طلب حمدين صباحي مناظرة السيسي أكثر من مرة، ومن المتوقع أن يكرر طلبه مرارا وتكرارا فما سر إصرار حمدين علي مناظرة السيسي؟ الرجل وفريق عمله يعلمون تمام العلم أن ثمة تفوقا واضحا للسيسي ، ولو استمر الحال علي ما هو عليه فسيفوز السيسي باكتساح، هو بطل شعبي في عيون أنصاره ومحبيه، يري البعض فيه عبد الناصر نصير الغلابة والفلاحين، وآخرون يرون فيه دهاء السادات القادر علي التعامل مع المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، البعض يمنحه الثقة من منطلق ثقته في المؤسسة العسكرية، وفريقا آخر يردد: لو لم تكن للسيسي من حسنات سوي التخلص من حكم الإخوان فهي تكفي، كل يري السيسي من منظاره الخاص، وتفوقا واضحا لا تخطئه عين يجعل ندية المنافسة مع الرجل ضربا من الخيال، ومن ثم كان علي حمدين أن يسعي جاهدا لوضع حد لهذا التفوق إن أراد أن يستمر في السباق، غير أن أدواته محدودة للغاية وهامش المناورة ضئيل، والبدائل شحيحة، فهو لن يعزف بعد الآن علي وتر الناصرية بعد أن تخلي عنه قطاعا واسعا من الناصريين علي رأسهم أسرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كما أنه لن يحتكر وحده الثورة لا سيما أن قطاعا واسعا من الثوار تخلو عنه لصالح السيسي، كما أن المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها السيسي عضدت وساندت الثورة، ليخرج الشعب بهتافه الشهير ' الشعب والجيش ايد واحده'، لن يستطيع أن يلصق تهمة الفلول بالسيسي، فقد اختير وزيرا للدفاع في زمن الإخوان حلفاء حمدين إلي وقت قريب، أيضا ورقة الغلابة والفلاحين أصبحت غير ذي جدوي بعد أن انحاز قطاعا عريضا من العمال والفلاحين إلي السيسي وقد كان صباحي يعول عليهم كثيرا، لن يكتسب حمدين نقاطا مؤثرة فيما يتعلق بالدولة المدينة عند محاولته وضعها مقابل الدولة العسكرية، لا سيما بعد دعم كثير من الليبراليين والثوار للسيسي، كما أن الدستور كفل مدنية الدولة بصرف النظر عن ميول وهوي رأس النظام، حتي من الناحية الدينية، عرف عن السيسي تدينه كما أن كثيرا من المحسوبين علي التيار الإسلامي أعلن صراحة دعمه للسيسي. وعندما تكون الخيارات محدودة هكذا، وليس لدي المرء ما يخسره، قد يلجأ إلي المقامرة، وطلب حمدين المتكرر لمناظرة السيسي يندرج في هذا الإطار وذلك للحد من شعبية الرجل وكسر تلك الهالة المتعاظمة له في نفوس المصريين وهم في طريقهم للبحث عن قائد ملهم. غير أن استمرار تجاهل السيسي لطلب حمدين المستمر بعقد مناظرة بينهما، هو بالتأكيد ليس في صالح السيسي كما أن عقد تلك المناظرة هو أيضا في غير صالح السيسي، فقد اعتاد حمدين علي مخاطبة الجمهور وأكتسب خبرات في ذلك وبات له حضور ووهج إعلامي بعكس السيسي قليل الحضور قليل الكلام بحكم مهنته السابقة ، فهل ينجح حمدين في تلك المقامرة أم أن فريق السيسي سيجد مخرجا مناسبا لإلحاح الرجل وتشبثه بتلك المناظرة ؟