نجح التدخل الدولي السريع في تخفيف جحيم الحرب بجنوب السودان وتأجيل تحولها الى حرب قبلية، فقد وافق الرئيس الجنوبي سلفاكير، على الذهاب لاديس ابابا للتفاوض ووافق على شرط نائبه المتمرد رياك مشار، وافرج عن 11 قياديا موالين لمشار، تم اعتقالهم من قبل اجهزة كير، منتصف الشهر الحالي. من المقرر ان تبدا الثلاثاء بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا اولى جلسات الحواربين الرئيس سلفا كير الذي ينتمي لقبيلة الدينكا وهي اكبر قبائل الجنوب ونائبه الذي تمرد عليه الدكتور رياك مشار زعيم قبيلة النوير، ثاني اكبر قبائل الجنوب والاكثر تمرسا في الحروب. وقالت مصادر جنوبية للمشهد، ان سلفاكير، خضع للضغوط الكينية والاثيوبية وأفرج عن زعيم قبيلة الشلك والرجل الثالث في الدولة باقان اموم وعشرة من قيادات الدولة المعتقلين منذ منصف الشهرالحالي.. واوضحت المصادر، ان سلفاكير وقيادات الدولة رفضوا بشدة جميع الضغوط السابقة للافراج عن المعتقلين كشرط لمشاركة رياك مشار في مفاوضات الغد باثيوبيا، مشيرا الى ان الرئيس الجنوبي كير، اكد امام البرلمان انه لايستطيع الافراج عن المسئولين عن قتل اكثر من الف جنوبي، معتبرا ان الافراج عنهم هو خيانة لدم الضحايا، واكد المصدر ان إقناع سلفاكير ميارديت باطلاق سراح 11 من قيادات الدولة والحركة الشعبية المعتقلين على رأسهم الامين العام السابق للحزب الحاكم باقان أموم ودينق ألور، وزير الخارجية السابق، جاء عقب ضغوط دولية نقلتها القمة الثلاثية التي عقدت بالعاصمة الجنوبيةجوبا الخميس وجمعت سلفاكير والرئيس الكيني أوهورو كنياتا ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريام ديسالين. قالت المصادر ان الضغوط على كير ، كانت قوية امريكيا، ودوليا واقليميا، حتى انه اجبر على الذهاب الى العاصمة الاثيوبية غدا ليتحاور مع من افرج عنهم، خاصة وان رياك مشار اشترط ان يكون وفده للتفاوض هم جميع المعتقلين بقيادة باقان اموم وليس ربيكا قرنق زوجة الزعيم الجنوبي الراحل جون قرنق، وكشف المصدر الجنوبي عن قيام الوسطاء الافارقة بتخيير سلفا بين الموافقة على شروط مشار او تحمل نتائج اشتعال حرب قبلية مع احتمالات ارتكاب جرائم حرب والمثول امام المحاكم الدولية وبين سرعة الدخول في مفاوضات لانهاء الحرب قبل تحولها من صراع على السلطة الى صراع قبلي، واشار المصدر الى ان الرئيس الامريكي باراك اوباما، اصر على ضرورة قيام سلفا كير، بالافراج عن المعتقلين واتخاذ اجراءات فورية لوقف الحرب . قال توادروس أداروم وزير الخارجية الإثيوبي إن وفدا أفريقيا رفيعا أجرى محادثات هامة ومفيدة مع سلفاكير من أجل إنهاء الانقسام في جنوب السودان الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص. وقال أداروم، ان الاجتماع مع الرئيس سلفاكير كان بناء وصريحا جدا"، وتابع "القضايا التي ناقشناها شملت وقف الأعمال العسكرية وبدءا فوريا في الحوار لتسوية المسألة سياسيا والمعتقلين المشتبه في قيامهم بانقلاب والأزمة الإنسانية".واكد وزير الخارجية الاثيوبي ان الاتحاد الافريقي "لا يؤيد مسألة تنازل الرئيس عن السلطة"، وهو مطلب نائب الرئيس السابق رياك مشار. في اطار الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي على سلفا كير، للقبول بالتنازل عن معاقبة اعدائهم اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ان الاممالمتحدة سوف تقوم بمحاكمة كل مسئول في دولة الجنوب ايا كان، منبها إلى جرائم ارتكبت بشكل قبلي في البلاد، وقال مون، سوف يحاسب الجميع ولن يجدي قولهم انهم لم يكونوا على علم بهذه العمليات، كما تحدثت الاممالمتحدة عن مقابر جماعية في مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي وقالت ان هناك الاف القتلي سقطوا ودفنوا في مقابر جماعية في المدن الجنوبية منذ اندلاع التمرد على سلفاكير، في منتصف هذا الشهر وهو ما اعتبره مراقبون تهديدا علنيا لطرفي النزاع بالملاحقة الجنائية الدولية. من جهته استطاع الدكتور رياك مشار، استخدام ورقة النفط بمهارة، حيث حاصرت قواته حقول النفط في الولايات المنتجة له، ووضع زعيم النوير مصالح الغرب النفطية -98% من دخل الجنوب- تحت سيطرته خلال اقل من نصف شهر من الصراع، الامرالذي مكنه من فرض شروطه بسهولة على سلفاكير من ناحية والوسطاء الدوليين من ناحية ثانية. كانت قبائل النوير بزعامة مشار، قد نجحت في الاستيلاء على ولايتي الوحدة وجونقلي، المتاخمتين للحدود السودانية والمنتجتين للنفط، وقتلت 75 جنديا ينتمون لقبيلة الدينكا ومئات الافراد التابعين للقبيلة، وعلى الفور تم وقف انتاج النفط بالولايتين، بعدما قامت قوات مشار بطرد موظفي شركات النفط وابلاغ الشركات بضرورة مغادرة المنطقة كما اعترفت قوات سلفا كير، بان قوات التمرد سيطرت ايضا على نصف مدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل وهي الولاية التي تنتج 200 ألف برميل من اجمالي انتاج الجنوب الذي بلغ 350الف برميل يوميا نهاية 2012. في السياق ذاته، أعلن ستيفن ديو داو، وزير النفط بجنوب السودان، عن تراجع انتاج بلاده من النفط بمقدار 45 ألف برميل إلى 200ألف برميل يومياً بعد توقف حقول ولاية الوحدة جراء القتال، وقال: توقف ضخ النفط من ولاية الوحدة التي سيطر عليها المتمردون بقيادة مشار. يبقى ان دولة الجنوب التي شهدت تحركا دوليا هو الاسرع في تاريخ النزاعات اختفى فيها التحرك المصري على الرغم من الاهمية الاستراتيجية لجنوب السودان للمصالح المصرية،وعلى الرغم من عمق العلاقات مع جميع الفرقاء في الدولة الحديثة، خاصة وان الدولة التي لايتجاوز عدد سكانها ال10ملايين نسمة تنتج 350الف برميل من النفط يوميا وتتحكم في 15%من موارد مصر المائية وتتطلع اليها أمريكا واسرائيل باعتبارها احد صنابير المياه والحياة الهامة للمصريين.