قام وزير خارجية الولاياتالمتحدة، جون كيري، اول امس بزيارة جوبا عاصمة جنوب السودان والتقي بالرئيس سلفا كير وتحدث هاتفيا مع زعيم التمرد المختبئ في الغابة رياك مشار، واسفرت الزيارة عن ترتيب لقاء بين الرجلين المتحاربين، سوف يعقد بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا قريبا. ولان الزيارة كانت هامة في نتائجها وتوقيتها فيمكن اجمال عدة ملاحظات عليها. اولا: اندلع الصراع بين الرئيس ونائبه في الخمس عشر من ديسمبر الماضي واقامت امريكا الدنيا ولم تقعدها وحركت الاممالمتحدة والاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي وهيئة الايجاد، لانقاذ جنوب السودان من الدخول في حرب اهلية. ثانيا: فوضت الولاياتالمتحدة، دول الايجاد، اثيوبيا والسودان واوغندا وكينيا، في التوسط لانهاء الازمة وعقدت الوساطة عدة جلسات للطرفين بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا. ثالثا: تبنت واشنطن جميع مطالب زعيم التمرد رياك مشار، خاصة الافراج عن جميع القادة المتهمين بالضلوع في المحاولة الانقلابية، وهو مااستجاب له سلفا كير. رابعا: طلب، جون كيري، تشكيل حكومة انتقالية وعقد لقاء بين سلفا كير ونائبه المتمرد عليه رياك مشار، وهو ما استجاب له الطرفان. وهكذا بدا ان الاتحاد الافريقي وهيئة الايجاد، قد خرجا من الوساطة وحلت بدلا منهم الولاياتالمتحدة بمفردها، وان كانت عبر اثيوبيا كوكيل معتمد لها في افريقيا، حيث سيعقد اللقاء في العاصمة الاثيوبية وتحت رعاية رئيس الوزراء الاثيوبي، كما نجحت واشنطن في اسبعاد مصر نهائيا من التاثير في الازمة، ويري كثير من الخبراء، ان الحديث عن نشاط الدور المصري في جنوب السودان، هو الذي دفع واشنطن لارسال وزيرخارجيتها لجوبا، وانتزاع كل الملف وتسليمه لاثيوبيا العدو الاقليمي لمصر. الولاياتالمتحدة، نجحت في الماضي في استبعاد مصر عن مفاوضات السلام بين الجنوب والشمال التي عقدت بالمنتجع الكيني نيفاشا، وانتهت بفصل الجنوب عن الشمال في يناير2011، وهي الان تحركت بسرعة مذهلة لاستبعاد مصر عن الجنوب، بل ولجات الي تصدير اخبار كاذبة عن مشاركة مصر في القتال، الي جانب الرئيس سلفاكير، واشاعت ان مقاتلي رياك مشار، قتلوا واسروا عشرات الجنود المصريين، الاسبوع الماضي، ونشرت الصحف السودانية اسماء لمن قتلوا واسروا، وهو نفس الاسلوب الذي كان يتبعه الاحتلال الانجليزي، عندما كان ينشر شائعات ضد مصر، مستخدما اطرافا سودانية. الجنوب الذي يستمد اهميته لمصر، من كونه المنفذ الرئيسي لمرور 15% من مواردها المائية الحالية ويمكنه اضافة 4مليار مترمكعب من قناة جونقلي، يشكل الان اهمية اضافية بهد انضمامه لدول حوض النيل، باعتباره الاقرب لمصر، لان معظم قادته تعلموا في الجامعات المصرية وليس امام مصر من خيار اخر، سوي احتضان الجنوب والعمل علي انقاذه من ازمته، ولايبدو ان واشنطن سوف تسمح لمصر بسهولة باستعادة دورها في السودان خاصة وفي افريقيا عامة، مع الاخذ في الاعتبار ان واشنطن تؤسس لصراع طويل بين القاهرةواديس ابابا من خلال سد النهضة والنزاعات الافريقية.