استغلت إسرائيل جرائم الارهاب العالمي الذي تم تسليطه علي سوريا ليصب هذا في مصلحتها عبر تغيير قواعد الاشتباك، فلقد وجدت بغيتها في العمليات الارهابية التي تقودها منظمات النصرة وداعش وما يسمي بجيش الاسلام وغيرها. تماهت معها ودربت قياداتها كي يكونوا جبهة داعمة لها وليشغلوا حزاما جغرافيا في القنيطرة لحماية الجولان السوري المحتل، بيد أنها أفاقت فجأة علي الضربة الموجعة التي سددها حزب الله لها الاربعاء الماضي عندما استهدف مركبات عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة ليسقط أكثر من تسعة من جنود العدو بين قتيل وجريح. وكان أحد القتلي قائد سرية في لواء 'جفعاتي'. لقد فعلها حزب الله وكان وعده صادقا عندما توعد إسرائيل بالرد علي العدوان الذي استهدفت فيه القنيطرة السورية في 18 من يناير الماضي واستشهد خلاله ستة من قيادات حزب الله وجنرال إيراني. عملية حزب الله نوعية رائعة تم التوقيت لها بحرفية وتم اختيار الهدف الأنجع عندما استهدف عسكريين إسرائيليين في مزارع شبعا المحتلة. الضربة كانت موجعة لإسرائيل التي بدت مرتبكة لاسيما وأنها لا تستطيع في الوقت الحالي أن تقدم علي حرب مفتوحة وإلا فتحت علي نفسها أبواب جهنم، كما أن أي تصعيد حاليا قد ينعكس بالسلب علي نيتنياهو وشعبيته قبل الانتخابات التي ستعقد في 17 من الشهر القادم. أثبت حزب الله بهذه العملية قدرته علي الرد، وحقق بواسطتها توازن الردع ووضع نيتنياهو من خلالها في قلب مأزق كبير، فبدت خياراته محدودة حيث لايمكن له التورط في حرب واسعة تشعل كل المنطقة ضد الكيان الصهيوني.أثبت حزب الله بالضربة أن المقاومة جاهزة ولديها تطور نوعي في عملياتها، فرغم حالة الاستنفار للجيش الإسرائيلي نجح الحزب في اصطياد الهدف، كما أن الجهوزية العالية التي مافتئت إسرائيل تتحدث عنها لم تترجم علي أرض الواقع بدليل هذه العملية الناجحة التي طرحت تساؤلا مفاده: أين كانت المعلومات الاستخبارية للكيان الصهيوني؟!. نجح حزب الله في معركته وأنجز مالم ينجزه أحد بالكثير من الايمان والقليل من التجهيزات. واستطاع أن يخلق قوة ردع أربكت إسرائيل التي ظهرت في أضعف وضع لها، فالعملية تمت في وضح النهار وفي ظل استنفار إسرائيلي بالغ الوضوح ورغم ذلك سدد الحزب ضربة نوعية تشهد له بالكفاءة وتثبت أن من قامت به لابد وأن يكون قد خطط له سلفا وقدر ما قد يعقبها من ردود فعل إسرائيلية ومتحسبا لآي تداعيات سواء أكانت عسكرية أو سياسية. عملية حزب الله ضد العدو الصهيوني حقق بواسطتها الهدف. ويكفي أنها أعادت الاعتبار إلي المقاومة لاسيما وأنها تمت في مزارع شبعا المحتلة فكأنه بذلك يؤكد لبنانية هذه المزارع. العملية تدل علي قدرات حزب الله، وتحمل الكثير من الدلالات التي ستنعكس بالسلب حتما علي الجيش الإسرائيلي ومعنوياته وتؤدي إلي إرباك كبير لسلطة العدو. ظهر الحق وزهق الباطل. ولاشك أن استهداف إسرائيل في مقتل من شأنه أن يعطي جرعة حياة للأمة العربية ويبعث برسالة إلي العدو الإسرائيلي مفادها أن موازين القوي ليست حكرا عليه، وأن توسيع دائرة المجابهة ستكون ضده وفي صالح المقاومة بعد أن باتت المعادلة بيدها وليست بيد العدو..