في ميدان التحرير، وكل ركن من أركانه، وكل شارع من شوارعه، وميادين التحرير الأخري، التي شربت أرضه من دماء شهدائه، والجرحي في ثورة عظيمة، تلتها ثورة كبيرة، بعدما وقعت كل الجرائم، في شرعية النظامين السابق والأسبق، بدءا من نهب المال العام، مرورا بالفساد والمحسوبية، ووصولا إلي تزوير الانتخابات، وهيمنة رجل واحد علي أكثر من 10 مناصب دستورية، وهو ما لم يحدث حتي في عهد الملك فاروق. بالإضافة الي الخطأ الشنيع، والكارثة العظمي، والطامة الكبري، في ظل الشرعية الدستورية، وهي بيع الغاز المصري للعدو الصهيوني، وبثمن بخس دراهم معدودة، كانوا فيها من الخائنين. فكانت بوادر الضغط الذي أدي الي الانفجار، و'مَنْ غرس الحنظل جني المر'، وقد غرس نظام مبارك، الغل، والحقد، والبغضاء، في نفوس شعبه، فجني ثورة كبري أطاحت به وبحاشيته. هذه عواقب السياسة البليدة المتبلدة التي تسوس بها النظام، في زمن تحرك فيه حتي الحجر، وثارت فيه كل الشعوب المظلومة، تنتصر لنفسها من ظلم الطغاة، فلم يتعظ مبارك، ولم توقظه النذر المتلاحقة، والحروب الماحقة. إن مسؤولية شباب الثورة، والمثقف الثوري الحقيقي، والشعب المصري، في الذكري الرابعة لثورة رائعة، حماية الثورة، ورعايتها، بعيدا عن المؤامرات، والمؤتمرات، والالتفاف عليها، بادعاء الحكمة، والحنكة، والحوار مع الثوار. فالحوار الحقيقي لا يكون إلا مع الشعب ورموزه. فنحن نشعر بأعداء الوطن ولو من لحن القول، فقلوبنا معلقة بهذا الوطن، لأنها أفلاذ من أرضه وترابه ونيله وهرمه، ولا نسلوه ولو سلا المجنون ليلاه، لأننا تربينا علي ثراه، وتحت سماه، ونتمني له من الأماني أعلاه. خفقت القلوب للذكري الرابعة، لثورة نابعة، من نفق مظلم، فأصبحت ساطعة، لقلوب طائعة، لا تعرف الخوف نافعة، في عقول يافعة، فاهتزت النفوس طربا لبداية الثورة الجامعة، التي سيكون لها ما بعدها، في تحقيق كامل أهدافها الرائعة، في الذكري الرابعة، وما بعدها من ذكريات تابعة. طرقت ثورة 25 يناير طارق الأسي، فكانت شجاعتها، مضرب المثل، لأن قوتها في سلميتها، لم يظاهرها سلاح، وكانت جموعا، تعبر عن روق الأمل، في لحن رائحته تعطر مصر والوطن العربي والعالم، قليلا من رائحة بارود القاتل، ورائحة الغاز المسيل للدموع، مخلوطة برائحة الدم الزكية، لشهداء ثورتنا الأبرار. قامت الثورة علي نظام تمتع بالغباء، والعماء، والبلاء، واللامبالاة، ولم يذكر أمسه القريب، حين أحاطت به خطيئاته، وأوبقته جرائره، فسقط النظام فريسة تحت أرجل شباب الثورة وشعب مصر، ولو أن هذا النظام الديكتاتوري أبقي في قلوبنا مثقال ذرة من الرحمة والشفقة له، لأشفقنا عليه من ثورة هائجة، تأجج لهيبها، فكانت نذيرا من النذر الكاسحة. فعسي أن تكون لجميع الأنظمة في مصر والعالم فيها عبرة، وعسي أن يكون لها فيها مزدجر. ولو كان لنظام مبارك أو الإخوان، بقية من كياسة، لضمن لنفسه البقاء، ولو لبضع سنين أخري، أما الدوام مع الظلم، فلا مطمع فيه. أما السياسة العظمي لنظام مرسي والإخوان، إما ربحًا كاملاً، وإما خسارا شاملا، وأن حياة الإخوان مشروطة بموت غيرها، فهذه عقيدتهم ومنهجهم وطريقتهم. إن نظام مبارك والإخوان الأقوياء بالأمس، هم ضعفاء اليوم، وقد أصبحوا يلوذون بأكناف الأقوياء، فنراهم في فزع دائم، يحسبون كل صيحة عليهم، يتقوون وهم يتهاون، وعلامة ضعف الضعيف، أن يكثر من الحديث عن قوته، ويفرد عضلاته الواهية، وقوته المزعومة، علي الضعفاء، وأن يكثروا اهتماماتهم بما يقوله الناس فيهم، ولايغضب غضب الكبرياء المقرون بالتحدي، ولكن غضب الضعف المقرون بالشكوي، هكذا يفعل الإخوان، وأعضاء الحزب الوطني المنحل اليوم. وكذلك ثارت ثائرة محمد مرسي وقياداته، فلم يجدوا منطقا تؤيده الحجة، ولا حجة يثبتها المنطق، إلّا قولهم، 'نحن علي حق والجميع علي باطل'، جيش، وشرطة، وقضاء، وإعلام، وأحزاب، وشباب، وشعب مصر كله باطل، ماعدا الإخوان. وبذلك أثبتوا ضعفهم في هذه الأغنية البلهاء، التي يتغنون بها، ليس فيها ذوق ولا انسجام. قامت الثورة المصرية مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، تحلي الثوار فيها بالشجاعة والصدق والصبر والرفق، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وليكن دينهم أن يوطنوا أنفسهم، إن أحسن الناس أن يحسنوا، وإن أساءوا فلا يظلموا. فالثورة ليست حكرا علي أحد، أو حزب، أو فئة، بل هي صورة وطن. إن هذه البوارق التي لاحت في جو مصر، في ثورة 25 يناير، تبعتها صواعق سلمية تنقض وتنتفض علي استعمار مبارك، فتدكه دكّا، وإنني علي ثقة كاملة، بأنها سوف لا تضيع هباء منثورا، وأنا علي عقيدة تامة، أن الثورة ستجني كامل ثمارها قريبا إن شاء لله. وكل ما نطمح ونطمع ونأمل ونتمني ونرغب ونحلم به، بعد ثورتين عظيمتين '25 و30' أتمني بصحبة زملائي من شباب الثورة، أن تتحول مصر من أمة، أذلها مبارك والإخوان، والتي كانت من المفترض أن تكون من الأئمة الوارثين، ويجب أن تكون أمة تملك بالعدل والإحسان كل شيء، وتصبح علي نور الحق، وصراط الحرية، ولم تزغ عن صراطه ولو قليلا، وتسير إلي مرضاته دبيبًا، وتغيّر ما بنفسها عسي أن يصبح حكمها قويما. ومصر بفضل لله سائرة في طريق الالتحام والانسجام، ومعها لفتات صادقة، من الحكومات العربية بالإمداد والتشجيع، ماعدا قطر. وأخشي ما أخشاه علي شباب الثورة أن يشتعل بحماسه النقي ثم ينطفئ لعدم الوقود.إن الأولوية الآن هي دعم الجيش في مهمة مواجهة الإرهاب، وإن ثورتنا ستتحول إلي مسار طويل من الإصلاحات، ويجب مواصلة الجهود لحماية الأرض، والعرض، والشرف، مع تحقيق حلم 'العدالة والكرامة'، فلابد أن ندفع ثمن حماية الثورة، للمحافظة علي مسار الثورة. المتحدث الرسمي باسم النادي الدبلوماسي الدولي Diplomatic Counselor Sameh Almashad