وعدت فأوفيت!! لم تتردد ولم تتراجع وقبلت بالمنصب ولم تتخلّ عن المسئولية رغم كل التهديدات أعدت الاعتبار إلي منصب 'الرئيس' بعد أن تمت إهانته في زمن الإخوان لم تجامل أحدا علي حساب الوطن ولم تتخل عن مسئولية القرار حتي اللحظة الأخيرة في هذا اليوم تحديدًا، أكتب رسالتي إليك أيها الانسان النبيل، لن أستطيع أن أرد لك جميلاً، ولن تسعفني الكلمات في أن أعبر عما يجيش في نفوس كثير من المصريين تجاه مواقفك وأفعالك. منذ الثالث من يوليو من العام الماضي وضعت نفسك تحت إمرة الوطن، لم تتردد، لم تخف، وقررت أن تتحمل المسئولية التي عهد بها إليك الجيش والقوي المدنية. .. كنت تدرك منذ البداية أنك تغامر بحاضرك ومستقبلك وأنك ستكون أنت وأفراد أسرتك هدفًا للإرهابيين والقتلة، لكنك قررت أن تتصدي بكل شجاعة ونبل وجسارة.. أسأل نفسي: ماذا لو رفضت تحمل المسئولية في هذا الوقت، وتحججت بأية حجة، بالقطع كان المشهد سيكون مختلفًا، وربما راح الآخرون يفسرون الأمر علي أنه بمثابة رفض لما كانوا يسمونه 'بالانقلاب' علي السلطة التي كانوا يزعمون أنها 'شرعية'!! كنت مثالاً واضحًا للانحياز لمصلحة الوطن، علي حساب مصلحة 'الذات'، بمجرد أن عرض الأمر عليك، قلت 'أنا جندي في الميدان'، وتحملت المسئولية لأكثر من أحد عشر شهرًا.. بدأوا الحرب عليك مبكرًا، قالوا انك لست سوي مجرد أداة، يقوم الجيش باستخدامها من خلف ستار، رئيس وهمي وليس صانع قرار، سخروا منك تعمدوا الاساءة إليك، لم يكونوا هم وحدهم وفقط، بل فعلها الكثيرون ممن صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الليبرالية والدولة المدنية!! لم ترد، ولم تتخذ إجراء ضد أحد، بل ظللت صامدًا في موقعك كان هاجسك فقط تنفيذ خارطة الطريق، كنت تتعجل الأمر، وترفض الانتظار.. كانت مواقفك حاسمة، وكلماتك محددة، كنت عند مستوي التحدي والمسئولية، لم تقل إنك رئيس مؤقت وتريد أن تمضي دون أن تتحمل مسئولية القرارات الصعبة، بل كان العكس هو الصحيح.. لقد شهدت المرحلة التي توليت فيها، أهم القرارات وأصعبها، اعلان حالة الطوارئ، فض الاعتصام المسلح في رابعة والنهضة، إصدار قانون التظاهر، مواجهة التحديات في الداخل والخارج.. كنت رابط الجأش، لا تهتز ولا تتراجع، رددت الاعتبار إلي منصب رئيس الجمهورية بعد أن أساء إليه من كان يحكم البلاد قبلك، وعندما كان حديثك الصحفي الأول للتليفزيون المصري، شعر أبناء الشعب أن لديهم رئيسا حقيقيا للجمهورية، كانت كلماتك وفهمك لحقائق الوضع الاقتصادي والأمني مثار إعجاب كل من شاهدك في هذا الوقت. وعندما شاركت في القمة العربية التي انعقدت في الكويت، كان خطابك مثار اعجاب الجميع، وعندما رددت علي تطاول حاكم قطر، فقد كنت نموذجا يحتذي في أدب الحوار والغيرة علي الوطن، امتلكت قلوب البسطاء، أحبك الجميع، احترموا فيك نبلك ووفاءك واخلاصك وحبك للوطن وتحملك للمسئولية بكل شجاعة وإيمان. منذ البداية كنت تقول إنك تنتظر اللحظة التي تغادر فيها القصر الرئاسي إلي منزلك وليس إلي مكان آخر، ظللت تتمسك بالديمقراطية والشوري حتي اللحظة الأخيرة، وكانت حواراتك مع قوي المجتمع المدني حول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نموذجًا يحتذي، استجبت لرغبة المشاركين، وانحزت إلي خياراتهم لم تكابر أو تعاند، بل راعيت مصلحة الوطن وانحزت إلي خيار الأغلبية من الحاضرين.. هددوا بقتلك، فلم تأبه، ألقت قوات الأمن القبض علي عناصر كادت تفجر منزلك في السادس من أكتوبر، لكنك لم تفزع، ولم تنزعج، بل كانت رسالتك للجميع واضحة، كلنا فداء لهذا الوطن.. .. أيها القاضي الجليل والانسان المحترم لقد قدمت نموذجا يحتذي وأثبت للكافة أن رجال مصر الشرفاء ليسوا بالقلة، وأن القيم والتقاليد الراسخة في الانسان المصري لا تزال بخير. لقد أعدت للمصريين ثقتهم في أشياء كثيرة بعد أن حاول من سبقك إهدارها، وتعمد الاساءة إليها، كانت إدارتك لكافة الملفات الساخنة قد تميزت بالحكمة والاخلاص والشجاعة، وكان ذلك سببًا من أسباب تجاوز مخاطر اللحظة وتحدياتها.. وبعد هذه الأيام والشهور الصعبة، آن للفارس أن يستريح، لقد أوفيت بالعهد، وحققت أهم خطوتين علي خارطة الطريق، الدستور والانتخابات الرئاسية. اليوم ونحن نبدأ هذه الانتخابات التي ستحدد مصير المرحلة القادمة، كنت أنت أيضا الأحرص علي نزاهتها، وضعت الضوابط، وفتحت الطريق أمام مشاركة حية لمراقبة ومتابعة كل ما يحفظ لهذه الانتخابات نزاهتها، وتوفير الفرص المتساوية للمرشحين الرئاسيين. أيام قليلة وتترك القصر الرئاسي إلي منزلك، لكنك حتمًا لن تترك مكانًا حفرناه لك في قلوبنا، نحن الذين أعيانا الانقسام والفوضي والمؤامرات التي حيكت ضد الوطن والشعب علي السواء. ياسيادة الرئيس، ياسيادة القاضي، ياسيادة المواطن.. عدلي منصور: إن التاريخ سوف يسطّر في صفحاته هذه الفترة بأحرف من نور، سوف يظل اسمك خالدًا كواحد من عظماء الوطن، الذين سوف نذكرهم وتذكرهم الأجيال القادمة بكل التقدير والاحترام. انزل أنزل شارك ولا تتردد.. إنها اللحظة التي ينتظرها الجميع، حاضر مصر ومستقبلها بين يديك، لا تتكاسل، فصوتك أمانة، وصوتك قادر علي أن يرسم ملامح الطريق الذي انتظرته مصر علي مدي ثلاث سنوات مضت. لقد بدأت حرب الأكاذيب، والتهديد، إنهم يريدون أن يقولوا للعالم، فقط هؤلاء هم الذين يؤيدون ما يطلقون عليه ب'الانقلاب' أما الآخرون فهم يؤيدون جماعتهم الإرهابية المقيتة. لقد حمل المشير السيسي وزملاؤه الأبطال أرواحهم علي أكفهم، انحازوا إلي ثورة الشعب في الثلاثين من يونية، رفضوا الصمت، وادخال البلاد إلي أتون حرب أهلية، لا تبقي ولا تذر، واجهوا جماعة الإرهاب والتآمر، بكل جسارة وقوة، وانتصروا لإرادة الشعب. لم يكن المشير السيسي ساعيًا إلي منصب، لم يكن له سوي مطلب واحد هو الحفاظ علي الوطن، نحن الذين استدعيناه، وكلفناه وطالبناه بالاستجابة لإرادة الشعب، ولم يكن أمامه من خيار سوي أن يلبي رغبة الجماهير، والآن حان وقت رد الجميل. انزل ياعزيزي المواطن.. ثق أنك بمشاركتك إنما تحقق الأمن والاستقرار وتدفع القائد الجديد كما قال إلي مواجهة كل التحديات والانتصار لإرادة الشعب وكرامته. إن قوة الرئيس القادم هي من التفاف الجماهير من حوله، لذلك لا يجب أن يقل عدد المشاركين كما قال 'السيسي' وكما يقول المنطق عن أربعين مليونًا من الناخبين. لقد خرجنا في الثلاثين من يونية لنسقط حكم الإرهاب والفاشية الدينية وخرجنا في الثالث من يوليو لنحتفل بانحياز الجيش وانتصار الثورة، وخرجنا في السادس والعشرين من الشهر ذاته لنفوض السيسي، وانتصرنا للدستور بنسبة لا تقل عن%98 وخرجنا في الذكري الثالثة لثورة 25 يناير لنحتفل ونطالب السيسي بالترشح، ولن يكتمل هذا العرس سوي بالمشاركة الجماعية لكل المصريين في هذه الانتخابات الرئاسية. حانت اللحظة التي انتظرناها طويلاً، واليوم حتمًا سنبدأ كتابة صفحة جديدة من صفحات التاريخ. الجنوبي الجميل من منكم لا يعرف هذا الكاتب الوطني الرائع، هذا الجنوبي الذي ينتمي إلي مدينة إسنا في جنوب الصعيد، إنه الزميل علي السيد مساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام والذي تولي مؤخرًا رئاسة تحرير الزميلة 'المصري اليوم'. علي السيد يمثل نموذجًا لهذا المهني الذي ظل ولا يزال متمسكًا بثوابته الوطنية، وقيمه الأخلاقية في الحياة وفي الصحافة. سعدت كما سعد الكثيرون من أصدقائه وقرائه بمقاتل شرس في دفاعه عن الدولة الوطنية ومؤسساتها.. يدرك تمامًا أبعاد المؤامرة ومخاطر اللحظة. سعد هجرس رحل سعد هجرس، الكاتب والمناضل الجسور.. إنه صاحب المواقف التي لا تلين، لا يعرف التوازنات ولا المواءمات التي تخل بمبادئه وثوابته. عاش ممسكًا بالقلم، وكأنه السيف، لم يزايد علي أحد، كان عف اللسان، وصديقا لكل زملائه من الشرفاء، كان ينتقد، لكنه أبدًا لم يكن يتجاوز. منذ شهور قليلة سافرنا سويًا إلي مهرجان الجنادرية في الرياض، كان المرض قد زحف إلي جسده، لكنه كان يقاوم ويرفض الاستسلام. قبيل أن نغادر الرياض قال لي: تعال معي، أريد أن اشتري ملابس لأحفادي من أحد 'المولات'، مضينا، بدأنا نتجول، كان يقاوم بصعوبة، لكنه كان مصرًا أن يشتري لهم ظل يحدثني عن الأحفاد وجمالهم، وكيف يعيش أحلي لحظات عمرهبينهم. حدثني عن حفيده الأصغر، الذي عندما رآه يمسك بالعصا التي يتوكأ عليها قال له 'إيه يا جدو، أنت خلاص بقيت عجوز'. لم يكن يدري شيئًا عن المرض اللعين، كان سعد يحكي لي، وكانت عيناه قد اغرورقتا بالدموع، وكأنه يحدثني عن لحظة الوداع. وداخل طائرة العودة، كنت أشعر بأن الرجل يمر بلحظات صعبة، لكنه كعادته كان دومًا شجاعًا ونبيلاً، يكتم آلامه، ويحدثك عن الوطن الذي يعاني، ويزف إليك 'الأمل' القادم من بعيد. رحل سعد هجرس دون أن يري اللحظة، لكن كتاباته ومواقفه الوطنية الشريفة حتمًا ستبقي نبراسًا لأبناء المهنة التي أحبها وعاش لأجلها!!