الشرعيه الدستوريه هي تلك الموافقه الصادره للحاكم من الشعب علي الحقوق والصلاحيات الوارده بالعهد او الميثاق المسمي " بالدستور" , وعلي ذلك فأن " الدستور" هو ذلك الاتفاق أو الشريعة بين الحاكم و الشعب يتحدد بموجبه اختصاصات وصلاحيات رئيس الدولة والجهاز التنفيذي للدوله بما لا يهدر كرامة المواطن صاحب الحق الأصيل في هذا الوطن , فالدستور مكون من قواعد مجرده لا يقبلا تفسيرا أو تؤيلا لأنه يوضع بعناية شديده معبرا عن إرادة الشعب , وعلي هذا " فالدستور" مستمد شرعيته من إرادة الشعب , ونظرا لامتداده شرعيته من الشعب , فأن الشعب وحده هو صاحب الحق الاصيل في تغييره او تعديله , فيقوم الشعب بتغيره عندما يري انه أصبح غير مناسبا له , فيتم - من خلال خطوات محدده بالدستور - بتغيير الدستور أو تعديله بما يتناسب مع المطالب الوطنية بما يحفظ حقوق الشعب. ويتولي الحاكم تسيير امور الشعب بناءا علي العهد او الميثاق ويستمد شرعية الحكم من خلال ما يسمي "بالشرعيه الدستوريه " , فاذا ما استأثر الحاكم بالسلطه وخرج علي احكام العهد الذي بينه وبين الشعب باي شكل من الاشكال , فأن الشعب يلزمه ثوره يقوم بها في وجه الحاكم المتملص من العهد , فالثورة هي قيام فئات من كل اواغلب طوائف الشعب بالاعتراض علي النظام السائد ومحاولة تغير الاتفاق بين الامه 'التي هي مصدر السلطة ' والحاكم الموكل اليه تسيير امور الشعب بموجب الدستور, وفي هذه الحاله تسقط الشرعيه الدستوريه نتيجه لخروج الحاكم واتباعه عن احكام الدستور باللالتفاف عليها او تعطيلها اوالغائها من حياة الشعب , وفي هذه الحاله يكون من العبث الكلام او الدعوه للالتزام بالشرعيه الدستوريه الغير متحققه علي ارض الواقع . حينئذ تظهر ما يعرف بالشرعية الثورية وهي تلك الموافقه الجماعيه من الشعب باقصاء الحاكم وتغيير وجه الحياه , وهذه الشرعيه الثوريه هي التي تستمد من الشعب عندما يثور علي الوضع القائم وذلك لإهدار الحاكم السلطة المخولة له بموجب الدستور و يتحكم بمقدرات الشعب , ويهدر الشرعية الدستورية , وعلي ذلك وبموجب هذه الثورة يصبح العهد الذي بين الحكومة والشعب باطل , الأمر الذي بموجبه يسقط النظام الحاكم والدستور ويكون الحل هو تنحي الحاكم والحكومة القائمة وتشكيل حكومة جديدة تمثل كل أطياف وفئات الشعب ويتم الدعوه إلي انعقاد لجنه لصياغة دستور جديد , وتبدأ من هنا شرعيه دستوريه جديده وهنا تتنحي من الواقع الشرعيه الثوريه , ويعاد انتخاب اعضاء برلمان جديد علي أساس الشرعية الدستورية الجديدة وكذا يتم انتخاب رئيس جديد . وفي ظل الشرعيه الدستوريه يصبح الحاكم ومعاونيه " قياده شرعيه " , وهذه القيادة الشرعية ملزمة ان تتولي أمور السلطة لتصبح السلطة شرعية , فالسلطة لا تضفي الشرعية علي القياده , وانما تكتسب القيادة شرعيتها من ذلك العهد الذي بينها وبين الشعب ، والذي يتعدي مجرد امتلاكها لمقاليد السلطة ، بل يتعداها الي الثقة في تلك القيادة ، انها هي المسؤلة عن إدارة السلطة ، والتي يجب ان يكون من أدواتها استخدام القوة ، ولكن بموجب الالتزام القانوني مع الشعب ، وتماشيا مع المعاييرالقانونيه الصحيحه وطبقا للأعراف السائدة , وعلي ذلك فأن القيادة الشرعية يجب ان تحوز علي ثقة الشعب ، وهذه الثقة ينشأ عنها ما يعرف بالمسؤلية القابلة للتقيم والمحاسبة عند الانحراف عن العهد المبرم بين الشعب والحاكم ومنها استعمال سلطان القوة المخول للحاكم ضد الشعب بدون الضوابط المحدده في العهد ، وكذلك عند استخدام السلطه المخوله له في اعمال لاتصب وتحيد عن المصلحه العامه ، ولا تتمشي مع الاعراف الأخلاقيه في المجتمع , والقيادة لا يقصد بها تحت اي ظرف الأفراد ، ولكنها عمليه ديناميكية لها وظيفه محدده تسعي من خلالها تحقيق الأهداف العليا للمجتمع بالوسائل القانونية المتعارف عليها . وعلي ذلك فأن اي ثوره لاتعرف سوي شرعيه واحده الا وهي " الشرعيه الثوريه " والتي لابد ان ينتج من خلال الياتها الشرعيه الدستوريه , والتي تجعل الشعب يعهد الي حاكم جديد بتسيير اموره في اطار السلطه الشرعيه .