هل من المعقول بعد أن انتصرت ثورة 25 يناير علي نظام مبارك التابع وبعد انتصار الشعب المصري علي النظام الإخواني المتطرف التابع لأمريكا وصديق اسرائيل أن تحتفل وزارة الثقافة المصرية بمنظمة صهيونيه مشبوهة هدفها تمكين إسرائيل من التطبيع مع البلاد العربية؟ هل هذا منطقي بعد انتصار الارادة الوطنية ضد التمويل والمنظمات متعددة العلاقات بالمخابرات الامريكية والموساد الصهيوني؟. الكارثة أن هذا يحدث الآن فلقد تم الإعلان عن تنظيم احتفال بمناسبة مرور 10 سنوات علي انشاء منظمة 'أنا ليندا' للشراكة المتوسطية برعاية وزير الثقافة المصرية في قاعة سيد درويش يوم الأحد القادم. الغريب أن فاروق حسني رفض تنظيم بينالي شباب البحر المتوسط الذي تدعمه أناليندا في الاسكندرية عام 2007 لأن المنظمة أصرت علي اشتراك اسرائيل وانسحبت المنظمة بالبينالي ونظمته في بلد آخر. ولكن ماهي حكاية 'أنا ليندا' وما هو دور هذه المنظمة المشبوهة؟ قصة 'أنا ليندا' غريبة بعض الشيء ف'أنا ليندا' هو اسم سيدة محترمة ونزيهة كانت تعمل وزيرة لخارجية السويد في الفترة من 1998 حتي 2003 وكانت هذه السيدة المحترمة تناهض العنصرية والعدوان واحتجت علي الغزو الامريكي للعراق وانتقدت بشدة المجازر التي ترتكبها حكومة شارون ضد الفلسطينيين. ونظمت حملات للمطالبة بانهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وفي 11 سبتمبر 2003 قام متطرف صربي بطعنها عده طعنات بدون أي مبرر مما أشار بأصابع الاتهام الي الموساد الصهيوني الذي أراد التخلص منها وفي عام 2004 تكونت منظمة بعد اتفاقيتي أوسلو ومدريد تدعو لثقافه السلام في حوض البحر المتوسط هدفها دمج اسرائيل في دول المنطقة في إطار مبادرة ما سمي بالشراكة المتوسطية والتفاهم بين الثقافات وحملت المنظمة اسم السيدة الجليلة 'أنا ليندا' تخليدا لذكراها. وللأسف كان الهدف هو التنكيل بذكري هذه السيدة النبيلة إذ أصبحت هذه المنظمة الباب الخلفي للتطبيع في مجالات الفكر والثقافة والعلوم وهو الملف الأهم عند إسرائيل التي فشلت في تحقيقه عبر اتفاقيات التطبيع مع مصر والأردن. فدخلت اسرائيل من شباك 'أنا ليندا' وبقوة الاتحاد الاوربي لتطبِّع مع المثقفين العرب المخيف في الأمر هو علاقة هذه المنظمة بما يسمي بمؤسسات المجتمع المدني في مصر وفلسطين وتونس ولبنان وتمويل أنشطتها ومن بينها منظمات حقوقية وثقافية تنظم لهم منتديات وأنشطة ثقافيه خارج مصر يشارك فيها إسرائيليون وتنظيم دورات تدريبية في مختلف عواصم المتوسط لشباب الفنانين والكتاب العرب علي برنامج 'ثقافة السلام' يشارك فيها إسرائيليون أيضا وتربية جيل جديد يؤمن بالحوار مع' الآخر'.. وهو المصطلح الذي ساد أيام مبارك بدلا من مصطلح 'العدو'.. عند الحديث عن إسرائيل الطريف ان كثيرا من المثقفين والفنانين المستقلين في أوربا 'فرنسا وإيطاليا والمانيا بالتحديد' لا يتعاملون مع هذه المنظمة لأنهم يعلمون أنها منظمه ذات توجهات سياسية وغير بريئة.. والغريب أيضا أن هذه المنظمة كانت تحشد كوادرها في باريس في الحملة المناهضة لترشيح فاروق حسني لليونسكو وساعدوا اللوبي الصهيوني في حملته ضد الوزير السابق الذي مهما اختلفنا حوله ومعه.. فلقد كان مناهضا للنشاط الصهيوني وضد التطبيع أو التعامل مع أي منظمه أوربية تدعوا للشراكة مع إسرائيل. ولقد أقامت المنظمة العديد من المؤتمرات والملتقيات الفنية والأدبية منها مؤتمر شعري حضره الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، والشاعرة الاماراتية وفوجئا بوجود شعراء إسرائيليين في أمسياتهم فانسحبوا من المهرجان احتجاجا علي فرض التطبيع عليهما وهو موقف شهير للاثنين. كما فرضت 'أنا ليندا' علي أتيليه الإسكندرية وقطاع الفنون التشكيلية إشراك إسرائيل في بينالي شباب المتوسط الذي أشرت إليه في البداية وكان مقررًا أن يعقد في الاسكندرية ورفض الأتيليه ورفض الراحل محسن شعلان الذي كان ممثلا لوزارة الثقافة في اللحنة التحضيرية بعد التشاور مع فاروق حسني.. وإزاء هذا الرفض سحبت 'أنا ليندا' البينالي من مصر وعقدته في مالطا. والمعروف أن بينالي شباب المتوسط تم تنظيمه أساسا لمنافسة بينالي الإسكندرية الذي تنظمه مصر الرافض لمشاركة إسرائيل منذ إنشائه في عام 1955. المنظمة تدعم العديد من المؤسسات المسرحية والفنية والحقوقية في مصر وتغدق عليها من أموالها بهدف إدماج اسرائيل في المنطقة ولقد شارك باحثون إسرائيليون في الانشطة التي نظمتها 'أنا ليندا' في مكتبة الإسكندرية ولقد فضحت الصحف المستقلة هذا في حينه وحاولت إدارة المكتبة أن تنفي دون جدي فالهدف المعروف.. والمعلن لهذه المنظمة إدماج إسرائيل وهي لا تخفي ذلك وأي معترض لا يلقي دعمها وأغلب المؤسسات الأوربية المحترمة والعريقة لا تتعامل معها إطلاقا وسمعتها الدولية يشوبها الكثير من عدم الاحترام. فلماذا رغم ذلك كله تحتفل وزارة الثقافة المصرية بعيد 'أنا ليندا' العاشر وفي قاعة سيد درويش الذي وهب عمره وموسيقاه للوطنية المصرية والتحرر وكيف يحدث ذلك بعد ثورة 30 يونيو التي استردت الكرامة الوطنية وانهت عهد التبعية للغرب وأمريكا.. المطلوب هو إيقاف هذه الكارثة فورا والمطلوب من المثقفين الوطنين الاحتشاد لمنع هذا العبث.