والتاريخ مع الإسكندرية من خلال عدد من الأشرعة التي تعلو التمثال.. هذه القطعة الفنية الفريدة لم يكتفِ المخربون بتحطيم جزء منها، بل قاموا بسكب كميات من الطلاء ذي اللون الأزرق عليها بقصد إتلافها.. حدث ذلك أيضاً في2013 قبل بضعة أشهر من تشويه تمثال 'نهضة مصر' للنحات المصري 'محمود مختار' إبان اعتصام الإخوان عقب ثورة 30 يونيو. جميع تلك الأعمال الهمجية كانت أصابع الاتهام فيها تشير إلي المتأسلمين من أتباع الفكر المتطرف، الذين لم يسلموا من هجمات ضارية شنها عليهم المصريون بكافة أطيافهم من مثقفين، وفنانين، وكتاب، وسياسيين، وإعلاميين، ومنظمات مدنية.. حتي قيادات حزب النور السلفي لم تجد لديها ما يبرر عدم المشاركة في إدانتهم. صدرت البيانات العنترية من وزارة الثقافة، واتحاد كتاب مصرتصف الجناة بالأشرار، الذين يفتقدون إلي الحد الأدني من القيم الوطنية والدينية والإنسانية، ولا يستهدفون إلا القضاء عليالوعي والتراث الثقافي.. خرج من يطلقون علي بعضهم البعض صفة 'النُخبة' بتصريحات نارية تؤثم، وتشجب، وتستنكر، ما فعله السفهاء منا.. وبالطبع اتفق معهم جميعاً فيما أصدروه من أحكام.. ولكن بالله عليكم يا سادة أين كانت صرامتكم وحسمكم تلك في مواجهة تمثال شامبليون الواطئ بحذائه رأس الفرعون؟! كيف استكانت جسارتكم وغيرتكم علي مصر وتراثها طيلة قرن ونصف من الزمان! [email protected]