يصدر قريبًا عن الدار المصرية اللبنانية ومركز 'المزماه' بدبي كتاب 'سقوط الإخوان.. اللحظات الأخيرة بين مرسي والسيسي' للكاتب الصحفي الزميل مصطفي بكري حيث يكشف الكتاب في '407' صفحات أسرارًا وتفاصيل جديدة حول فترة حكم جماعة الإخوان التي استمرت لمدة عام. ويتضمن الكتاب تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل انتصار الثورة، وما شابها من تحديات وصراعات بين الشعب والجيش والشرطة من جانب وجماعة الإخوان وحلفائها من جانب آخر. وفي هذه الحلقة يروي الزميل مصطفي بكري تفاصيل المواجهة الحادة التي جرت بين الفريق أول عبد الفتاح السيسي من جانب والمهندس خيرت الشاطر من جانب آخر، وهي المواجهة التي جرت يوم 25 يونية، أي في اعقاب بيان القيادة العامة للقوات المسلحة والتي منحت فيه الرئيس والقوي السياسية مهلة أسبوعًا واحدًا لإنهاء الأزمة المتصاعدة في البلاد. الحلقة الثانية: * الشاطر يهدد: إذا استمر الجيش علي موقفه فلن نستطيع منع الإسلاميين من المواجهة * تحذير الجيش للرئيس أمر مرفوض ولن نقبله ولابد من سحب الإنذار!! * السيسي: الإخوان يتحملون مسئولية الفوضي والخراب.. وأنتم الذين أسأتم للإسلام وللوطن * كل من يحاول التطاول علي الجيش أو الشعب سوف نسحقه بلا تردد * سعد الكتاتني يحاول استيعاب الأزمة والسيسي يؤكد أن الجيش لن يبقي صامتًا الكتاتني يطالب الجيش بحماية 'الشرعية' من 'المؤامرة'.. ووزير الدفاع يرد: المؤامرة في أذهانكم أنتم.. والناس ضجت منكم ويؤكد: الناس انتظروا الرخاء.. فواجهتموهم بالقتل والمرض والجوع والخراب نرفض توجيه التهديد للجيش.. سواء من الميليشيات أو من أمريكا أقسم بالله.. أولادنا سيأكلون.. ويقطعون.. من يعتدي علي الشعب مواجهة بين الشاطر والسيسي!! بعد اللقاء العاصف الذي جري بين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وعدد من كبار قادة القوات المسلحة بقصر القبة يوم 22 يونية 2013، أدرك القائد العام أنه لا أمل ولا رجاء من وراء الرئيس مرسي. في مساء هذا اليوم اجتمع الفريق أول بعدد من قادة القوات المسلحة، ناقش معهم الأمر، وتقرر أن يعلن القائد العام عن مهلة حدها الأقصي 'أسبوع'، وذلك لإنهاء الأزمة الناشبة في البلاد بحيث تستبق الموعد المحدد في الثلاثين من يونية للمظاهرات الشعبية المحدد موعدها سلفًا. وفي صباح اليوم التالي 23 يونية، كان هناك لقاء للفريق أول السيسي مع المشاركين في الدورة التثقيفية الخامسة لرجال القوات المسلحة بنادي الجلاء بمصر الجديدة. وفي ختام هذا اللقاء الذي استمر من العاشرة صباحًا وحتي الثالثة عصرًا أعلن الفريق أول السيسي الإنذار الأول الذي يحذر فيه من خطورة الأوضاع في البلاد وأعطي مهلة أسبوعًا لجميع الأطراف لإنهاء هذه الأزمة. لقد قال الفريق أول عبد الفتاح السيسي في بيانه الهام: 'إن القوات المسلحة علي وعي كامل بما يدور في الشأن العام الداخلي دون المشاركة أو التدخل لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام وولاء رجالها لمصر ولشعبها العظيم'. وأكد الفريق أول السيسي 'أن القيادة العامة للقوات المسلحة منذ توليها المسئولية في أغسطس من العام 2012 أصرت علي أن تبتعد بقواتها عن الشأن السياسي وتفرغت لرفع الكفاءة القتالية لأفرادها ومعداتها'، وقال: 'إن ما تم من إنجازات في هذا الشأن خلال الثمانية أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة'. وأشار إلي أن هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع واستمرارها خطر علي الدولة المصرية ولابد من التوافق بين الجميع، وقال: يخطئ من يعتقد أن هذه الحالة في صالح المجتمع، ولكنها تضر به وتهدد الأمن القومي المصري. وبلغة حاسمة قال الفريق أول السيسي: 'يخطئ من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية، ولذلك لن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه'. وقال: 'أؤكد أن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية وهي جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه بأي حال من الأحوال يستطيع الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها'. وقال القائد العام: 'إن إرادة الشعب المصري هي التي تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسئولون مسئولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدي علي إرادة الشعب، وأنه ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين والموت أشرف لنا من أن يُمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه'. وأكد السيسي أن الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هي إساءة للوطنية المصرية والشعب المصري بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه ولن تقف القوات المسلحة صامتة بعد الآن علي أي إساءة قادمة تُوجه للجيش، وقال بلهجة قوية: 'أرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك علي الأمن القومي المصري'. وأكد الفريق أول السيسي 'أن الجيش المصري هو كتلة واحدة صلبة ومتماسكة وعلي قلب رجل واحد يثق في قياداته وقدرتها، وأن القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسئوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة'. وأنهي الفريق أول السيسي بيانه بالقول: 'إن القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لايجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا من الوقت 'أسبوع' يمكن أن يتحقق خلاله الكثير، وهي دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضره ومستقبله'. أحدث البيان ردود فعل جماهيرية واسعة، بعث الأمل في النفوس، وزاد من إصرار الجماهير علي استكمال مسيرتها لحين إسقاط النظام. اهتزت أوساط جماعة الإخوان المسلمين، زعمت في البداية أن البيان جاء بموافقة مرسي، إلا أن مصدرًا عسكريًا كذَّب هذه الادعاءات، وقال: 'إن مرسي لم يلتق السيسي إلا في الخامسة مساء، أي بعد إعلان البيان'. كان اللقاء بين مرسي والسيسي عاصفًا، لقد احتج الرئيس مرسي علي صدور البيان دون علمه بوصفه القائد الأعلي للقوات المسلحة، وقال للفريق السيسي: 'هذا لا يصح.. أنا القائد الأعلي للقوات المسلحة ولا يحق لك أن تصدر أي بيانات دون علم القائد الأعلي'. قال السيسي: هذا البيان جاء بهدف حماية الوطن والتحذير من مخاطر الأيام القادمة. قال مرسي: لا يحق لكم إصدار بيانات تحذيرية للرئيس. قال السيسي: هذا بيان موجه للجميع، وهو من صميم مسئوليات القوات المسلحة في حماية الوطن والشعب. قال مرسي: أعرف تمامًا حجم مسئولية القوات المسلحة ولكن لا يحق لكم تقديم إنذارات في مواجهة القائد الأعلي والرئيس الشرعي ودون علمه. قال السيسي: أنت تعرف أنه لا هدف لنا سوي إنقاذ البلاد، وقد حضرنا إليك بالأمس وحذرنا من خطورة ما هو قادم، ولكن للأسف لم نسمع ردًا شافيًا، ولا استعدادًا لحل الأزمة الراهنة. قال مرسي: أي حل يجب ألا يكون بعيدًا عن الشرعية وأنا صاحب القرار الأول والمعنيّ بهذه الأمور. قال السيسي: ونحن نتمني عليك أن تستجيب لمطالب الشعب وتقبل بالاستفتاء علي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. قال مرسي: هذا يمثل خروجًا علي الشرعية. قال السيسي: بل يمثل إنقاذًا للوطن. قال مرسي: أنا أرفض هذا الإنذار. قال السيسي: ونحن نتمني عليك أن تجد حلًا للأزمة قبل الثلاثين من يونية، ونحذر من خطورة ما هو قادم. قال مرسي: وماذا عن موقف القوات المسلحة. قال السيسي: نحن نحذر من التصدي للشعب والمظاهرات السلمية، الجيش لن يسمح بذلك. قال مرسي: وهل ستقفون مع المخربين ضد الشرعية. قال السيسي: نحن مع الشعب دومًا، هذه رسالتنا وهذه عقيدتنا ومطالب الشعب عادلة ونطلب منك الاستجابة لها قبل فوات الأوان. قال مرسي: أنا لا أقبل التهديد. قال السيسي: نحن لا نهدد، لكننا نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه. قال مرسي: وأنا أدري بشئون الحكم، وأحذركم من الاستمرار في هذا الطريق. قال السيسي: أنت تعرف أن هدفنا هو حماية الوطن وليس لدينا أي أهداف أخري، ونحن لدينا أمل بأن تستجيب لصوت الشعب حتي نستطيع تجاوز هذه الأزمة، خاصة أن المعلومات التي لدينا تقول إن هناك ملايين المصريين سيخرجون للتظاهر بدءًا من يوم 28 يونية. قال مرسي: معلوماتك غير صحيحة، نحن نثق أن الذين سيتظاهرون هم مجموعات من المخربين والبلطجية، لن يزيدوا علي آلاف معدودة، وسنتعامل معهم. قال السيسي: ونحن نحذر من خطر الاعتداء عليهم، الجيش لن يسمح، ونحن نأمل في تدخلك السريع لإنهاء المشكلة. قال مرسي: عمومًا.. سنري كيف تمضي الأمور. * * * بعد هذا اللقاء انصرف وزير الدفاع، وبدأت الحرب الإعلامية التي قادتها اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان تحرض ضد الجيش وضد القائد العام. اجتمع مكتب الإرشاد في هذا اليوم، وقرر إيفاد المهندس خيرت الشاطر ود.سعد الكتاتني إلي الفريق أول السيسي لتحذيره التحذير الأخير وإبلاغه بالموقف النهائي لمكتب الإرشاد. في صباح اليوم التالي الرابع والعشرين من يونية طلب د.سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة موعدًا عاجلًا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بعد قليل أبلغه اللواء عباس كامل مدير مكتب وزير الدفاع بأن الموعد تحدد في ذات اليوم.. حضر الدكتور سعد الكتاتني وحضر معه المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إلي مكتب القائد العام. كان المهندس خيرت الشاطر غاضبًا، وكان اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعتين فاترًا، وقد دار الحوار مع الفريق أول السيسي حول المهلة التي حددها السيسي في بيانه الذي أعلنه أمام حشد من رجال القوات المسلحة ظهر يوم 23 يونية والذي أعطي بمقتضاه مهلة أسبوعًا للرئيس ولباقي القوي السياسية للتوصل إلي حل نهائي للأزمة التي تعيشها البلاد قبل الثلاثين من يونية. بدأ المهندس خيرت الشاطر حديثه الذي استمر لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة، كان وجهه عابسًا، وكان صوته عاليًا، مما أثار استياء الفريق أول السيسي الذي طلب منه أكثر من مرة أن يخفض صوته ويتحدث بهدوء. قال المهندس خيرت الشاطر 'إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوي داخلية وقوي خارجية، وأن الأخطر أن هناك مؤسسات في الدولة تساعد وتسعي إلي نشر الفوضي في البلاد'. وقال: 'إنه يعز عليه وعلي جماعة الإخوان أن يصدر الفريق السيسي بيانًا هو أقرب إلي الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعي، ويمنحه فيه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، مع أن سيادتكم تعلمون من هو السبب وراء الأزمة والتصعيد الحاصل في البلاد'. وقال الشاطر: لقد استخدمتم سيادتكم لغة في مخاطبة رئيس الجمهورية ما كان يجب استخدامها، وساويتم بينه وبين المخربين ودعاة الفوضي من جبهة 'الخراب' التي نعرف أهدافها الحقيقية، إنه صراع علي الكرسي ياسيادة الفريق بين أناس يريدون القفز دون سند شرعي أو دستوري وبين رئيس منتخب انتخابًا حرًا مباشرًا. وقال: لقد تعرضت البلاد في الفترة الماضية لأعمال عنف وتخريب، وأصارحك القول إننا تعجبنا لموقف الجيش من هذه الأحداث، والغريب أننا نري الآن جهاز الشرطة ينضم أيضًا إلي الجيش في نفس موقفه، حيث أعلن وزير الداخلية أكثر من مرة أنه سيحمي المظاهرات السلمية مع أنه يعلم أنها مظاهرات تخريبية، والأخطر أنه صرح بأنه لن يحمي مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لإحراقها، مع أنه يعرف ويعلم أن هذه المقرات مستهدفة من هؤلاء المخربين. وقال خيرت الشاطر: نحن حتي الآن نلتزم الهدوء وطلبنا من عناصرنا التحلي بالصبر حرصًا علي أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامي بعد ذلك وهي تري المؤامرة تنفذ والجيش يحذر والشرطة تشجع.. أنت تعرف يا سيادة الفريق أول أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد في فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة ثقيلة جاءت إليهم من ليبيا وغيرها، ولا أحد يستطيع السيطرة علي هؤلاء. وقد جاءتني معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يرون المؤامرة تنفذ، ولن يسمحوا أبدًا بسقوط الشرعية وسقوط الرئيس، خاصة أنهم يعرفون أن الدولة 'العميقة' أفشلت كثيرًا من تطلعات وطموحات الرئيس وكأنها أصبحت طرفًا في المؤامرة ضده. وقال الشاطر: 'إن هذا التحذير الذي أعلنته يزيد الأوضاع اشتعالًا ويشجع المخربين علي الاستمرار في مخططهم، وأرجوك ألا تنسي أن الرئيس مرسي هو القائد الأعلي للقوات المسلحة وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبي الكبير، كما أن المجتمع الدولي وأمريكا لن يتركوا الأمور تمضي كما يريد البعض، بل سيدافعون عن الشرعية بكل ما يملكون'. وقال: 'نحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولي في شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أي محاولة للانقلاب علي الشرعية فهو واهم ولذلك أطلب منك يا سيادة الفريق أن تسحب هذا الانذار، وأن تحمي الشرعية وأن تحافظ علي استقرار البلاد. ظل السيسي صامتًا، يستمع دون أن يحرك ساكنًا، كأنه أراد أن يعرف ويتعرف علي آخر ما لديهم. وبعد أن انتهي من حديثه، سأله الفريق السيسي بالقول: 'أنتم عايزين إيه بالضبط، لقد اضعتم كل شيء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذي مارستم عليه القهر والإذلال.. عندما وصلتم إلي السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذي مارستموه علي الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشعب المصري.. وإذا كان هناك من مسئول عن الأحداث التي تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستوري في شهر نوفمبر من العام الماضي والذي دفع البلاد إلي مرحلة خطيرة فكان إعلانًا للفتنة'. وقال السيسي: دعوني أقول إن البلاد منذ هذا الوقت وهي تنتقل من مرحلة إلي مرحلة أخطر، وحتي عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلي مائدة حوار بين الجميع، رفضتم ذلك وعلمت أن د.محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار وعرفت أيضًا أنك لم تكن مشجعًا لهذا الحوار، بالرغم من أنني تحدثت مع د.أحمد عبد العاطي وأبلغته بالهدف من وراء الحوار فاتصل بي الرئيس محمد مرسي بنفسه وأيد الفكرة، لقد تعمدتم وضع القوات المسلحة في موقف صعب، ومع ذلك تحملنا الإهانة وصمتنا، وليتكم صمتم، بل فوجئنا بالمرشد يتقول علي القوات المسلحة ويحرض الجنود والضباط علي قادتهم، وياليت الأمر توقف علي ذلك، لقد كنا مستعدين أن نتحمل الإهانة ولكن إهانة الوطن وتهديد أمنه واستقراره أمر لم نكن نستطيع الصمت عليه. وقال السيسي: أنتم تعلمون أنني حذرت الرئيس أكثر من مرة، وقلت له في شهر نوفمبر إن إعلانه الدستوري سيقود البلاد إلي فرقة وإلي عنف لن يتوقف بسهولة، وقلت له في فبراير: إن مشروعه فشل ولم يحقق أي نتائج ترضي الجماهير بسبب سوء الإدارة وتعمد إقصاء المجتمع كله، وقلت له إن الولاء يجب أن يكون للدولة وليس للجماعة لكنه لم يستمع إلي النصائح المخلصة. وقال السيسي: إن التحذير الأخير كان هدفه حث الجميع وأولهم الرئيس علي انقاذ الموقف قبل 30 يونية وذهبنا إليه يوم 22 يونية، وقلنا له: إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل المشكلة قبل الانفجار المتوقع، لكن أحدًا لا يريد أن يسمع، وإذا سمع فهو لا يلتزم ولا ينفذ ولا يستجيب. لقد اسأتم للدين وكفرتم المصريين جميعًا بالفتاوي التي لا تمت للدين بصلة، وأريد أن أقول لكما نحن لا نتهدد، وأنا أرفض اللغة التي تتحدث بها معي، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك أو من غيرك مرة أخري، وارجو منك ومنكم جميعًا أن 'تلموا' عناصركم وتوقفوها عن التطاول علي القوات المسلحة، أنا أعلم أن حازم أبو إسماعيل وغيره لا يقول كلامًا إلا بالتشاور معكم، والجيش لم يعد مستعدًا للقبول بالإهانة، وأنا أهدئ من مشاعر الضباط والجنود، لكني لم أعد أستطيع بعد أن وصلت الإهانات حدًا لا يمكن السكوت عليه. وقال: يؤسفني أن أقول لك إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين 'يا إما تقتلونا أو تحكمونا' وهذا منطق مرفوض، أين حديثكم عن الديمقراطية وعن احترام إرادة الشعب، الناس لم تعد تثق في هذه الوعود، وأنا أحذر مجددًا من التعامل بلغة الغرور والتعالي علي الناس وعلي القوات المسلحة. هنا تدخل د.سعد الكتاتني وحاول تهدئة الأجواء وقال: 'نحن نقدر للقوات المسلحة مواقفها المتعددة وحرصها علي الاستقرار والأمن ولكن نحن الآن أمام مؤامرة تحاك ضد الشرعية، فما هو الحل؟'. قال الفريق أول السيسي: 'المؤامرة هي في أذهانكم أنتم فقط، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء علي أيديكم فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة فإذا به أمام حكم الجماعة وأمام رئيس لا يخاطب سوي أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسي أن هناك شعبًا قوامه 90 مليونًا، أنا أرفض تهديد الجيش من الميليشيات أو من أمريكا كما يحاول المهندس خيرت الشاطر أن يوحي في حديثه، نحن لا نخاف من أحد، ولسنا طامعين في السلطة ولا نريد العودة للمشهد السياسي مرة أخري، فكفانا ما لاقيناه من إهانة منذ ثورة 25 يناير وكنا نعرف من الذي يحرك ومن الذي يحرض وظننا أنه بوصولكم للسلطة ستتعاملون مع الشعب والجيش بشكل مختلف، ولكن للأسف فإن ذلك لم يحدث، بل العكس هو الصحيح، لقد ازدادت شراستكم وأحدثتم الانقسام في البلاد وأصبح الأخ يكره أخاه، وبدأ المصريون يشهدون أخطر مرحلة في تاريخهم، وكان الكل يعي أنكم أنتم وراء ذلك، إن الحل في تقديري هو أن يقوم الرئيس والجماعة بالاستماع إلي صوت الشعب وتلبية مطالبه، وأنا لا أعرف عن أي استقرار يتحدث المهندس خيرت الشاطر وأنتم في مشاكل مع الجميع: القضاء والشعب والشرطة والجيش ماذا تريدون بالضبط؟! حلوا مشاكلكم مع كل هؤلاء تنتهي الأزمة!! قال الكتاتني: ومن قال إننا ضد الحل، فقط نحن نلوم علي صدور بيان من القوات المسلحة يحذر الرئيس فيزيد النار اشتعالًا ويقوي العناصر المناوئة ويجعلها تصر علي تهديد أمن البلد في 30 يونية. قال السيسي: سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، فالشعب سيخرج في 30 يونية القادم وأنا أحذر من غضبة الشعب، وكان بيان القوات المسلحة هو إبراء للذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبدًا بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندي في أن يوجه الرصاص إلي صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمني ولن نسمح به أبدًا وجيش مصر سيحمي شعب مصر، وأنا أحذر أيضًا من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا علي الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل في يدكم أنتم، اطلبوا من الرئيس الاستجابة لمطالب الشعب، الناس تريد الاستفتاء علي انتخابات رئاسية مبكرة، لماذا تخافون، لو كان الشعب معكم أهلًا وسهلًا، لو كان الشعب يريد انتخابات رئاسية مبكرة فلماذا لا نحترم رغبته، أرجوكم انقذوا البلد، الحل في أيديكم ونحن سنكون سندًا وعونًا لكم إذا استجبتم لمطالب المصريين. قال الكتاتني: أعدك بأننا سنفكر في الأمر جيدًا وسنتواصل مع السيد الرئيس، بحيث يتضمن خطابه غدًا مفاجآت سارة للشعب تنهي الأزمة وتضع حدًا للخلاف. قال السيسي: علي بركة الله ونحن في الانتظار لقد سبق أن قدمنا ثلاثة تقارير للرئيس حذرنا فيها من خطورة الموقف، لكنه لم يستجب لأي من المطالب المرفوعة، وسأعطيها لكما، ولكن المهم في الأمر هو الاستجابة السريعة لمطالب الشعب. قال الكتاتني: سننظر في الأمر ونبلغك بالموقف النهائي. الحلقة القادمة 'خطاب الوداع'