وقفنا جميعا للسلام الوطني.. تحية وإجلالا..في احتفال نظمته محافظة حلوان مساء الثلاثاء الماضي.. المناسبة جليلة.. والحضور يتقدمهم محافظ حلوان 'قدري أبوحسين'.. يحيون ذكري نصر أكتوبر العظيم.. ليذكروا الأجيال أن جيشنا العظيم وقواتنا البطلة سطرت أروع الملاحم في ذلك اليوم المشهود والمحفور في قلوب كل المصريين 'يوم السادس من اكتوبر للعام 1973'. علي يمين المنصة الرئيسية للضيوف.. وفي أرض الاحتفال كان نحو خمسين من الشباب والطلاب يرتدون زيا موحدا ويحملون الرايات.. قلت في قرارة نفسي وأنا أجلس في الصفوف الأولي إن غرس الانتماء في الشباب في مثل هذه المناسبات يبقي ذكري النصر متوهجة تتوارثها الأجيال.. قبل لحظات من بدء وقائع الاحتفال راح معاونو وزير الدولة للإنتاج الحربي 'سيد مشعل' يتجولون في موقع الاحتفال.. مطالبين الجميع بالالتزام بأماكنهم لأن السيد الوزير قد اوشك علي دخول الحفل.. فيما راح البعض منهم يتوجه للمشرفين علي الطلاب والشباب الواقفين علي يمين المنصة في أرض الاحتفال.. وكأنهم يحددون لهم ما الذي سيفعلونه عند دخول الوزير. لحظات ودخل إلي المنصة السيد 'قدري أبوحسين' محافظ حلوان ومن حوله بعض كبار الضيوف.. يتقدمهم 'حسين مجاور' رئيس الاتحاد العام لعمال مصر.. أخذوا أماكنهم.. يحيطهم بعض كبار ضباط القوات المسلحة.. الذين جاءوا ليشاركوا محافظة حلوان الاحتفال بذكري النصر.. وفجأة سطع نور الكاميرات التليفزيونية وهو يضيئ وجه الدكتو 'سيد مشعل' والذي آثر الدخول وحده إلي الحفل.. متصدرا المشهد.. بعد أن لفت أنظار الحاضرين من خلال التفاف معاونيه من حوله.. كما يحدث في موكب الرؤساء.. فجأة ارتفعت صيحات الشباب والطلاب الذين جيء بهم ليؤدوا الدور المرسوم لهم.. كنت أتوقع.. أنا ومن يجلسون بجواري أن الشباب والطلاب سوف يشيدون بذكري النصر.. ويهتفون ليوم العبور العظيم.. ويتغنون بأحلي اسم في الوجود 'مصر'.. غير أن ماحدث.. وأذهل الجميع.. أن الشباب والطلاب 'الملقنين' سلفا.. راحوا يتغنون باسم آخر غير اسم 'مصر' ليستبدلوه في تلك المناسبة الجليلة بإسم 'مشعل'.. والمؤسف أنهم راحوا يغنون اسم الوزير علي طريقة الهتيفة في مباريات الكرة.. ورغم أن المناسبة جليلة.. وهي الاحتفال بأكتوبر.. ورغم أن محافظة حلوان بإشراف محافظها هي التي نظمت الحفل وأشرفت عليه.. ورغم أن الصور الوحيدة المرفوعة في موقع الاحتفال هي للرئيس 'مبارك' وللسيد 'قدري أبوحسين' محافظ حلوان إلا أن من يوظفون حلوان هذه الأيام لخدمة معركتهم الانتخابية راحوا يحولون تلك المناسبة الجليلة لتكون في خدمة حملة الوزير مشعل الانتخابية في مواجهة منافسه النائب 'مصطفي بكري' وراحوا يوعزون للشباب والطلاب بالهتاف 'عاوزين مشعل.. عاوزين مشعل'. أصابت الدهشة الحاضرين.. ومابين الامتعاض الذي خيم علي الوجوه.. والضحكات المكتومة التي بدت علي الحاضرين.. انطلقت الهمهمات.. وحالة من عدم الرضا بين من رأوا فيما يحدث إخلالا بالذكري العظيمة.. وتوظيفا للاحتفال بذكري النصر.. ليكون في خدمة المعركة الانتخابية للوزير والمرشح علي مقعد حلوان 'سيد مشعل'. ماحدث في تلك المناسبة العظيمة.. يشكل إفتئاتا.. لاعلي المناسبة الجليلة وحسب.. بل وعلي محافظة حلوان 'منظمة الحفل'.. ويكشف أن معاوني الوزير قد سيطروا علي مركز شباب المعصرة الذي يديره احد اللواءات التابعين للوزير.. وراحوا يفعلون فيه مايريدون.. حتي أنهم لم يترددوا في ابتكار الألاعيب الصبيانية لمنع منافسي الوزير من المشاركة في احتفالية.. هي لكل المصريين بلا استثناء.. ولكنه الاستقواء بالنفوذ والسلطة.. ذلك الذي يمنح الوزير المرشح قدرات خارقة علي العصف بكل قواعد العملية الانتخابية.. حتي أن الوزير.. وفي خطوة تكشف حجم التحدي والخرق الفاضح لكل مايمت للعملية الانتخابية بصلة راح يرفع اللافتات المؤيدة له مصحوبة برمز 'الهلال' رغم أن باب الترشيح لم يفتح بعد.. وراح يصادر علي حق كل عائلات حلوان ورجالات الإنتاج الحربي.. معلنا في لافتاته الانتخابية أن 'جميع عائلات حلوان والعاملين بالإنتاج الحربي' يؤيدون سيادته.. بل وراح يضرب بما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات الأسبوع الماضي عرض الحائط.. فاللجنة حذرت في بيانها الذي أعلنته الأسبوع الماضي من استخدام إمكانات الدولة وشركاتها في الدعاية الانتخابية.. وأنا أدعو اللجنة الموقرة أن تبعث بمن يرصد وقائع الإنتهاك الصارخ لماحذرت منه.. فلافتات الوزير الانتخابية تحتل أسوار وجدران مصانع 54 و45و360 الحربي وغيرها.. فهل يجوز الصمت علي مثل هذه التجاوزات الصارخة. نعم يدرك الوزير وأعوانه أنهم في مأزق كبير أمام الشعبية الجارفة التي يتمتع بها نائب الشعب 'مصطفي بكري'.. وهم في سبيل الاستمرار في المقعد البرلماني يفعلون كل الأشياء.. وبلاحدود.. حتي أن زيارة رئيس الوزراء لشركات الهيئة العربية للتصنيع بحلوان صباح غد الثلاثاء تم توظيفها لدعم موقف الوزير المتهاوي.. حيث تقرر أن يزور رئيس الحكومة نادي الإنتاج الحربي بعرب غنيم في تصرف لايقصد به غير تقديم الدعم المباشر للوزير المرشح علي مستوي رئيس الحكومة وفي مواجهة النائب 'بكري' الذي كشف وقائع وتجاوزات صارخة مطالبا بمساءلة رئيس الحكومة عنها.. وهو تصرف يكشف أن الحكومة في أعلي مستوياتها تحاول إنقاذ الوزير من السقوط .. في تحد صارخ لإرادة الناس.. والناخبين الذين ملوا حكومة رفع الأسعار.. وزهقوا من رجالاتها.. الذين لايشاهدهم الناس إلا في موسم الانتخابات.. ليسلبوا إرادتهم.. ويخطفوا الكرسي.. ثم يذوبوا في الهواء.. ويبقي من المستحيل العثور عليهم.. وهو درس تعلمه أهل حلوان جيدا.. وعقدوا العزم ألايستسلموا هذه المرة لألاعيب الكبار.. والصغار علي السواء.