حذر فيصل بن عبد الرحمن بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، من مخاطر تنامي الحركات المتطرفة ومن قابليتها إلي الانتشار في العالم عبر اتجاهات متعددة لدعم الكراهية والإرهاب. وشدد علي ضرورة معرفة المسببات والبيئات الحاضنة لنموها مثل تغييب العدالة في معالجة القضايا العالمية والحرمان الاقتصادي والفقر ومشاكل وضعف بعض الأنظمة التعليمية المفتقرة للتفكير النقدي وإعلاء قيمة الحوار الذي يمنع تحول المطالبة السلمية بالحقوق إلي غضب أو كراهية تقود إلي نزاعات مسلحة علي غرار ما حدث خلال الحرب العالمية الأولي والتي لا يزال العالم يعاني من آثارها إلي اليوم. جاء ذلك في كلمته أمام مؤتمر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات الذي انعقد بمناسبة مرور 100 عام علي الحرب العالمية الأولي بمدينة أنتويرب في بلجيكا ضمن حلقة نقاشية تحت عنوان : ' المسلمون والمسيحيون.. معا من أجل السلام '. وقال معمر إن الحماس الديني غير المنظم تحول إلي تعصب وتطرف خطيرين أصبحا سببا في تكوين العديد من جماعات الإرهاب التي نراها اليوم ناشطة في أكثر من بلد يمارسون سرقة الهويات الدينية لتبرير العنف المسلح، موضحا أن استغلال الدين لتبرير النزاعات جريمة نكراء تتعارض مع تعاليم الدين والقيم الإنسانية. وأكد أن ثقافة الحوار يمكنها بناء السلام ومساعدة المجتمعات علي التصدي لدعاوي الكراهية الدينية والسياسات المتطرفة، مشيرا إلي الصدمة التي شعر بها العالم خلال الشهور الأربعة الأخيرة إزاء العنف الذي ارتكبه مجرمون برروا بلا خجل ارتكاب فظائع يندي لها الجبين تحت عباءة الدين والدين منها براء، وهو ما يجعل الحاجة ماسة إلي حوار منسق وفاعل لمد الجسور بين المسلمين والمسيحيين أكثر من أي وقت مضي للتصدي لمثل هذه الأفعال الإجرامية ولتعزيز المشتركات الإنسانية بينهم. وقال بن معمر إن لقاءاته التي عقدها مؤخرا مع كثير من القيادات الدينية في دول كثيرة، والتي ناقش خلالها سبل مواجهة العنف المستمر، وحظيت بتشجيع أمين عام الأممالمتحدة، تمخضت عن رسالة واحدة مشتركة مفادها: إن الأديان بما تنطوي عليه من قيم إنسانية لا يمكن أن تكون مبررا للصراعات بين البشر. وأكد أن خطاب السلام والوئام بين المسلمين والمسيحيين اليوم أقوي بكثير مما كان عليه إبان اندلاع الحرب العالمية الأولي، إلا أن الحاجة إلي هذا الخطاب أكثر إلحاحا من أي وقت مضي في ظل ما ترتكبه جماعات العنف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وعلي الأخص في العراق وسوريا من جرائم بشعة ضد المواطنين المسلمين والمسيحيين والأقليات، لافتا إلي أن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والإخفاق في التوصل إلي حل عادل من أهم العوامل المؤدية إلي تصاعد التوتر في المنطقة. ولفت بن معمر إلي تعاون مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات مع عدد كبير من المنظمات الإسلامية و المسيحية لوضع وتطبيق حلول لصنع السلام، مثل مجلس الكنائس العالمي، ومنظمة التعاون الإسلامي، والحركة الكشفية العالمية، والآيسسكو، ومجتمع سانت إيجيديو، موضحا أن المركز أطلق في شهر يونيو الماضي جهودا لتدعيم البنية الأساسية للحوار في العالم العربي، كما يستعد للدعوة لمشاورات شاملة لمناقشة سبل تدعيم التلاحم الاجتماعي وفهم المواطنة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية وتعزيز قدرات أكثر من 20 منظمة في هذه الدول للنهوض بالتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين. وأعلن أن المركز بصدد عقد لقاء في شهر أكتوبر المقبل يجمع قيادات المسلمين والمسيحيين لإعلان موقف واضح لشجب كل أشكال العنف التي ترتكب باسم الدين.