محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادًا لعيد الأضحى المبارك    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    الدكتور هاني سويلم يتابع حالة الري بالبحيرة خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية الحالية    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي    المنتدى الاقتصادى الأبرز.. أخر مستجدات تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 25-5-2025 والقنوات الناقلة لها    موجة شديدة الحرارة تجتاح البلاد اليوم الأحد.. الأرصاد تحذر من نشاط الرياح المثيرة للأتربة    التضامن الاجتماعي تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    سهل وخرجنا من نص الوقت.. فرحة على وجوه طلاب أولى ثانوي بسوهاج عقب أداء امتحان التاريخ "فيديو"    بعد قليل.. بدء أولى جلسات محاكمة "سفاح المعمورة" أمام جنايات الإسكندرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    مقتل 3 في كييف جراء ضربات جوية روسية جديدة    وزير الزراعة يتفقد المزارع والمشروعات الإنتاجية بدير مارمينا بالإسكندرية    قبل 3 أسابيع من مواجهة الأهلي .. ميسي ينقذ إنتر ميامي من الهزيمة فى الدوري الأمريكي (فيديو)    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    ليبيا..تسريب نفطي في أحد خطوط الإنتاج جنوب مدينة الزاوية    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    تمهيدًا لتعميم التجربة.. مطار الغردقة الدولي يُطلق خدمة جديدة لذوي الهمم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 25 مايو 2025    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    اليوم| فصل جديد في دعوى الفنانة زينة ضد أحمد عز لزيادة نفقة توأمها    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضلون.. و'الظواهر الصوتية'!!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 18 - 04 - 2014

قال لي صديقي: 'أنت لا تري إلا النصف الفارغ من الكوب، مصر مليئة بالنماذج الوطنية المشرفة.. لقد أصبتني أنت وغيرك من الصحفيين بالإحباط'. كان ذلك تعليقًا منه علي مقالي: 'يوسف زيدان.. والعلاج النفسي'، المنشور في العدد الماضي. قلت له: هناك من يدَّعون العلم والمعرفة، وآخرون يدَّعون الثورية، وللأسف هؤلاء يتصدرون المشهد هذه الأيام.. وعلينا ألا نترك الناس فريسة لادعاءاتهم. سألته: ماذا كنت تنتظر عندما أستمع ليوسف زيدان في برنامج تليفزيوني يحظي بمشاهدة كبيرة وهو يسخر من نضال الشعب المصري ضد الاستعمار الإنجليزي، ومن مبادئ ثورة 23 يوليو؟!، بل زين له الشيطان أن يقول: إن مصر لم تعرف في تاريخها 'الإقطاع' ويردد ما ردده من أضاليل وخزعبلات!!.
فأجابني: لكن هذا محبط جدًا.
في اليوم نفسه، وجه لي د.أحمد صالح مدير عام آثار أبو سمبل ومعابد النوبة، دعوة كريمة لحضور حفل توقيع كتابه 'راهب في محراب التاريخ'.
قلت لنفسي.. صديقي لديه كل الحق.. كشف المدَّعين لا يكون فقط بمواجهة أضاليلهم وتفنيد مزاعمهم، ولكن بتسليط الضوء علي غيرهم من الجادين، وهم كثيرون.
ود.أحمد صالح واحد من النماذج الوطنية التي يجب أن تأخذ مكانها الذي يليق بها. فقد عرفته مناضلا حقيقيًا ضد الظلم والفساد، في وقت كان فيه معظم النضال 'سبوبة'.. عرفته باحثًا جادًا ومتميزًا.
وأنا أقرأ عن كتابه الجديد 'راهب في محراب التاريخ' تداعت إلي ذهني تفاصيل كثيرة، تذكرت مناضلين حقيقيين وثوارًا وقفوا في وجه الفساد، وتصدوا لنظام مبارك عبر التصدي لمؤسسات الدولة.. لكنهم للأسف بعيدون عن المشهد بعد أن احتله 'المناضلون الصوتيون' أو من يحترفون 'المهيصة' في الفضائيات أو يمتلكون حناجرَ قوية.. ويحمل قاموسهم العديد من الألفاظ النابية.
في كل مؤسسات الدولة كان هناك من يقفون في وجه الفساد، يتعرضون للأذي والتنكيل.. يقولون كلمة الحق في وجه رئيس ظالم، لكنهم للأسف أو لحسن الحظ لا أدري لا يجيدون اللعب ب'البيضة والحجر'.. وأحمد صالح واحد من هؤلاء.
لقد أسهم الكثيرون وفي كل المجالات عبر مشوار نضالي طويل، في كسر هيبة نظام مبارك وتنمية الوعي الرافض لوجوده، من خلال كشف عوراته وسوءاته، ومواطن الفساد في مؤسساته، ليتكون هذا الرصيد الكبير من الغضب الشعبي الكامن في الصدور، الذي تفجر في 25 يناير، ثم في 30 يونية عندما اكتشف المصريون أن 'نظام الإخوان' صورة مشوهة من نظام مبارك.
في 7 نوفمبر 2004 وعلي هامش معرض 'الفرعون الذهبي الصغير توت عنخ آمون' بألمانيا، أعلنت وزارة الثقافة علي لسان أمين المجلس الأعلي للآثار وقتها د.زاهي حواس موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية علي نقل مومياء الفرعون الصغير من مقبرته بالأقصر إلي القاهرة لفحصه بأشعة 'إكس' وفحص 'الحمض النووي' الخاص به.
وقال د.زاهي إن 'براندو كواليتشي' منتج الأفلام بمؤسسة 'الناشيونال جيوجرافك' سيقوم بعمل فيلم تسجيلي يسجل فيه عملية الفحص.
وقتها خاض الباحث الأثري د.أحمد صالح معركة شرسة حذر فيها من خطورة دراسة جسد توت عنخ آمون عبر جهات أمريكية غير متخصصة، لافتًا إلي أن هناك مزاعم صهيونية تقول إن الأسرة ال18 دخلها ملوك غرباء ليسوا مصريين وأن اليهود هم صانعو الحضارة المصرية في تلك الفترة المهمة في التاريخ المصري.
كان أحمد صالح يدعمنا في 'الأسبوع' بكافة المعلومات والتفاصيل والحقائق العلمية والتاريخية، وخُضنا 'حملة صحفية' استمرت من شهر نوفمبر 2004 حتي يونية 2005 كشفنا فيها كذب ما حاولت الجمعية الجغرافية الأمريكية أو 'الناشيونال جيوجرافك' ترويجه من معلومات مغلوطة، عبر مشروع مشبوه لدراسة المومياوات، ونجحنا في وقف العبث بحضارتنا وتراثنا إلي حد كبير.
كان كل يوم يمر ينضم فيه إلينا العديد من المثقفين والآثاريين والباحثين والخبراء، حتي أن د.صالح بدير عميد كلية طب قصر العيني الأسبق، والمدير التنفيذي لمشروع دراسة المومياوات وقتها استقال من منصبه، وأكد في حوار أجريته معه صدق ما ذهبنا إليه في صحيفة 'الأسبوع' مشيرًا إلي أن محاولات تشويه الحقائق أو الأهداف المشبوهة لعملية الفحص هي ما دفعته للاستقالة.
ليس هذا فقط بل منحنا د.صالح بدير 'رحمه الله' الأوراق الكاملة لمشروع 'الناشيونال جيوجرافك' وخطتهم لفحص المومياوات، وما تنطوي عليه من أكاذيب ومحاولات لقلب الحقائق لإثبات أمور بعينها، من بينها أن المصريين القدماء كانوا آكلي لحوم بشر!!.. وكان نشر هذه التفاصيل كفيلا بتوقف المشروع تمامًا.
وفي الوقت الذي كنت أتلقي فيه الإعجابات والتهاني بعد نجاح 'الحملة الصحفية' وتوقف مشروع دراسة المومياوات، وفضح أهدافه، وتحجيم دور الجمعية الجغرافية الأمريكية، كان أحمد صالح يتعرض للمحاكمات التأديبية، والوقف عن العمل، والنقل التعسفي، وأحيانًا التشويه في بعض الصحف علي لسان رؤسائه الذين كانوا يعتبرونه موظفًا مارقًا مشاغبًا.
وبعيدًا عما ذكره أحمد صالح في كتابه حول المعركة التي تصدي فيها لمشروع فحص المومياوات، ودوره في مواجهة محاولات السطو علي التاريخ المصري القديم، يضم الكتاب مجموعة من الموضوعات القيِّمة، الجديرة بالقراءة.
تقوم فكرة كتاب 'راهب في محراب التاريخ' علي 'مدونة' أحمد صالح التي كانت تحمل نفس العنوان وكان يكتب من خلالها مقالات تتعلق بالتاريخ والحضارة المصرية القديمة، وتناول فيها الموسيقي في مصر القديمة ومستحضرات التجميل وصناعتها وولع المصريين بالعطور لدرجة أن المؤرخ الروماني 'بليني' قال إن العطور المصرية كانت تحتفظ برائحتها مدة ثماني سنوات.
كما يتناول أحمد صالح في كتابه: الملابس في مصر القديمة والوجبات التي كان يفضلها أجدادنا الفراعنة وأدوات وأواني الطبخ، والرياضة في حياة المصريين القدماء الذين عرفوا أغلب الألعاب الموجودة في عصرنا الحديث ومنها المصارعة والملاكمة والوثب والرماية والسباحة والتجديف والمبارزة، حتي لعبة الكرة التي كانت تفضلها النساء.
ويتحدث عن إخناتون 'الفيلسوف' صاحب دعوة التوحيد، وإخناتون 'الفنان' صاحب المدرسة الفنية القائمة علي الواقعية.
وبعنوان 'مصر وإفريقيا' يناقش د.أحمد صالح رؤية الفراعنة واهتماماتهم بإفريقيا وسياساتهم القائمة علي الاستكشاف والاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية للدول الإفريقية.
وحول اهتمام المصريين بعالم الفلك يقدم أحمد صالح أربعة مقالات يُظهر من خلالها براعة قدماء المصريين في إدراك كينونة الكون وشكله ومعرفة الفلك وأدواتهم الفلكية، وأقدم مرصد في العالم وهو مرصد 'النبتة' الذي يبعد عن شمال غرب أبو سمبل 100 كم، كما يتناول قصة عشق المهندس 'سنن موت' للملكة حتشبسوت وكيف ترك في سقف حجرة دفنه خريطة للنجوم والكواكب ترجع إلي القرن السادس عشر قبل الميلاد. كما يقدم د.أحمد صالح في كتابه أيضًا تفاصيل عن عالم النوبة من الناحية التاريخية والأثرية وتاريخ مدن إدفو التي أنجبت الملك مينا ومدينة كوم امبو، ومدينة أسوان السوق التي تربط بين مصر وإفريقيا، ويستعرض رؤية الفراعنة للنوبة وكيف كان الفراعنة يضعون علي برامجهم زيارة النوبة والوقوف علي مشاكلها وحلها مشددًا علي أن قدماء المصريين والنوبيين وحدة واحدة. ويستعرض الكتاب تاريخ مدينة أبو سمبل منذ العصور القديمة وزيارة المستشرقين والرحالة للمدينة وانطباعاتهم عنها، ويصف بالتفصيل معبدي أبو سمبل اللذين بناهما الملك رمسيس الثاني له ولزوجته نفرتاري.. ويوضح كيف كان المصريون يحنطون موتاهم في أقدم العصور الفرعونية.
وأخيرًا يتحدث عن سبع وخمسين مومياء ملكية بالتفصيل وهي المومياوات المعروضة في مصر سواء في قاعتي المومياوات بالمتحف المصري أو في متحف الأقصر أو في متحف التحنيط بالأقصر، وصولا إلي مومياء الملك توت عنخ آمون الذي تحدث عنه في الكتاب بشكل شبه موسوعي بداية من مولده وحياته وزوجته وفترة حكمه ثم وفاته ومقبرته، حتي محاولات العبث بموميائه.
تحية إلي د.أحمد صالح وغيره من الوطنيين الذين تصدوا للفساد، وواجهوا نظام مبارك بالكلمة والموقف، ودفعوا أثمانًا غالية، في وقت كان يعقد فيه البعض الصفقات.. يأكلون علي كل الموائد، أو يناضلون علي هوي أسيادهم في واشنطن.. والآن يتصدرون المشهد بوصفهم ثوارًا ومفكرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.