لن نستعيد ما أهدته الحكومة سوى بمبادرة لعودة المعابد لبيئتها الطبيعية 6الآف مومياء خارج متاحف مصر و المنهوب غير معلوم التفاوض و العلاقات الدبلوماسية أبرز الوسائل لاستعادة الآثار المنهوبة فى محراب التاريخ اجتمعنا ننهل من سحر الحضارة المصرية القديمة التى يتكشف لنا مع الأيام المزيد من أسرارها و خباياها ،ليصحبنا عالم المصريات الدكتور أحمد صالح مدير آثار أبو سمبل ومعابد النوبة بوزارة الآثار، فى جولة بأحدث كتبه "راهب في محراب التاريخ"،الذى ناقشه مساء أمس في مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين في الآثار . الكتاب يحمل نفس اسم مدونة صالح " راهب فى محراب التاريخ " ، و قال صالح عن الكتاب أنه عبارة عن مجموعة من المقالات تتناول عددًا من القضايا الجدلية في الآثار في السنوات الأخيرة ، و منها الجدل الذى ساد حول مومياء الملك توت عنخ آمون ، كما تناول الحياة فى مصر القديمة من الطعام و المطبخ و الملابس و الفلك ، و تحدث عن التاريخ المصرى و علاقته بأفريقيا وتاريخ النوبة و مدينة ابوسمبل السياحية ، كما شمل كتابه بابين حول التحنيط و المومياوات ، و احتوى كتابه أيضا باب للموضوعات المتنوعة . و قال صالح أنه راضى عن الكتاب و يشعر انه أورد فيه كل ما أراد قوله ، و احتلت دراسة دقيقة عن توت عنخ آمون الفصل الأخير من الكتاب ، و رجح فيها صالح أن القائد العسكرى "حور محب" وراء اغتيال الملك توت عنخ آمون أثناء نومه، معضدًا ذلك بالأحداث والدلائل ، مؤكدا أن هذا رأيه الشخصى و الذى كونه بناء على أن حور محب هو الوحيد المستفيد من اختفاء العائلة الأتونية كلها، حيث بدأ فى محو ديانة آتون وإخناتون. و كشف صالح أن جسد الملك تعرض للفحص أربع مرات في أعوام "1925 و1968 و1972 و2005" ما يجعله أكثر ملوك مصر تعرضا للفحص الجسدي وأكثر من تقنية طبية طبقت عليه، وبالرغم من ذلك لم يتم الجزم بأسباب وفاته. وواصل : أن ملامح الأشعة السينية التي أخذها البريطاني رونالد هاريسون عام 1968 للمومياء هي مفتاح حل سبب موت توت عنخ آمون، حيث أظهرت تلك الأشعة وجود بروز أعلي العنق في المنطقة الخلفية للرأس، ووجود انخفاض دائري بجوار الأذن اليسرى عليه بقعة دم متجلطة، ما يعني أن الملك تعرض للاغتيال بالضرب بآلة أو عصا أثناء نومه ، رافضا تفسير بعض العلماء لموت الملك الصغير بأنه مجرد حادثة عربة ، مؤكدا أن كسر الركبة الذى اعتمد عليه العلماء فى تحليلهم ، حدث بعد وفاة الملك على يد المكتشف هوارد كارتر والطبيب دوجلاس دري أثناء نزعهما للجسد من التابوت. وأشار صالح أنه تعرض للعديد من العقوبات و الجزاءات و البعض أخذ منه موقف بسبب آرائه حول توت عنخ آمون ، وردا على استفسار " شبكة الإعلام العربية محيط " حول تلك العقوبات ، أجاب صالح أن توت عنخ آمون كان سببا فى صدامات كثيرة مع د. زاهى حواس وزير الدولة لشئون الاثار المصرية الأسبق امتدت من عام 2002 و حتى 2010 ، بدأت عندما صرح صالح بأن المومياء التى تم استردادها من أمريكا ليست لرمسيس الأول ، كما اختلفا على مومياء حتشبسوت . و أقصاه حواس من منصبه كمدير لمنطقة أبوسمبل فى 2005 ، عندما أثار صالح ضجة كبيرة اعتراضا على موافقة زاهى حواس على نقل مومياء توت عنخ آمون من الأقصر للقاهرة ، و ما يترتب على ذلك من إضرار إضافى بالمومياء ، فأقصاه عن منصبه ، بعد أن أدت الضجة لوقف قرار النقل ، و تم خصم 15 يوما من راتب صالح بحجة أن تصريحاته فى الصحافة مسيئة للمجلس الأعلى للآثار ، و أنه شخص مثير للمشاكل و جاهل علميا عندما صرح أن مومياء توت عنخ آمون ستتحول لرماد خلال 30 عاما بسبب سوء التهوية . و حيا صالح هذا الجهل الذى أنقذ مومياء توت عنخ آمون من خطط حواس الإعلامية الغربية ، و جعل البرلمان يصدر قراره بوقف نقل المومياء ، و تحديد فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق عدد زوار مقبرة توت عنخ آمون ل 400 زائر فى اليوم بدلا من 2000 . و ظل السجال بين حواس و صالح لأعوام ، خلالها رفض حواس انضمام صالح لفريق ترميم المومياوات الأثرية مؤكدا أن هذا ليس اضطهاد ، و لكن رأى صالح فى ذلك اضطهاد شخصى بعد أن أحاله للشئون القانونية و الإدارية 42 مرة طوال عامين من 2005 و حتى 2007 . و قال صالح خلال الندوة أن حتى الآن هناك جدل حول الجسد الذى اكتشف و نسب لأخناتون ، و حول علاقته بتوت عنخ آمون ، موصيا بأن تجرى مزيدا من الدراسات فى هذا الشأن . و عن النوبة قال صالح أنها لم تطالب بالانفصال أبدا طوال تاريخها ، و تابع أن النوبيين ساهموا في الجيش المصري طوال التاريخ بفرقة عسكرية تسمي "مدجاي" كان لها دور كبير في كل انتصارات الجيش طوال التاريخ الفرعوني، واشتهرت هذه الفرقة ببراعة في الرماية بالسهام . أما بشان قضية الآثار المعروضة فى الخارج فقال صالح أن هناك 6 الآف مومياء خارج متاحف مصر و هذا عدد المعروض فقط ، بخلاف ما تم تهريبه و لا يوجد حصر لعددها . كما عقب صالح على قضية الآثار المهربة قائلا : أن العلاقات الدبلوماسية و التفاوض من أبرز الوسائل لاسترجاع الآثار ، أما المعابد و الآثار التى أهدتها الحكومة المصرية لأوروبا عام 1964 ،فالحكومة لن تستطيع أن تسترجع ما أعطت ، و راى أن الحل فى إطلاق مبادرة لاستعادة المعابد لبيئتها الطبيعية . و عن مكأفات إعادة القطع الآثرية عند اكتشافها من قبل المواطنين، قال صالح أنها موجودة بالفعل و لكن غير مفعلة حاليا بسبب الوضع الاقتصادى الذى تمر به مصر، مواصلا أن ووزارة الآثار منذ ثورة 25 يناير ليس لها ميزانية و تعتمد على وزارة المالية فى صرف المرتبات ،و طالب صالح الإعلام بعدم الاعتماد على الجروبات الأُثرية التى بها هاوين لا يعرفون شئ عن الآثار ، و أن يتعاملوا فقط مع المختصين و خبراء الآثار ، و أوصى فى نهاية حديثه بإعادة صياغة مناهج التاريخ ،بالتنسيق بين وزارة التعليم العالى و التربية و التعليم ووزارة الآثار . و فى نهاية الندوة كرمت مكتبة القاهرى الكبرى د. أحمد صالح لمجهوداته فى مجال الآثار ، و الجدير بالذكر أن "راهب في محراب التاريخ " هو الكتاب الثالث للمؤلف حيث نشر له من قبل كتاب "التحنيط " وهو أول كتاب باللغة العربية يتناول علم التحنيط في مصر القديمة، وكتاب "المومياوات الملكية" باللغة الإنجليزية.