رمزية الطيور غير الجارحة في التراث الفني المسيحي    أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    شرطة الاحتلال: إغلاق 4 طرق رئيسية بسبب إضراب واسع في إسرائيل    إخماد حريق شب في شقة بعقار مكون من 13 طابقا بعرب المعادي    صناديق «الشيوخ» تعيد ترتيب الكراسى    إصلاح الإعلام    الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس    ترتيب الدوري الاسباني الممتاز قبل مباريات اليوم    البوصلة    محافظ أسيوط يتابع الحالة الصحية لمصابي حادث انقلاب أتوبيس على الطريق الصحراوي الغربي    قرن من الخيانة    جمعية الكاريكاتير تُكرّم الفنان سامى أمين    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ينعي مدير التصوير تيمور تيمور    "بشكركم إنكم كنتم سبب في النجاح".. حمزة نمرة يوجه رسالة لجمهوره    وفاة شاب صعقا بالكهرباء داخل منزله بالأقصر    طلاب الثانوية العامة يبدأون امتحان مادة اللغة الثانية    أسعار الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    انفجاران عنيفان يهزان صنعاء إثر قصف إسرائيلي استهدف محطة كهرباء    الشرع: من يطالب بتقسيم سوريا جاهل سياسي وحالم    الأرصاد تحذر من سقوط أمطار على هذه المدن    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    القافلة السادسة عشرة.. شاحنات المساعدات تتدفق من مصر إلى قطاع غزة    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    اليوم، البورصة المصرية تطلق رسميا أول تطبيق لها على الهواتف المحمولة    مصرع شخصين وإصابة 30 آخرين فى انقلاب أتوبيس نقل على الطريق الصحراوى بأسيوط    خالد الغندور يكشف ردًا مفاجئًا من ناصر ماهر بشأن مركزه في الزمالك    حياة كريمة.. 4 آبار مياه شرب تقضى على ضعفها بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    السيسي يوجه بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم في مصر الأحد 17 أغسطس 2025 بعد خسارة 1.7% عالميًا    مشيرة إسماعيل تكشف كواليس تعاونها مع عادل إمام: «فنان ملتزم جدًا في عمله»    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    تدق ناقوس الخطر، دراسة تكشف تأثير تناول الباراسيتامول أثناء الحمل على الخلايا العصبية للأطفال    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    «مش عايز حب جمهور الزمالك».. تعليق مثير من مدرب الأهلي السابق بشأن سب الجماهير ل زيزو    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تعادل الزمالك والمقاولون العرب؟ (كوميك)    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    وزيرا خارجية روسيا وتركيا يبحثان هاتفيا نتائج القمة الروسية الأمريكية في ألاسكا    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'بين الثورة والانقلاب'
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 19 - 05 - 2014


البرادعي يدعو إلي تدخل الجيش ثم ينقلب عليه
واشنطن تبدي قلقها من ممارسات الإخوان وترفض الثورة عليهم
في مارس 2013 توقع 'كيسنجو' حتمية الصراع بين الجيش والإخوان وتصفية الحسابات بين الطرفين
كيف استطاع الجيش التصدي لمحاولات الإخوان إجهاض ثورة 30 يونية
كانت الأوضاع تزداد تدهورًا في البلاد، أصبحت مصر علي شفا فوضي عارمة، وكان الإخوان يعملون علي نشر الانقسام بين المواطنين ويبثون الفتن داخل مؤسسات الدولة ويسعون إلي أخونتها، مما دعا الكثيرين إلي المطالبة بانقاذ البلاد قبل سقوطها.
في شهر فبراير 2013 دعا د.محمد البرادعي إلي تدخل الجيش لانقاذ ما يمكن إنقاذه وقال في حديث صحفي: 'إن تدخل الجيش سيكون القرار الصحيح لتحقيق الاستقرار حتي يمكن استئناف العملية السياسية، وإن الواجب الوطني يحتم عليه التدخل إذا كانت مصر علي شفا التراجع'.
لقد علقت مجلة 'الفورين بوليسي' الأمريكية علي تصريحات البرادعي برؤية تضمنت العديد من النقاط التي تؤكد أن ممارسات الرئيس مرسي وجماعته التي أدت إلي الانقسام في المجتمع وتردي الأحوال الاقتصادية وانهيار الأوضاع المجتمعية سوف تؤدي حتمًا إلي تدخل الجيش لانقاذ البلاد.
ورأت 'الفورين بوليسي' أنه في حال تدخل الجيش فإن الإخوان سيقاومون قليلاً، لكنهم سيمتثلون سريعًا كي يضمنوا لأنفسهم مستقبلاً سياسيًا.
وقالت المجلة الأمريكية 'إن الإخوان إذا رفضوا تدخل الجيش وقاتلوه، فالجيش لن يتركهم وسوف يعودون إلي العمل تحت الأرض لتنتهي بذلك التجربة السيئة للإسلام السياسي في حكم مصر للأبد'.
وأكدت 'الفورن بوليسي' أن الجيش المصري سيكون قد تعلم من أخطاء المجلس العسكري السابق التي وقعت في عهد المشير طنطاوي وسيمهد الساحة لإصدار دستور جديد وانتخابات رئاسية جديدة قبل أن يغادر المشهد.
وتوقعت 'الفورين بوليسي' أن يعارض المجتمع الدولي تحرك الجيش المصري، إلا أن رد الفعل سيكون مثل 'صياح الديكة' ثم سرعان ما سيعود المجتمع الدولي إلي علاقاته الطبيعية مع مصر.
كان الرأي العام الدولي في هذا الوقت قد بدأ يضج من مواقف الإخوان، وربما لهذا السبب جاء تصريح 'مارتن ديميسي' رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة في الأسبوع الأول من أبريل 2013 والذي أكد فيه 'إن الجيش المصري يحمي الديمقراطية ويعد عامل استقرار للبلاد، وعلينا التصرف بذكاء واستمرار دعمه'.
وفي 4 مارس 2013 قدم أعضاء الكونجرس الأمريكي مشروع قانون جديد للرئيس الأمريكي باراك أوباما يطالب الإدارة الأمريكية بعدم ارسال أسلحة ومعونات عسكرية إلي مصر، إلا بعد الزام الجيش المصري بعدم استخدامها في مواجهة المتظاهرين.
وكان المشروع الذي حمل رقم '87' يضع شروطًا معينة للموافقة علي استئناف ارسال الشحنات العسكرية إلي الجيش المصري، ومنها اعتماد الرئيس الأمريكي 'أن مصر دولة مستقرة سياسيًا وإلزامها بإنهاء استخدام الأسلحة ضد الشعب المصري، والتأكيد أن مصر لاتزال شريكًا وحليفًا استراتيجيًا لأمريكا، مع التشديد مجددًا علي احترامها الكامل للاتفاقات الموقعة مع إسرائيل'!!
وطالب أعضاء الكونجرس في هذا الوقت الإدارة الأمريكية بتعليق شحن الطائرات الأمريكية الجديدة 'إف 16' ودبابات 'إم 1' وجميع المعدات العسكرية التي جري الاتفاق مع مصر علي ارسالها في أوقات سابقة.
وقد علقت صحيفة 'الواشنطن بوست' الأمريكية علي هذا المشروع المقدم للكونجرس بالقول 'إن مشرِّعي القوانين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء عدم الاستقرار السياسي في مصر، والذي يأتي بالتزامن مع أزمة الميزانية الأمريكية، مما دفع أعضاء الكونجرس إلي القول 'إن سياسة تقديم المساعدات الأمريكية إلي مصر والبالغة سنويًا 1.3 مليار دولار تحتاج إلي مراجعة بالجملة'.
في هذا الوقت وأمام حالة التدهور والانقسام الذي عاشته البلاد كتب 'دانييل نيزمان' مسئول الشرق الأوسط في مؤسسة 'ماكس سيكيورتي' الاستخباراتية الأمريكية مقالاً في صحيفة 'وول ستريت جورنال' خلال شهر مارس 2013، رسم فيه ملامح وتوقعات المرحلة المقبلة بقولة 'إن تحدي قادة المجلس العسكري ربما يمهد لعودة مصر إلي الحكم العسكري'.
وقال المحلل الأمريكي: 'إن شائعات تعاطف السيسي مع الإخوان هي أمر غير منطقي، فأولي خطوات السيسي الناجحة كانت عبارة عن تراجع تكتيكي وانسحاب للجيش من السياسة، وسعيه لاسترداد الهيبة التي فقدها أثناء الفترة الانتقالية، انتظارًا لانهيار شعبية الإخوان، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتي دفع مرسي البلاد إلي حافة الاضطرابات!!.
كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد عاد إلي واشنطن بانطباع يعكس حالة القلق التي شاهدها في مصر خلال زيارته الأخيرة، وتحدث أمام الكونجرس عن خطر إفلاس الدولة بما يفتح الطريق أمام ثورة الجياع التي قد تطيح بالجميع، لذلك راح يناقش الخيار الثالث والذي يضمن الخروج الآمن من الأزمة بتنازلات مشتركة من الجانبين، السلطة والمعارضة!!
كان مرسي قد بدأ في هذا الوقت خطة للسيطرة علي المخابرات العامة، تحت زعم تطهير الجهاز، خاصة أنه صرح لرئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي أن جهاز المخابرات العامة لديه 300 ألف بلطجي، كانوا وراء ما شهدته مصر من أحداث، وأنه حان الوقت لإبعاد المتورطين من ضباط الجهاز في تشكيل هذا التنظيم.
لم تكن هناك أية أدلة يمتلكها مرسي أو جماعته، لكنها كانت خطة تستهدف ضرب مؤسسات ما كان يسميه ب'الدولة العميقة'.
في هذا الوقت حذر الجيش من خطورة هذا المخطط، ورفض أية محاولة اختراق هذا الجهاز، أو الاستيلاء علي وثائقه المتعلقة بالأمن القومي للبلاد، وأحبط 'السيسي' خطة خيرت الشاطر التي كان محددًا لتنفيذها شهر أبريل 2013، وكان الاتجاه هو أن يصدر قرار رئاسي بتولي عصام العريان مسئولية هذا الجهاز.
كان مكتب الإرشاد قد اتخذ قرارًا لا رجعة فيه يقضي بإبعاد السيسي وصدقي صبحي وبعض القادة العسكريين في ضربة واحدة، لكن الجماعة كانت تنتظر الوقت المناسب للتنفيذ.
عادوا مجددًا إلي سيناريو الاستفزاز، طلبوا من د.محيي الدين الزايط عضو مجلس شوري الجماعة أن يبدأ المخطط الجديد، ألقي قصيدة حوت هجومًا بذيئًا علي السيسي وعلي الجيش في احتفال تكريم المرأة المثالية بمقر حزب الحرية والعدالة بشرق القاهرة في شهر أبريل 2013، وضمن ما قاله 'إن جيشنا عزيز.. بس عايز قيادة' ناهيك عن البذاءات التي وصفت القائد العام ب'الفأر'!!
لم يكن الصمت واردًا أمام هذه البذاءات وحملات التحريض، وفي هذه المرة جاء رد القوات المسلحة عنيفًا.
لقد صرح مصدر عسكري مسئول بالقول 'إن الإخوان ينتهجون مخططًا منظمًا للهجوم علي الجيش وقياداته لهز ثقة الشعب فيه وفي قياداته، في الوقت الذي تتراجع فيه شعبيتهم في الشارع، وتكثر المطالب بعودة القوات المسلحة بوصفها البديل لحكم الإخوان، ويستمر تحرير التوكيلات للفريق السيسي لإدارة شئون البلاد'.
وقال المصدر العسكري 'إن الإخوان هم الفئران لأنهم اعتادوا العمل في الظلام وتحت الأرض، وأن تاريخهم مملوء بالدم وقتل الأبرياء من المصريين، في الوقت الذي كان فيه الجيش، ومازال، مدافعًا عن تراب مصر في وقت السلم والحرب وحاميًا للشعب وأمنة القومي'.
وحذر المصدر العسكري جماعة الإخوان 'إن لم يتخذوا موقفًا جادًا فإنهم سيرون الوجه الآخر لغضب الجيش'، وقال 'إن أبناء المؤسسة العسكرية لا يقبلون التطاول علي قادتهم السابقين والحاليين، وأن أي محاولة لأخونة الجيش سيكون ومصيرها الفشل'.
وقال المسئول العسكري 'صبرنا لن يطول، وردنا سيكون قاسيًا استنادًا إلي القانون العسكري'، وقال 'لدينا معلومات تؤكد أن هدف حرب الشائعات والتطاول هو هز استقرار المؤسسة العسكرية'، وأشار إلي 'أن التطاول علي المؤسسة وقيادتها بدأ منذ فترة لاسقاطها، وأن الفريق السيسي هو، خير خلف لخير سلف، ويعمل بتجرد ووطنية، ولن تفلح محاولات تحريض أبناء الجيش علي قيادتهم، فالجميع يد واحدة في مواجهة كل هذه المخططات'.
وأمام استمرار محاولات التحريض التي كانت تقوم بها جماعة الإخوان ضد الجيش أدلي مصدر عسكري بتصريح خاص لصحيفة المصري اليوم في 6 أبريل 2013 أكد فيه صراحة 'أن جماعة الإخوان المسلمين تدير حملة عبر صفحات ومواقع آليكترونية للنيل من الجيش لأنه المؤسة الوحيدة القادرة علي حماية الشعب'.
وقال المصدر العسكري مجددًا 'إن الجيش لن يقبل الأخونة أو إقالة الفريق السيسي، وأن المؤسسة العسكرية لن تقبل بتكرار سيناريو المشير طنطاوي والفريق سامي عنان مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي'.
سادت حالة من الغليان داخل أوساط الجيش المصري، مما دعا مكتب إرشاد جماعة الإخوان إلي عقد اجتماع في 6 أبريل 2013 أصدر في أعقابه بيانًا حاول فيه التنصل من المؤامرة التي كانت الجماعة تحيكها ضد قيادة الجيش.
لقد اتهمت الجماعة في بيانها 'بعض الصحف والجهات بمحاولة الوقيعة بين الجيش والجماعة من أجل اسقاط النظام بإثارة الفتنة والعنف والتخريب، وراحت تدعي ثقتها في المؤسسة العسكري وحرصها علي مستقبل مصر الثورة وعدم انصياعها لما وصفه البيان ب'الإسفاف'.
وقال البيان 'إن ما نشرته الصحف حول وجود خطة من الإخوان بالتعاون مع الحكومة الأمريكية لإقالة الفريق أول عبد الفتاح السيسي يهدف إلي الإساءة للجماعة ومحاولة تشويه تاريخها'.
كانت المؤسسة العسكرية تدرك أن نفي الإخوان هو محاولة للقفز علي حقائق الواقع التي يعلمها الجميع، خاصة أن الصراع انتقل إلي العلن وأصبح يعلم به القاصي والداني.
في هذا الوقت قال هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق أمام المؤتمر السنوي لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الذي عقد في نيويورك في 11 مارس 2013 أشار فيه إلي حتمية الصراع بين الجيش والإخوان وتوقع أن يصل الصراع إلي مواجهة حتمية وتصفية حسابات بين الطرفين.
لم ينتظر الإخوان طويلاً، سعوا إلي تأليب الرأي العام العالمي ضد الجيش المصري، تعمدوا الإساءة إلي صورته، وأثبتوا خيانتهم مجددًا.
لقد اتفق مرسي مع مدير مكتبه أحمد عبد العاطي بتسريب الجزء الخاص بالجيش المصري في تقرير 'لجنة تقصي الحقائق' التي شكلها إلي قطر لنشره في صحيفة الجارديان.
كان التقرير قد تضمن خمس عشرة صفحة تتضمن مزاعم عن انتهاكات ارتكبها الجيش، عمليات قتل مزعومة وتعذيب قام به خلال الفترة الانتقالية ضد المتظاهرين السلميين.
كان التقرير فقط في حوذة رئيس الجمهورية والنائب العام وأيضًا رئيس لجنة تقصي الحقائق، وقد قام مكتب الرئيس بتسليمه إلي قطر التي طلبت من الجارديان نشره بما يُسيء إلي الجيش المصري وصورته أمام الرأي العام الدولي.
كان الهدف هو تدويل القضية، وارباك قادة المؤسسة العسكرية وصولاً إلي عزلهم ومحاكمتهم، وتحريض المجتمع الدولي علي اتخاذ إجراءات عقابية ضد الجيش المصري.
وفي يوم الخميس 11 أبريل، وجه السيسي الدعوة إلي الرئيس محمد مرسي لحضور اجتماع مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي كان في حالة غضب شديد وعندما جاء مرسي إلي اجتماع المجلس كانت قضية تسريب التقرير الكاذب والخاص بالجيش إلي صحيفة الجارديان من أهم الموضوعات التي طرحت علي الاجتماع.
لقد حاول مرسي التنصل من هذه الخيانة وزعم أنه لا يعرف عنها شيئًا، وهو ما دفع المشير السيسي إلي أن يعلن في المؤتمر الذي عقد بحضور الرئيس وأعضاء المجلس بعد نهاية الاجتماع إلي تكذيب هذه الادعاءات.
لقد نفي السيسي أن تكون القوات المسلحة قد قتلت أو أمرت بقتل مصريين إبان ثورة 25 يناير، وقال 'أقسم بالله إن القوات المسلحة من أول يوم 25 يناير وحتي الآن لم تقتل أو تأمر بقتل، ولم تخن أو تأمر بخيانة، ولم تغدر أو تأمر بغدر'.
لقد كرر الفريق أول السيسي ذات المعاني خلال الحفل الذي أقامته جامعة المستقبل بالاشتراك مع الشئون المعنوية في ذكري الاحتفال بتحرير سيناء يوم الأحد 28 أبريل 2013 حيث قال 'لما جيش مصر نزل حماكم، يده لم تمتد، خلوا بالكم من هذا الكلام جيدًا، تقطع أيدينا قبل أن تمسكم'.
وقال: 'منذ 3 أسابيع أقسمت قسمًا ياريت كلكم تكونوا سمعتوه، أنا قلته علشان كل مصري قاعد في بيته يكون مطمئن رغم كل الشوشرة المقصودة'.
وقال السيسي: 'كان هناك 150 ألف ضابط وجندي في الشارع، إحنا كنا بنناضل حتي لا يؤذي أي مصر ونحارب علشان مصر تفضل مصر وهتفضل مصر'.
وقال 'لا تخافوا علي مصر، جيش مصر لن يترك الدولة تسقط أبدًا، لا تقلقوا لازم يكون عندنا أمل وثقة كبيرة في بكرة، بكرة حتشوفوا مصر أم الدنيا وهتبقي أد الدنيا'.
صفق الحاضرون كثيرًا، عاد الأمل مجددًا إلي النفوس، أدرك المصريون أنه لا خوف علي مصر، طالما كان هناك جيش عظيم، وقائد فذ.
بعد هذا الخطاب عقد مكتب الإرشاد اجتماعًا هامًا تدارس فيه الموقف في ضوء ما صرح به الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وقرر إعداد خطة يمكن من خلالها الإطاحة بوزير الدفاع والقادة العسكريين الآخرين.
كانت الخطة هذه المرة، هي إعادة إنتاج لسيناريو 5 أغسطس، الذي أصدر فيه الإخوان تعليماتهم لجماعة أنصار بيت المقدس 'جناحهم العسكري' بقتل ستة عشر جنديًا في رفح في شهر رمضان من عام 2013، ليتخذ من ذلك حجة لإبعاد المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
في هذه المرة كانت تقضي بخطف سبعة من الجنود بقرار من خيرت الشاطر، وكان الهدف هو اتخاذ الحادث تكئة لإحداث تغييرات كبري داخل المؤسسة العسكرية.
وفي 16 مايو 2013، فوجئ الرأي العام بالحادث وتفصيلاته المريبة، وهو ما دفع مصدر عسكري إلي أن يصدر بيانًا قال فيه 'إن الجيش لن يسمح بأن يُستغل هذا الحادث لعزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي بأي حال من الأحوال'.
وكان من الغريب أن يدلي الرئيس في هذا الوقت بتصريحات يؤكد فيها علي الحل السلمي للقضية وحرصه علي سلامة الخاطفين والمخطوفين، وهو نفس ما رددته قيادات الإخوان.
في هذا الوقت نشر موقع 'الحرية والعدالة' فيديو للجنود المختطفين تعمدوا فيه إهانة وزير الدفاع في الوقت الذي أشادوا فيه بالرئيس مرسي، مما أثار حالة من الاستياء الشديد داخل صفوف القوات المسلحة، وعندما أدرك الإخوان أن الجيش مصمم علي مواجهة الإرهابيين في سيناء، وفك أسر المختطفين تحركت الجماعة علي الفور، وسعت إلي إجراء الاتصالات مع الخاطفين سرًا لضمان إنهاء الأزمة سلميًا.
وعندما بدأت العملية العسكرية الشاملة في التاسعة والنصف من مساء الاثنين 20 مايو2013 لمحاصرة الإرهابيين، وأدرك الإخوان أن هناك جدية للحسم، تم اتخاذ القرار سريعًا، وطلب خيرت الشاطر الافراج عن المخطوفين فورًا، وهو ما تحقق بعد عملية عسكرية استمرت لأكثر من خمس ساعات متصلة، وبذلك فشل مخطط الإخوان الجديد في عزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي ورئيس الأركان الفريق صدقي صبحي وعدد من القيادات العسكرية الكبري علي خلفية هذا الحادث.
وهكذا ظل الصراع بين طرف يحاول إحلال 'الجماعة' محل الدولة، وطرف يسعي إلي إفشال هذا المخطط والحفاظ علي الدولة ومؤسساتها.
كان شهر يونية من عام 2013 هو الشهر الحاسم في تاريخ حكم جماعة الإخوان، كانت النداءات قد انطلقت بالتظاهر يوم الثلاثين من يونية لإجبار النظام علي تبني خيار الانتخابات الرئاسية المبكرة.
كان الكل علي يقين أن 30 يونية سيمثل حدًا فاصلاً بين مرحلة وأخري، وأن الأمر حتمًا سينتهي بإسقاط حكم الإخوان إلي الأبد.
وكانت جماعة الإخوان وحلفاؤها علي يقين من فشل هذه التظاهرات، وقد اقنعوا محمد مرسي بذلك، وفي هذا الوقت حرض الإخوان القوي المتحالفة معهم علي توجيه إنذارتها للمحرضين والمتظاهرين.
لقد أصدرت الجماعة الإسلامية بيانًا شديدًا في هذا الوقت قالت فيه: 'إذا حدثت الفوضي في مصر يوم 30 يونية المقبل، سنتحرك في اتجاه القبض علي قادة الفوضي السياسيين ومساعديهم من الإعلاميين ورجال الأعمال وسيتم القبض عليهم من بيوتهم، والتحفظ عليهم في أماكن خاصة حتي تتضح الرؤية'.
وقال البيان 'يجب محاصرة القنوات الفضائية وعدم السماح بدخول مدينة الإنتاج أو البث منها لأي قناة تدعم الفوضي، وتفاصيل أخري لا يصح ذكرها إلا في الوقت المناسب'.
وابتداء من العاشر من يونية وضع الإخوان جدولاً زمنيًا يتضمن العديد من الفعاليات التي تستهدف الحشد للقوي الإسلامية والجماهيرية لمواجهة مظاهرات الثلاثين من يونية.
وكانت أخطر هذه الفعاليات هو مؤتمر 'نصرة سورياً الذي حشد فيه الإخوان أكثر من عشرين ألفًا من أنصارهم وأنصار الجماعات المتحالفة معهم، حيث وجهوا رسائل حادة ضد معارضيهم، دون أن يحرك ذلك ساكنًا للرئيس مرسي الذي أكد في هذا اللقاء أن الجيش والشعب المصري لن يتركا سوريا.
كان الهدف هو جر الجيش إلي المعركة مع نظام بشار الأسد وإشغاله بها، بعيدًا عن التحركات الشعبية المنتظرة، إلا أن رسالة الجيش كانت قوية، ورفض الانخراط في هذا المخطط التآمري.
في هذا الوقت بدأت الضغوط الخارجية تتوالي محذرة من تدخل الجيش المصري في حال تدهور الأوضاع، لقد اطلقت السفيرة الأمريكية 'آن باترسون' تصريحًا في لقاء لها بمركز ابن خلدون قالت فيه: 'إن أمريكا لا ترحب بعودة الجيش مرة أخري للحكم في مصر أو الانقلاب علي الرئيس الذي جاء بالصندوق'.
لقد صرح مصدر عسكري لقناة العربية ردًا علي ذلك بالقول 'إن القوات المسلحة لا تقبل الضغوط أو التدخل في شئونها الداخلية من أطراف خارجية بذريعة الديمقراطية'، وقال 'إن قرار القوت المسلحة بالدفاع عن مقدرات الوطن وتطلعات الشعب المصري، نابع من مبادئ عملها الوطني، وأنها تلتزم في ذلك بمعايير الشرعية إلا في تعارضها مع إرادة الشعب ورؤيته نحو التغيير'.
لقد بدأت 'آن باترسون' في هذا الوقت زيارة مكوكية إلي خيرت الشاطر ووزارتي الدفاع والداخلية بهدف فرملة أية تحركات عسكرية إلي جانب الشعب المصري في 30 يونية.
وتزايدت حدة هذه التحركات بعد أن أبلغ السيسي ومعه قادة الجيش المصري الرئيس محمد مرسي في قصر القبة يوم 22 يونية 2013 بأن الجيش يحذر من خطورة ما هو قادم، ويري أن الرئيس لابد أن يستجيب للمطالب الشعبية.
كان الوفد مكونًا من الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والفريق صدقي صبحي رئيس الأركان واللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع وقادة الأفرع الرئيسة ومدير المخابرات الحربية اللواء محمود حجازي، والذي عرض تقريرًا بتقدير الموقف الاستراتيجي للأوضاع علي مدي أكثر من ساعة ونصف الساعة.
لم يعط محمد مرسي اهتمامًا للتحذيرات التي أطلقها قادة الجيش، ولذلك بعد أن خرج القادة من قصر القبة، عقدوا اجتماعًا خطيرًا في مبني وزارة الدفاع، اتفقوا فيه علي إصدار بيان تحذيري مرتبط بفترة زمنية يجري توجيهة للجميع للتوصل إلي حل سريع للأزمة.
وفي يوم الثالث والعشرين من يونية 2013 كان بيان القيادة العامة للقوات المسلحة والذي منح فيه مهلة الأسبوع لإنهاء هذه الأزمة، إلا أن محمد مرسي استهان بالأمر، واتفق مع خيرت الشاطر علي توجيه تحذير شديد إلي وزير الدفاع.
وبالفعل في يوم الخامس والعشرين جري اللقاء بين السيسي وخيرت الشاطر وسعد الكتاتني حيث وجه الشاطر تحذيرات وقحة إلي الجيش وطالب السيسي بأن يسحب بيان القيادة العامة للقوات المسلحة وأن يتراجع عن مهلة الأسبوع إلا أن السيسي حذر الشاطر من أن أي محاولة للاعتداء علي الجيش أو علي مظاهرات الشعب المصري في 30 يونية سوف يتم سحقها بكل حسم وبكل قوة، وهو الأمر الذي أربك خيرت الشاطر وأحدث حالة 'هلع' داخل أوساط الجماعة.
في هذا الوقت وصلت معلومات للفريق أول السيسي عن خطة أعدتها الجماعة للقبض عليه وعلي الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان ووزير الداخلية ومدير المخابرات العامة ورئيس جهاز الأمن القومي ورئيس جهاز الأمن الوطني وأعداد كبيرة من العسكريين والإعلاميين وقادة جبهة الانقاذ وشباب تمرد، وأن الخطة سوف يجري تنفيذها مساء 26 يونية.
وقد لعب اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري دورًا محوريًا في إحباط هذا المخطط، عندما أبلغ وزير الدفاع بتفصيلاته ورفض الاستجابة لمطلب رئيس الجمهورية بقيام الحرس الجمهوري بتنفيذ المخطط.
في هذا الوقت أصدر وزير الدفاع قرارًا بنشر قوات الجيش في الفترة من 5 8 من صباح يوم 26 يوليو في انحاء القاهرة والمحافظات، وهو أمر أثار انزعاج الرئيس وشل قدرته علي تنفيذ مخطط الاعتقالات.
كان خطاب محمد مرسي، يوم 26 يونية نقطة فاصلة في مسار العلاقة بين الجيش والرئيس وجماعته، فقد أدرك السيسي أن هذا الخطاب مؤشر علي نهاية النظام، وإيذانًا بسقوطه.
ومنذ الثامن والعشرين من يونية بدأت الجماهير تتدفق إلي الميادين، فكان يوم الثلاثين من يونية يومًا تاريخيًا في حياة الشعب المصري، إذ خرج نحو 33 مليونًا من المصريين يطالبون باسقاط نظام جماعة الإخوان.
بقينا في الشوارع والميادين لساعات طوال وصمم الجميع علي أنهم لن يبرحوا الأماكن إلا برحيل رئيس الجمهورية ونظامه 'المتآمر'!!
حاول وزير الدفاع إقناع 'الرئيس' بالاستجابة لمطالب الجماهير، إلا أن محمد مرسي صمم علي وجهة نظره، وقال إن كل من خرجوا في هذه المظاهرات لا يتجاوز عددهم 120 ألفًا من الرافضين 'للشرعية'!!
لم يكن هناك من خيار بديل، وفي عصر الأول من يوليو أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا تمهل فيه النظام 48 ساعة للاستجابة لمطالب المتظاهرين.
وقد تضمن البيان عدة نقاط هامة أبرزها:
إن القوات المسلحة كطرف رئيس في معادلة المستقبل وانطلاقًا من مسئوليتها الوطنية والتاريخية في حماية أمن وسلامة هذا الوطن تؤكد الآتي:
1 أنها لن تكون طرفًا في دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضي أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديمقراطي الأصيل النابع من إرادة الشعب.
2 أن الأمن القومي للدولة تعرض لخطر شديد جراء التطورات التي تشهدها البلاد، مما يلقي علينا بمسئوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر.
3 إن القوات المسلحة استشعرت مبكرًا خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصري العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوعًا لجميع القوي السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضي دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدي إلي خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته علي هذا النحو الباهر الذي أثار الاعجاب والتقدير والاهتمام علي المستوي الداخلي والاقليمي والدولي.
4 إن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيدًا من النقسام والتصارع الذي حذرنا ومازلنا نحذر منه، خصوصًا أن هذا الشعب الكريم قد عاني ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقي بعبء أخلاقي ونفسي علي القوات المسلحة التي تجد لزامًا أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن علي استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله.
5 إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن الذي لن يتسامح أو يغفر لأي قوي تقصر في تحمل مسئوليتها.
6 تهيب القوات المسلحة بالجميع أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزامًا عليها استنادًا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية، واحترامًا لمطالب الشعب المصري العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف علي تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بمن فيهم الشباب الذي كان ولايزال مفجرًا لثورته المجيدة ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
كانت الأوضاع في البلاد تزداد تأزمًا، أصدرت رئاسة الجمهورية في صباح الثاني من يوليو 2013 بيانًا علي مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد أن بعض العبارات الواردة في بيان القيادة العامة للقوات المسلحة تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في إحداث أرباك للمشهد الوطني المركب.
وفي ظهر يوم الثاني من يوليو التقي الرئيس مرسي بالفريق أول عبد الفتاح السيسي وبحضور رئيس الوزراء هشام قنديل، وفي هذا اللقاء جري حوار حاد بين مرسي والسيسي، حذر فيه وزير الدفاع من خطورة سياسة العناد، فرد عليه محمد مرسي متهمًا الجيش بالتورط لصالح المتظاهرين وأن الإخوان سيبقون في حكم مصر لأكثر من خمسمائة عام قادمة.
خرج الفريق أول السيسي من هذا اللقاء وهو علي يقين أنه لم يعد هناك أمل في استجابة مرسي وجماعته للمطالب الشعبية المشروعة.
وفي مساء ذات اليوم ألقي الرئيس محمد مرسي خطابًا مسجلاً تم تسجيله داخل دار الحرس الجمهوري، أثار حالة استفزاز لكافة مؤسسات الدولة وللجماهير الشعبية.
في هذا الخطاب أكد مرسي علي تحدي إرادة الشعب، وقال إن الشعب قد اختارني رئيسًا في انتخابات حرة ونزيهة، وكنت ومازالت الرئيس الشرعي وسأظل أتحمل المسئولية.
وقال مرسي 'إن الشعب أصدر دستورًا كلفني فيه بمهام محددة وإدارة البلاد، وانني لابد أن التزم بهذه الشرعية وبهذا الدستور وليس أمامي من خيار سوي تحمل المسئولية'.
وقال مرسي 'إن الشرعية التي اتمسك بها هي الضمان الوحيد لعدم ارتكاب أعمال عنف وتفويت الفرصة علي بقايا النظام السابق والثورة المضادة التي تريد العودة من جديد'.
وقال 'إن مؤسسة الرئاسة ماضية في طريقها لتحقيق المصالحة، وانني سأحافظ علي الشرعية ودون ذلك حياتي، وأنه إذا كان الحفاظ علي الشرعية ثمنه دمي فأنا مستعد أن أبذل ذلك'.
وتحدث مرسي في هذا الخطاب عن استعداده لتشكيل حكومة انتقالية لحين إجراء الانتخابات البرلمانية، وقال إن موضوع النائب العام قد حسم بعد صدور حكم نهائي بعودته وأبدي استعداده للموافقة علي تشكيل لجنة التعديلات الدستورية والمصالحة الوطنية إلا أنه رفض الاستفتاء علي الانتخابات الرئاسية المبكرة في هذا الوقت.
ازدادت حدة الاحتقان في الشارع المصري بعد هذا الخطاب، لكن السيسي ظل يحاول إنهاء الأزمة سلميًا حتي اللحظة الأخيرة.
وفي يوم الثالث من يوليو بعث وزير الدفاع بأحمد فهمي رئيس مجلس الشوري ود.محمد سليم العوا ورئيس الوزراء هشام قنديل للقيام بمهمة وساطة أخيرة مع رئيس الجمهورية لاقناعه بقبول الاستفتاء علي الانتخابات الرئاسية المبكرة، إلا أن مرسي تحدي ورفض الاستجابة لأي من هذه المطالب.
تدفق مئات الآلاف علي الميادين والشوارع لينضموا إلي المعتصمين، ولم يكن هناك من خيار أمام القوات المسلحة إلا انقاذ البلاد من خطر الفوضي والحرب الأهلية.
كانت خطوة جريئة، تحدي فيها السيسي رئيس أمريكا أوباما، ورفض كافة المحاولات الأمريكية لإبقاء الجيش في موقف الحياد بين الشعب وسلطة الإخوان.
بعد رفض مرسي الاستجابة للوساطة الجديدة تم استدعاء عدد من قوي المجتمع المدني وشباب تمرد، لتدارس البيان الذي سوف تصدره القوات المسلحة لانقاذ البلاد من المخاطر التي تحيق بها.
صدرت التعليمات باحتجاز مرسي وعدد من مستشاريه داخل مبني الحرس الجمهوري في صلاح سالم، انتظارًا للتطورات التي كانت تشهدها البلاد في هذا الوقت.
وفي مساء ذات اليوم الثالث من يوليو أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي البيان التاريخي للقوات المسلحة والذي تضمن بدء مرحلة جديدة في تاريخ البلاد.
لقد أكد هذا البيان علي عدد من المواقف والقرارات المهمة أبرزها:
1 إن القوات المسلحة لم يكن في مقدروها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي، علي أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولاتزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي.
2 لقد استشعرت القوات المسلحة انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة أن الشعب الذي يدعوها لنصرته، لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعب بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.
3 لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوي السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ نوفمبر 2012، بدأت بالدعوة لحوار وطني، استجابت له كل القوي السياسية والوطنية، وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة، ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت حتي تاريخه.
4 تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقرير موقف استراتيجي علي المستوي الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن علي المستوي الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.
5 في إطار متابعة الأزمة الحالية، اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 22 يونية 2013، حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها الإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها ترويع وتهديد جموع الشعب المصري.
6 لقد كان الأمل معقودًا علي وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب، بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس قوبل انتهاء مدة ال 48' ساعة' جاء بما لا يلبي ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة، استنادًا إلي مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوي الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد، حيث اتفق المجتمعون علي خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي متماسك، لا يقصي أحدًا من أبنائه وتياراته وينهي حالة الصراع والانقسام.
وأشار البيان إلي أن خارطة المستقبل تضمنت عددًا من الخطوات هي:
1 إجراء انتخابات رئاسية مبكرة علي أن يتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
2 يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.
3 لرئيس المحكمة الدستورية سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
4 تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
5 تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة علي الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا.
6 وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية المصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
7 اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكًا في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
8 تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدي جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
وقد أهابت القوات المسلحة في نهاية بيانها بالشعب المصري العظيم بكافة اطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلي مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وحذرت من أنها ستتصدي بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم لأي خروج عن السلمية طبقًا للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها التاريخية والوطنية.
أصابت الصدمة عناصر الإخوان وحلفاءهم ، لم يصدقوا وقائع ما شهدوه ، علي شاشة التليفزيون، انطلقت أعمال العنف، تهدد وتتوعد، وراحت الحشود تزحف إلي رابعة والنهضة وتؤكد أنها عازمة علي اسقاط ما كانت تسمية 'بالانقلاب'.
ومنذ هذا الوقت دخلت البلاد إلي مرحلة خطيرة استهدف الإخوان من ورائها اسقاط الدولة ومحاكمة قادة الجيش والداخلية ورموز العمل الوطني، واسترداد الحكم مرة أخري، وإلا فالقتل وخراب الدولة هو المصير الذي ينتظر الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.